في تسارع مذهل، تحول محمد كمال، العقل المدبر للعمليات النوعية الإرهابية ضد رجال نظام الرئيس السيسي إلى «أيقونة».. نزعة قطبية جديدة في الإخوان ربما بشكل أكثر ترتيبًا، وتوحشًا عن مبادئ سيد قطب، التي أسست للإسلام الجهادي المسلح في العالم. فصول الحكاية لم تبدأ بقتله على أيدي قوات الأمن، خاصة أن الساعات الأخيرة في حياته والتي كانت كالدهر على أتباعه، منذ أن تم الإعلان عن انقطاع التواصل معه، عصر اليوم الذي شهد مقتله، سبقتها أشهر من الخلاف الأيديولوجي داخل الجماعة، من تأييد تام لأوساط كبيرة -وخاصة الشباب- لفكره النوعي والعملياتي ضد الأمن، إلى الحشد لدعمه، بما في ذلك التوحش في النقد ضد قيادات الجماعة التاريخية، وهي عادة لا تظهر كثيرًا، إلا أثناء مواكبة الأحداث المفصلية في تاريخ الإخوان، والتي تشهد تحولات فكرية وتولية جيل وتسليم آخر. ويسعى «الكماليون» والذين أسسوا ما يسمى "التيار الثالث" مع محمد كمال، لتفكيك الدولة المصرية والتغيير بالقوة المسلحة، واختاروا لفكرتهم المُهجنة إرهابيًا عنوانًا لا يرعب الشارع المصري، وسموه «المقاومة الإيجابية». وبحسب مصادر، فإن التيار الكمالي يسعى حاليًا لتبني، وبشكل واضح، ما يسمي «المنهج الثوري المبدع» وهو توصيف مُضطرب لا واقعية له؛ إذ يشيعه الإخوان إعلاميًا على أنه كل تصعيد ما دون القتل، في حين أن كل العمليات النوعية التي قامت بها ميليشيا الجماعة، لم تمر دون إسالة دماء، وإزهاق أرواح وأنفس، بل ذهب التطرف أبعد من ذلك، عبر الاستعراض بنشر صور جثث الضحايا، بطريقة فجة على الصفحات الإلكترونية للحركات الإرهابية التابعة للإخوان، والتي تتصرف بداعشية مبتكرة، ربما أكثر إجرامية من الدواعش أنفسهم. وأكدت المصادر أن شعور التيار الكمالي بنوع من الانتصار على جبهة عزت، بعد الشعبية التي حصل عليها محمد كمال، سواء قبل موته، أو بعد مقتله، جعل من القيادي الإخواني، مجدي شلش، أحد مرافقي "كمال" طوال السنوات الماضية، يقع في خطأ كارثي بالاعتراف على الهواء مباشرة، على إحدى القنوات التابعة للإخوان بتخطيط وتنفيذ عمليات نوعية ضد رجال الدولة المصرية. ولم ينتبه الكماليون للفخ الذين أوقعوا أنفسهم فيه، إلا بعد الهجوم الشرس من الإعلام المصري، وانتهازية جبهة عزت، التي استغلت الحدث الذي شوه صوره الجماعة عالميًا، وأضعف من فرص التعاطف معهم على المستوى الدولي، للتأكيد للأسر والقواعد الإخوانية حكمة الكبار، وأنهم كانوا على حق في لفظهم ل"كمال" وأتباعه، لا سيما أن تصريح "شلش" صّدر وجهًا إرهابيًا للعالم أجمع عن الجماعة، بالاعتراف الذي أدلى به، وأكد فيه مسئولية كمال عن عمليات القتل التي حدثت بحق جهات عدة في الدولة المصرية. وتؤكد المصادر أن التيار "الكمالي" يحاول لملمة أوراقه المتبعثرة حاليًا، خاصة أن موت مؤسسه أصاب كل الخطط بالشلل التام، ويبدو أن التنظيم لا يجد حتى الآن من يخلف "كمال" الذي كان يتمتع بصفات كاريزمية، يفتقدها أغلب قيادات الإخوان على كل المستويات. وفي الوقت الذي يفضل فيه قادة «الكماليون» الانتظار حتى يعود البنيان قويًا، بتولية رجل بنفس كفاءة "كمال" يستطيع مواجهة جبهة عزت، ويقنع الصف الإخواني بحتمية السير في طريق المواجهة الدموية مع النظام، يُصر بعض شباب الحركات الإرهابية، التي تأسست وتلقت تدريبات عالية في كيفية إدارة المواجهات المسلحة، والقيام بعمليات نوعية تستنزف الدولة، دون انتظار عقل خططي يستوعب نزعاتهم الانتقامية، ويرشد جهودهم، ويوزعها على كل المحافظات، حتى ينهك الجهاز الأمني، ويشتت تركيزه مثلما كان يفعل كمال وجنوده.