الحكومات المتعاقبة تجاهلت الأزمة حرصًا على مصلحتها أولا وخوفًا من غضب المستأجرين ثانيًا شاغلو الإيجار القديم يقولون إن الحد الأقصى للإيجار الذي يوافقون عليه هو 500 جنيه فقط! 5-8 ملايين وحدة بالإيجار القديم مغلقة ما تسبب في رفع أسعار العقارات تلعب الحكومات المتعاقبة "لعبة القط والفأر"، مع ملاك العقارات القديمة، حيث تؤجل حل أزمة الإيجار القديم، خوفا من إثارة غضب شريحة كبيرة من المستأجرين، بما فيهم الحكومة نفسها، والتي يصفها البعض بأنها أكبر مستأجر للعقارات القديمة في مصر، وبالرغم من تشكيل وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة لجنة معنية بإعداد تعديلات لقانون الإيجار القديم، والانتهاء بالفعل من إعداد مسودة كاملة بالتعديلات المقترحة للقانون، إلا أنها مازالت حبيسة الأدارج، وذلك بأوامر "سياسية" وخوفا على شعبية الحكومة، المتراجعة وخاصة بعد تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف وموجة الغلاء التي ضربت البلاد، ويعانى منها الجميع، وفشلت الحكومة في التصدى والتعامل معها لأنها أبرز أسبابها. وعلى جانب آخر، يقود ملاك عقارات الإيجار القديم حملات متتابعة للضغط على الحكومة، لتحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، متهمين الحكومة بتأجيل البت في القضية في رشوة سياسية للمستأجرين، مخالفة بذلك الدستور والقانون والشريعة الإسلامية، ويرى ملاك العقارات القديمة أن استمرار القانون الحالى يمثل تهديدا مباشرا للثروة العقارية المصرية، وأن القانون أدى إلى غياب صيانة العقارات المجمدة، مما تسبب في تصدعها، والإضرار بملاكها، والإضرار بالثروة العقارية المهددة بالانهيار والإضرار بالأرواح والممتلكات. ووفقًا للإحصائيات المعلنة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يبلغ عدد المستأجرين للوحدات القديمة 5.4 مليون مستأجر. المهندس الاستشارى صلاح حجاب عضو لجنة تعديل قانون الإيجار القديم بوزارة الإسكان، الرئيس الفخرى للجمعية المصرية لمهندسى التخطيط العمراني، كشف عن تفاصيل مسودة تعديلات قانون الإيجار القديم الذي أعدته اللجنة التي شكلتها وزارة الإسكان من مجموعة من الخبراء والاستشاريين المعنيين، وبالاشتراك مع مسئولى قطاع الإسكان بالوزارة، وأكد حجاب أن مسودة تعديلات القانون تقوم على تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر وفق ضوابط وآليات معينة، بهدف الحفاظ على حقوق الملاك ومراعاة الظروف الاجتماعية للمستأجرين، لافتا إلى أن مسودة القانون اقترحت زيادات تدريجية في قيمة الإيجارات للعقارات وفقا لتاريخ شغلها، وعلى أن يتم بعدها حساب قيمة الزيادة الإيجارية وفقا لمعدلات التضخم التي يعلنها البنك المركزى المصرى سنويا. وأوضح أن مسودة تعديلات القانون أقرت تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر خلال 7 سنوات، على أن تكون الزيادة في القيمة الإيجارية تدريجية ونسب الزيادة تختلف وفقا لتاريخ إيجار الوحدة السكنية، وحددت التعديلات نسبة الزيادة ب330% للوحدات المؤجرة قبل عام 1952، وتصل ل300% للوحدات المؤجرة قبل عام 1958، فيما حدد نسبة الزيادة ب240% للوحدات المؤجرة قبل 1973. وأشار عضو لجنة تعديل قانون الإيجار القديم بوزارة الإسكان، إلى أن مسودة القانون حددت نسبة الزيادة للوحدات التي تم تأجيرها خلال عام 1963 - 1973 ب170%، فيما تصل ل120% للوحدات المؤجرة قبل 1977، وتصل الزيادة ل90% للوحدات المؤجرة قبل 1981، وبنسبة 45% للوحدات المؤجرة قبل 1984، وبنسبة 15% للوحدات المؤجرة قبل 1989، و7% للوحدات المؤجرة قبل 1991، ويتم تطبيق هذه الزيادات بشكل تدريجى حتى تحرير العلاقة الإيجارية خلال 7 سنوات. وتابع حجاب: التعديلات أقرت إنشاء صندوق خاص لدعم غير القادرين من المستأجرين، بهدف مراعاة ظروفهم الاجتماعية، وموارد الصندوق تكون بنسبة محددة من إيرادات الضريبة العقارية، والموازنة العامة للدولة، مؤكدا أن نمط الإيجار للوحدات السكنية هو الأنسب للمصريين، وكان النمط السائد بالسوق المصرية حتى ثورة 1952 وتدخل الدولة بما أدى لخلق أزمة إسكان في مصر مستمرة حتى الآن، مشيرا إلى أن نمط تمليك الوحدات السكنية بدأ مع تدخل الدولة والحكومة خلال حقبة الاشتراكية، بالرغم بأنه لا يناسب الظروف المالية والاجتماعية للمصريين، منتقدا طرح وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة وحدات سكنية للإيجار ببعض المدن الجديدة ولمدة 7 سنوات وإتاحة إمكانية تمليكها بعد ذلك، متسائلا ما الهدف إذا من المشروع؟ وأشار إلى أن وزارة الإسكان تطرح الوحدات السكنية لمن تصفهم ب"المواطنين محدودى الدخل"، وهو وصف خاطئ وغير صحيح بالمرة، لأن محدودى الدخل تنطبق على كل المواطنين أصحاب الأجور والرواتب المحددة والمعروفة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية والوزراء والموظفين وغيرهم، ولكن هذه الوحدات يجب توزيعها للمواطنين أصحاب أدنى الدخول، وهو الوصف الدقيق والصحيح، وفقا لتصنيف وقيم دخول المواطنين. واتفق، مع الرأى السابق، الخبير العقاري، الدكتور إبراهيم عوض، وأكد أن قانون الإيجار القديم صار غير عادل بالمرة، ولابد من تعديل القانون مع إيجاد صيغة مناسبة وملائمة للمواطنين الفقراء من المستأجرين، مشيرا إلى أن تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر وفق ضوابط بعينها، سيكون له تداعيات إيجابية على السوق العقارية، ويساهم في زيادة المعروض من الوحدات السكنية، خاصة وأن هناك تقارير أشارت إلى أن هناك نحو 5 ملايين وحدة سكنية مغلقة، وأغلبها بنظام الإيجار القديم، وقيمة إيجارها بسيطة للغاية ويرفض مستأجروها التخلى عنها لأسباب مختلفة سواء يتركها لابنه أو حفيده وغير ذلك. وأشار عوض إلى أن هناك نقطة مهمة وهى ضرورة عدم إغفال حق المستأجرين، وخاصة الشريحة محدودة الدخل، مؤكدا على أهمية نص تعديلات القانون الجديد على ضرورة صيانة العقار، وإلزام الشاغلين تنفيذ صيانة دورية للعقار، نظرا لأنه ثروة عقارية يجب الحفاظ عليها، ولحماية أرواح المواطنين وهو الأهم.