فرويز: الحكومة تعتقد أن إنكار وجود المشكلة أسهل من البحث عن حلول لها مقال سحر نصر عرض على رئيس الوزراء قبل إرساله للجريدة الأمريكية. الحكومة كانت تخطط لخصخصة الشركات الخاسرة وتراجعت خشية غضب البرلمان والشارع رفع الحد الأدنى للأجور «مستحيل».. وخزينة الدولة لا تتحمل زيادة المعاشات.. لا تريد الحكومة أن تكون سببًا في إصابة المصريين بأمراض الضغط والسكري.. لا تبغي أن تصبح هي السبب الرئيسى والوحيد ل"شلل الشعب"، أو جعله عُرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، ولهذا تفضل دائمًا أن تُخفى عنه الحقيقة المُرة، وتتعامل معه كونه "مواطنًا خارج نطاق الخدمة".. في المقابل.. الشارع يدرك جيدًا ما تريده الحكومة، يتعامل معها بمنطق "دعه يعمل.. دعه يمر".. ولا جديد تحت الشمس المحروسة، إلا المزيد من النفى من جانب الحكومة للأزمات التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، واستمرار حالة "التطنيش" من جانب المواطن.. والأزمات "محلك سر".. ورغم يقين الشارع بأن الأزمة حقيقية، وأبعد ما يكون عن الشائعات، حتى أن مجلس الوزراء كثف في الفترة الأخيرة تقاريره عما يتردد من موضوعات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي سماها بالشائعات، وتحمل نفيا لكل ما يثار. الحكومة نفت وجود أزمة في السكر، والتزمت أيضًا ل"لا لزيادة الأسعار" في حين الشارع يعانى من الأزمة، وكذلك نفت في البداية وجود أزمة في الأدوية والمحاليل الطبية والمستلزمات الطبية حتى أن مستشفيات كثيرة توقفت عن إجراء العمليات بسبب هذا النقص الحاد، وكذلك في أزمة الأرز، وزيادة أسعار تذاكر الطيران. في حقيقة الأمر يمكن القول إن قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" فتح عليها سيلا من المشكلات لم تكن تحسب لها الحكومة حسابا، فالشركات توقفت بالفعل عن استكمال المشروعات بسبب زيادة سعر الدولار ما يؤكد تعرضها لخسائر نتيجة ارتفاع أسعار الأسمنت والحديد ومستلزمات البناء عامة، إلا أن الحكومة في بداية الأمر نفت ذلك وقالت إن المشروعات تسير على قدم وساق، حتى اضطرت إلى تعديل عقود الشركات لاستئناف العمل بالمشروعات في ظل تأكيد رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي أهمية تسليمها في المواعيد المتفق عليها. مسألة وقت مقابل كل هذا كشفت مصادر حكومية أن الإطاحة بحكومة المهندس شريف إسماعيل باتت «مسألة وقت»، فالرئيس عبد الفتاح السيسي يبحث عن التوقيت المناسب لاتخاذ القرار، خاصة أن التقارير الرقابية جميعها لا تصب في مصلحة الحكومة، ونقلت للرئيس أن الشارع دق طبول الغضب بشدة، ما يعني أن استقالة الحكومة قد تكون أفضل الحلول في مثل هذا التوقيت. فرص العمل والبطالة قد ترى الحكومة في تصريحاتها المستفزة للشارع إنها من سبيل التجمل وليس الكذب، فرئيس الوزراء أكد –مرارا وتكرارا- توافر وظائف يصل راتبها إلى 10 آلاف جنيه شهريا، ولا تجد من يتقدم لها، في حين أن معدل البطالة في مصر وصل إلى 12.5% وفق آخر الإحصائيات التي أعلنتها الحكومة ذاتها. وزير القوى العاملة في حكومة "إسماعيل" التزم هو الآخر بنهج رئيس الحكومة، حيث صرح في أكثر من مناسبة بأن الوزارة توفر فرص عمل بالقطاع الخاص يصل راتبها الشهرى ل6 آلاف جنيه شهريًا، وأن الشباب يرفضها ويطلب العمل بالحكومة. مقابل ما سبق وأن أكده رئيس الحكومة ووزير القوى العاملة، خرجت مصادر حكومية لتنفى حديث الوظائف ذات الرواتب المرتفعة، وتؤكد – في الوقت ذاته- أن غالبية الوظائف التي تعلن عنها القوى العاملة لا يتجاوز الراتب الشهرى لها حاجز ال 1000 جنيه شهريا وربما أقل. مقال وزيرة التعاون وفيما يتعلق بأزمة مقال الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، في جريدة «وول استريت جورنال» الأمريكية بعد أن كتبت عن نية الحكومة بيع أو خصخصة شركات المرافق العامة لمواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة، وهو ما تسبب في ردود أفعال عنيفة من البرلمان، الذي رأي أن هذه الممتلكات التي تنوي الحكومة خصخصتها ملكًا للشعب ولا يجوز التصرف فيها إلا بالرجوع لمجلس النواب. وحينما اشتدت الأزمة اضطر المهندس شريف إسماعيل لتكذيب وزيرته ببيان صادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء نفت فيه الحكومة جملة وتفصيلا كل ما ورد بالمقال بشأن الخصخصة، حتى أن المستشار مجدي العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، قال "ما جاء بمقال وزيرة التعاون الدولي من سبيل الأطروحات والأفكار الخاصة بها بعيدًا عن توجه الحكومة". في المقابل، كشف مصادر رفيعة المستوى أن الوزيرة سحر نصر عرضت المقال بالفعل على رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل قبل إرساله للنشر في الجريدة الأمريكية الاقتصادية الأولى واسعة الانتشار، وأن الحكومة كانت تفكر بالفعل في خصخصة بعض الشركات التي تعاني من الخسائر لإنقاذ الموازنة العامة للدولة، لكن رد الفعل العنيف دفع الحكومة إلى تكذيب الوزيرة. أزمة نقص السكر وفيما يتعلق بأزمة نقص السكر استفز الشارع تصريح للواء محمد على الشيخ، وزير التموين، قال فيه إن الوزارة وزعت 202 ألف طن سكر خلال شهر نوفمبر الماضي فقط، رغم أن مصادر حكومية أكدت أن المواطنين صرفوا فرق نقاط الخبز تونة لأنهم لم يجدوا السكر والزيت لدى البقالين التموينيين، كما ارتفع سعر كيلو السكر ل15 جنيهًا رغم تسعير الحكومة له ب7 جنيهات للكيلو و10 جنيهات للمصانع والشركات. رفع الدعم تصريح آخر استفز الشارع ضد وزير المالية الدكتور عمرو الجارحي بعدما قال إن المواطنين طالبوه برفع الدعم عنهم، فيما يتعلق بالبنزين والكهرباء، فالوزير –ووفق مصادر مقربة- اضطر لإطلاق هذا التصريح لمواجهة انتقادات البرلمان لاتخاذ قرار تحريك أسعار الوقود دون الرجوع للمجلس. ورغم أن رئيس الوزراء قال في تصريحات سابقة له إن الحكومة تدرس زيادة المعاشات ورفع الحد الأدنى للأجور، في أعقاب تحرير سعر الصرف، فإنه تراجع عن تصريحاته بعد مرور شهر على تعويم الجنيه، قائلا: "الحكومة لا تفكر في رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1500 جنيه، وقال وزير المالية إن الوقت والظروف الاقتصادية غير مناسبة للحديث عن زيادة المعاشات. معدلات النمو ويبدو أن وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل كان يتحدث بصيغة الأحلام عندما قال إن معدلات النمو في الاقتصاد المصري أعلى من معدلات النمو في الاقتصاد الأمريكي، وهو التصريح الذي صدم كل خبراء الاقتصاد في مصر، الذين لم يتوقعوا أن تصدر هذه التصريحات من مسئول كبير في الحكومة المصرية. تطوير المناهج فيما واصل وزير التربية والتعليم الهلالي الشربيني تصريحاته غير المنطقية قائلا إن مصر يمكنها أن تطور المناهج الدراسية للعالم كله، رغم أن الوزارة وقعت في «حيص بيص» والمناهج لا تزال كما هي دون تغيير، والاجتماعات متوالية في مجلس الوزراء للانتهاء من تطوير المناهج بعد فشل وزير التعليم في التعامل مع الملف، وفق ما أكدته مصادر رسمية. العملة المعدنية كما نفت الحكومة وجود أزمة في العملة المعدنية وصدر بيان يؤكد ذلك عن مركز معلومات مجلس الوزراء، رغم تأكيد مصادر مطلعة بالبنك المركزي المصري وجود عجز في الكمية المطلوبة في الأسواق، وأن البنك لجأ لطباعة عملات ورقية لفئة الجنيه ونصف الجنيه لمواجهة هذا العجز، لكن الحكومة سارعت بالنفي رغم اعتراف البنك المركزي رسميًا بوجود الأزمة ما وضع الحكومة في موقف محرج للغاية مع وسائل الإعلام التي نقلت اعتراف المسئول عن الأزمة ونفي الحكومة وجودها أصلا من الأساس. تزوير معاش تكافل وكرامة ورفضت الحكومة الاعتراف بأن برنامج تكافل وكرامة تعرض للنصب من مجموعة من المواطنين زوروا أوراقًا للحصول على المعاش من وزارة التضامن الاجتماعي، وتشير مصادر بالوزارة إلى أن هناك 200 ألف أسرة من أصل 900 ألف أسرة صرفوا المعاش ولا تنطبق عليهم الشروط، ما يعرض أموال الدولة للنهب والسرقة. وعلمت «فيتو» أن الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، تلقت تكليفًا من المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بتنقية الجداول ومطالبة الأسر التي حصلت على المعاش دون وجه حق برد المبالغ التي صرفت لهم، أو تقديمهم للنيابة العامة بتهمة التزوير والاستيلاء على المال العام.. المعاش. تذاكر المترو وفيما يتعلق بزيادة سعر تذكرة المترو، تخوفت الحكومة من الإعلان عن ذلك صراحة في وسائل الإعلام فتارة يقول رئيس الوزراء إنه من غير المعقول أن يظل سعر تذكرة المترو كما هي، ويشير جلال السعيد، وزير النقل، في أكثر من مناسبة إلى خسائر المترو اليومية، دون أن تصارح الحكومة المواطنين بحقيقة الزيادة أو حجم الزيادة.. وعلمت "فيتو" أن الحكومة اتخذت القرار بالفعل لزيادة ثمن تذكرة المترو لجنيهين، إلا أن جهات سيادية تدخلت وأوقفت القرار لعدم إثارة الشارع، خاصة مع استنفار المواطنين ضد قرارات الحكومة المؤلمة التي أعقبت تحرير سعر الصرف والتي كانت وراء ارتفاع الأسعار بشكل جنوني. من جانبه قال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية: الحكومة المصرية لجأت للكذب على المواطنين؛ لأنه ليس لديها بديل، ومن غير المعقول أن تعلن الحكومة صراحة أنها فاشلة في مواجهة الأزمات، وحكومة شريف إسماعيل رغم فشلها فإنها متمسكة بالسلطة، رغم أنها لا تمتلك رؤية إستراتيجية لمواجهة الأزمات بل على العكس فالمشكلات تتفاقم، فمنذ ثلاث سنوات وجميع مشاكلنا في تزايد مستمر، وهم غير قادرين على مصارحتنا بتلك الحقيقة؛ لأنها ستطرح سؤالا مهما، وهو إذًا فماذا كنتم تفعلون طوال الفترة الماضية؟ وبالتالي يلجئون للكذب وقول أشياء غير حقيقية في محاولة منهم لإرضاء المواطنين. الهروب من الواقع من جانبه فسر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة، كذب الحكومة على المواطنين بالضعف والفشل، بقوله: "الإنسان القوى يواجه المشكلات" مثل القوات المسلحة التي تواجه المشكلات دائما ولا تهرب منها على عكس الحكومة التي تفضل الهروب، كما أنها عاجزة عن إيجاد حلول للمشكلات، لأن معظمها من الأكاديميين، والأكاديمي بطبيعته لا يتفهم المشكلة جيدًا لأنه دائمًا تكون لديه قواعد يتبعها وكل شيء يراه بطريقة نظرية.