وكأن أبواب الرزق جميعها غُلقت فى وجوههم، فلم يجدوا سبيلاً لجنى الأموال وتحقيق الثراء سوى انتهاك حرمات الموتى ونبش القبور وبعثرة ما بها من رفات وعظام، بحثًا عن آثار وكنوز فرعونية، قيل إنها مدفونة تحت المقابر.. وتحت جنح الظلام اعتادت مجموعات منظمة تنتمى إلى خمس عائلات فى إحدى قرى محافظة البحيرة، التنقيب عن الآثار بين جثث الموتى دون مراعاة لحرمة أو دين.. الغريب أنهم أشهروا أسلحتهم الآلية فى وجوه الأهالى وهددوهم بالقتل فى حالة الاعتراض على أعمالهم غير المشروعة، وعندما اشتكوا للشرطة والمسئولين لم يجدوا آذانًا مصغية، وفى النهاية لم يجد الأهالى أمامهم سوى التجمع ومطاردة لصوص المقابر فى محاولة للفتك بهم، واضطرت الأجهزة الأمنية لتحرير محضر بالواقعة.. محقق "فيتو" أجرى تحرياته الخاصة حول هذه الواقعة، واكتشف معلومات وتفاصيل غاية فى الغرابة والإثارة، يرويها فى السطور التالية: فى قرية "كوم الفرج" التابعة لمركز أبوالمطامير بالبحيرة، التقى المحقق بعدد من الأهالى وسأل عن حكاية الآثار المدفونة وسط المقابر هناك، ومافيا التنقيب عنها والاتجار بها دون مراعاة لحرمة الموتى.. فى البداية رفض الأهالى الإجابة، مؤكدين أنهم تلقوا تهديدات بالقتل من مافيا الآثار فى حالة الحديث عن هذا الموضوع، وبعد شد وجذب وافق بعضهم على الحديث بشرط عدم ذكر الأسماء.. قال أحدهم: "القرية بالفعل توجد بها آثار فرعونية مدفونة تحت الأرض خصوصًا فى منطقة المقابر، وبين الحين والآخر كان تجار الآثار ينقبون عنها تحت جنح الظلام، ولكنهم لم يتجرأوا على حرمة الموتى.. غير أنهم اعتادوا مؤخرًا على نبش القبور وإخراج الجثث منها وبعثرة العظام والرفات، بعد هدم القبر نفسه ثم يبدءون الحفر تحته بحثًا عن الآثار.. وكثيرًا ما وجدنا الجثث ملقاة بأكفانها فى نهر الطريق وعلى سطح الأرض، وفى بعض الأحيان كانت تختفى الجثث المتوفاة حديثًا، وقيل إن بعض تجار الآثار كانوا يبيعونها لطلاب كليات الطب مقابل مبالغ كبيرة". التقط شخص آخر طرف الحديث وأضاف: "هناك 5 عائلات كبيرة فى كوم الفرج والقرى المجاورة لها بمركز حوش عيسى، تعمل فى تجارة الآثار واستخراجها من تحت جثث الموتى.. وبالفعل عثروا على سراديب تؤدى إلى مقابر فرعونية بها تماثيل ومشغولات ذهبية بكميات كبيرة وحققوا من بيعها ثروات طائلة، فازدادوا طمعًا وراحوا ينبشون القبور بشراسة ويتعاملون مع الجثث بشكل غير آدمى.. وفى المرة الأخيرة ذهب أحد الأهالى لزيارة قبر والدته ليلاً، فشاهد مجموعة من الأشخاص يحفرون فى المقابر.. ظن أنهم يدفنون ميتًا واقترب منهم ليفاجأ بهم يصوبون نحوه بنادقهم الآلية ويهددونه بالقتل لو تحدث عن الأمر.. فى اليوم التالى عثرنا على آثار الحفر وعدد كبير من العظام الآدمية المبعثرة وأسرعنا بدفنها مرة أخرى، وتوجهنا إلى رئيس مدينة أبو المطامير وأخبرناه بالأمر.. لم يقصر الرجل فى عمله وأبلغ مديرية أمن البحيرة وهيئة الآثار بما حدث، وانتقلت قوات الأمن لمعاينة المقابر فى حضور لجنة من الآثار التى قررت ردم جميع الحفر وإعادة بناء المقابر المهدمة. أما مديرية الأمن فقد شكلت فريق عمل لضبط المتهمين المتورطين فى الواقعة"، أحد الأهالى أشار إلى نقطة أخرى قائلاً: " البعض يطلق على القرية اسم "كوم الحنش" ويرجع ذلك إلى اعتقاد سائد بين الجميع عن وجود ثعبان ضخم و"ديك" كبير من الذهب الخالص، تحت مقابر القرية، ولذلك أصبحت مقصدًا لتجار الآثار ومحترفى التنقيب عنها. قبل أن يغادر المحقق القرية أخبره أحد الأهالى بوجود دجال يساعد تجار الآثار فى نبش القبور ويرشدهم على أماكن الكنوز الفرعونية.. لم يضيع الفرصة وراح يبحث عن ذلك "الشيخ" إلى أن التقاه وتحدث معه عن علاقة الجن والعفاريت بالآثار، فقال باقتضاب: " قرية كوم الفرج والقرى المجاورة لها تعوم فى بحر من الآثار الفرعونية، ولكن لا أحد من البشر يمكنه أن يحدد أماكنها على وجه الدقة، ولكل مقبرة من المقابر الفرعونية حارس خاص من الجن، وعن طريق بعض التمائم والتعاويذ والقرابين، يتم تجنيده وترويضه ليرشدنا على مكان الكنوز.. والقرابين ربما تكون دماء حيوانات أو دماء بشرية تسيل فى مكان محدد، وقد تكون بخورًا محددًا سواء من الهند أو المغرب حسب طلب الخادم من الجن، وفى بعض الأحيان نهدد الأهالى بالعفاريت حتى لا يقتربوا من المنطقة المطلوب الحفر فيها.. ومهمتى تنتهى بتحديد المكان وظهور "شاهد" المقبرة وأحصل على أجرى وأنصرف".. الشيخ أضاف إن تجار الآثار يحصلون على ملايين الجنيهات من تجارتهم هذه، وتكون ملايين الدولارات فى حالة بيع الآثار للأجانب.