"ما من بلد يرتبط اسمه بالتاريخ المصرى والنضال المصرى كما يرتبط اسم السويس، ملتقى التجارة بالتاريخ الطويل كله وما أحاط بالتجارة من أحداث التطور السياسى والاجتماعى على مر العصور، ومفتاح الطريق البحرى إلى الشرق قبل قناة السويس وبعد قناة السويس ، وفى التاريخ الحديث فإنه يكفى السويس أن أصبح اسمها علماً على أشرف مواقع النضال الشعبى المصرى وأكملها وأخطرها فى التأثير كنقطة تحول فاصلة سنة 1956" .. هكذا تحدث الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عن السويس، تلك المدينة الباسلة التى ستظل فى ذاكرة مصر والعالم ما بقى الزمن، فهذه المدينة التى أنشأها الفراعنة قبل 7 آلاف عام، دفعت ثمن انتمائها لأرض "المحروسة" على مر التاريخ، ولم لا وهى التى ضحت بكل غال ونفيس فى حروب 1956 و1967، حيث سطر أبناؤها صفحات مضيئة من الفداء والتضحية والجهاد، ولم لا، وملحمة 24 أكتوبر 1973، لا تزال ماثلة فى أذهان المصريين حتى الآن، حيث هزم الفدائيون السوايسة جيش اسرائيل، وهو اليوم الذى تحتفل فيه السويس بعيدها القومي، ولم لا، وقد سقط فى السويس أول شهيد فى ثورة 25 يناير. وبالعودة إلى تاريخ السويس القديم، نجد أن الفراعنة كانوا أول من أسس مدينة على أرض هذه المحافظة، وأول من شق قناة ملاحية تشبه قناة السويس الآن، وهى قناة سيزوستريس التي شيدت خلال عصر الملك سنوسرت الثالث(1878 1840) قبل الميلاد والتي ربطت البحرين الأحمر والمتوسط . وتشير المراجع التاريخية إلى أن مدينة السويس كانت لها أهمية حربية منذ العصر الفرعوني فقد أثبتت حفريات عالم الآثار الفرنسي برنارد برويير أن ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة من الدولة القديمة أقاموا تحصينات في قلعة السويس لصد الغزاة. كانت السويس فى العصر الفرعوني تسمى "سيكوت"، ومحلها، الآن، "تل المسخوطة" على بعد 17 كم، غرب مدينة الإسماعيلية. وقد أطلق عليها الإغريق اسم "هيروبوليس" أى مدينة الأبطال، وفى العصر الإسلامي اشتهرت السويس، التى أسماها العرب الفاتحين "القلزم"، بالتجارة وبناء السفن، ومن هذه المدينة المصرية الباسلة قاد المعلم حسن ، شاهبندر تجار القلزم ، أسطول تجاري لقتال البرتغاليين أمام الساحل الغربي للهند، وكان ذلك في عصر المماليك وتحديدا عام 1505.ميلادية، وفي عام 1516 أقلعت حملة مصرية ثانية من السويس لقتال البرتغاليين وكانت بداية ضم اليمن للدولة العثمانية، وفي عام 1541 هاجمها أسطول برتغالي بقيادة إستفاو دا جاما الحاكم البرتغالي للهند، لكنه انسحب أمام قوة الأسطول العثماني المرابط بالسويس. واكتسبت السويس أهمية تجارية كبيرة فى عهد محمد على باشا، حيث لعب البحر الأحمر دورا خطيرا كطريق ملاحي بين الشرق والغرب هذا إلى جانب ازدياد قيمة الصادرات من بريطانيا إلى الهند وارتفاع عدد المسافرين البريطانيين بطريق مصر بعدما اهتمت الحكومة المصرية بتأمين وسائل النقل والاتصال بين السويس والبحر المتوسط فمهدت الطريق البرى بين السويسوالقاهرة وأمنت الملاحة في البحر الأحمر والسويس وبهذا ازدادت أهميتها كمركز للسلع الواردة من شرق أفريقيا. وقد ازدادت أهمية السويس فى العصر الحديث وتحديدا بعد افتتاح القناة عام 1869، التى كانت، ولا تزال، مطمعا للقوى الكبري، وقد أدى قرار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بتأميم القناة عام 1956، إلى تعرض مصر للعدوان الثلاثي، والذى تحملت فيه السويس وأهلها الكثير، لكنهم قاموا وصمدوا وقدموا تضحيات كثيرة حتى جلاء العدوان. وفى عام 1967 سالت دماء أبناء السويس الطاهرة، وتعرضوا للقصف والتهجير، لكنهم أبدا لم يستسلموا للأمر الواقع، وحتى فى حرب أكتوبر 1973 دفعوا الثمن، ففى يوم 24 أكتوبر سطروا ملحمة صمود تاريخية حيث تصدت المقاومة الشعبية تساندها قوات من الجيش والشرطة للقوات الإسرائيلية المتسللة عبر ثغرة الدفرسوار بقيادة أريل شارون محاولة دخول المدينة واحتلالها وذلك لممارسة ضغط على القيادة العسكرية المصرية وذلك عن طريق احتلال المدينة اعتقادا من الإسرائليين أنهم لن يلقوا أي مقاومة تذكر من سكانها وبذلك يتحقق هدف إسرائيل بتحقيق انتصار باحتلال مدينة السويس التي تعتبر من المدن المصرية المهمة إلا أن المقاومة الشعبية المدعومة ببعض أفراد الجيش قاموا ببسالة وقتلوا العديد من جنود العدوان وحطموا الكثير من الدبابات والمعدات الإسرائيلية. وتبلغ مساحة محافظة السويس، 10 آلاف كيلو متر، وتعد عاصمتها "مدينة السويس" أكبر مدينة على البحر الأحمر، ويحدها شمالاً الإسماعيلية، وجنوباً البحر الأحمر، وشرقاً جنوبي سيناء، وغرباً القاهرة ، وتتكون المدينة من 5 أحياء هى : "السويس" ، وهو حي حضري، فيه معظم الهيئات والمصالح الحكومية ، و"الأربعين" ، و يغلب عليه الطابع الشعبي و"عتاقة" الذى يضم معظم المناطق السكنية والمصانع والشركات ، و"فيصل"، وهو حى يحتوى على المناطق السكنيه حتى طريق القاهرة، و"الجناين" ويغلب عليه الطابع الريفي. وقد كتب الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي واحدة من أورع قصائده حين شاهد بطولات أهل السويس، وهى القصيدة التى غناها المطرب الراحل محمد حمام ، وهذا نصها : يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى أستشهد تحتك وتعيشي إنتِ أستشهد والله وييجى التاني فداكِ وفدا أهلي وأوطاني وأموت ويا صاحبي قوم خد مكاني دى بلدنا حالفة م تعيش غير حرة قفلت بيتي وسكيت دكاني ياشطي و بحري وشبكي وسفينتي يا بيوت السويس يا بيوت السويس هيلا هيلا هيلا يلا يا بلدي اشمر درعاتك الدنيا أهّيه وإن ضاع العمر في سوق المنية رفاقة هانروح السوق نجيبه ونعود ونغني ع السمسية ليكي يا مدينتيي اللي صمدتي يا بيوت السويس استشهد والله وف إيدي أكفاني فداكي وفدا أهلي وبنياني أموت ويا صاحبي قوم خد مكاني دا بلدنا حالفة ما تعيش غير حرة قدمت بيتي وسكيت دكانى يا شطي وبحري وشبكي وسفينتي يا بيوت السويس والله بكرة ياعم أبورية لها نضحك وإحنا ماشيين شوية ع المينا ولا السكة ديا وهاتاخد بنتك وابنك ومراتك ونعدي ع نفس المعدية ونقول يا دنيا والله وصدقتي يا بيوت السويس يا بيوت السويس وأنا عشنا وأنا كنت شديد متعافي أنا لحمك توبك علي لحم كتافي واقضي يومي عرقان وحافي وإن قدمي اتعفر بالرمل الأصفر لأغطس قدمي في البحر الصافي وتعودي أحسن من يوم ما كنتي فى هذا الملحق ، تقدم "فيتو" صفحات من تاريخ السويس وشعبها الباسل ، وتجري حوارات مع أبطالها الشيخ المجاهد حافظ سلامة، وأحمد عطيفي ، وعبدالمنعم قناوى ، وأيضا الكابتن غزالي .. فضلا عن مجموعة من التحقيقات عن أوضاع السويس الآن عقب أحداث جمعة الغضب الثانية فى 25 يناير الماضى وأشياء أخرى.