فى مثل هذا اليوم من كل عام، يحتفل العالم بأبناء وبنات فقدوا آباءً أو أمهاتٍ، أو الاثنين معاً، لتبدأ رحلة الحياة الصعبة، فإما أن يجد هذا الطفل من الرعاية والاهتمام والحنان ما يجعل منه فردا منتجا، أو أن يودع تحت رعاية من يتخذه مجرد مهنة أو تجارة يحصل من خلاله على أموال طائلة تحت اسم التبرعات. من هنا أكدت آيات ناجى الأخصائية النفسية، على أنه لابد لكل متبرع مهتم بشئون هؤلاء الأطفال أن ينتبه لعدة نقاط قبل أن يضع ثقته فى أى من دور الرعاية التى تكتب على بوابتها شعار "كفالة اليتيم". بداية.. لابد وأن تكون الدار أو الجمعية مشهرة فى وزارة التضامن الاجتماعى، وأن تكون الإدارة فى يد إنسان مشهود له بحسن الخلق ووسطية الدين، بحيث يُحسن إدارة المكان بما يخرج للمجتمع أبناء على درجة عالية من الأخلاق، وفى نفس الوقت يؤمن بجميع الأديان السماوية، فلا ينشأ إنسان متعصب نحو دينه. ويجب أن يكون المعلمون أو الأمهات البديلات على درجة عالية من الوعى بأصول التنشئة الصحيحة، فالدار ليست مكانا للأكل والشرب فقط، بل هى تنشئة متكاملة، بحيث لا ينشأ الطفل وبداخله مشكلة نفسية أو سلوكية أو اجتماعية، ويدرك جيدا أنه فرد من أفراد المجتمع له حقوق وعليه واجبات، وأن الأم أو المربى حينما يوبخه على خطأ فإنه سيكافئه على فعل الصواب. ويظهر هذا بوضوح شديد بمجرد دخول المكان والتعامل مع الأطفال، وما إذا كانوا يشعرون بالحرمان المادى أو العاطفى، ومدى غضبهم واندماجهم مع بعضهم البعض ومع الزوار، وهل يتسمون بنوع من الهدوء النفسى ويحيون حياة الطفولة السعيدة أم أن الهم والحزن يعيق عيونهم عن رؤية أى سعادة. وأصافت: "يظهر من خلال طريقة سلام الأطفال على الزوار، وردهم على المتحدث معهم، وطريقة تقبلهم للهدايا، والألفاظ التى يستخدمونها فيما بينهم ومع الزوار، وهل الطفل قنوع أم طماع، وهل يتحدث فى مواضيع تناسب مرحلته السنية، أم أنه يتدخل فى شئون الكبار". كما يفضل زيارة المكان على فترات متباعدة ومختلفة بشكل فجائى، وملاحظة مدى اهتمام القائمين عليها بصحة الأطفال وإعطاؤهم التطعيمات، وتطبيق الكشف الدورى، ونظافة المكان، ونوعية الطعام المقدم لهم، حتى أنه من حقك أن تسأل الطفل إذا وجدته حزينا أو منزويا بنفسه عن أسباب ذلك. وتؤكد "آيات" على أنه لا ينبغى الانبهار بالمبانى الفخمة، بل الانبهار يكون بنتيجة الرعاية والاهتمام، واكتشاف كل دار للمواهب الرياضية والفنية فى أبنائها، ومدى رعايتهم وتوجيههم وحرصها على مستقبلهم، وأنها لا تتخذهم مجرد تجارة أو تسول. وتتميز بعض الدور عن غيرها باهتمامها بتعليم الأبناء فى مدارس جيدة، بحيث لا تشيع عن الطفل أنه يتيم أو نزيل أحد دور الرعاية، كما توفر لهم ورشا مهنية وفنية تفيدهم فى المستقبل. فقط هذه هى الدار التى تستحق منك أن تحتفل معها بيوم اليتيم، وتشارك فى رسم البسمة الحقيقية لا الزائفة على وجوه الأطفال الأبرياء.