احتفظ المصريون علي مر العصور، بطقوس الاحتفالات وحب الأعياد، حتي أن هيرودوت قال: «إن المصريين أكثر تقوي من سائر البشر, ويهتمون كل الاهتمام بالشعائر المقدسة، فقد سبقوا شعوب العالم إلي إقامة الأعياد العامة والمواكب العظيمة، ومنهم تعلم الإغريق، ودليلي علي ذلك أن الاعياد تقام في مصر منذ زمن بعيد، ولم يحتفل بها الإغريق إلا منذ وقت قريب.» انقسمت الأعياد المسيحية في مصر إلي سبعة أعياد كبري وسبعة أعياد صغري، بخلاف الموالد الشعبية للقديسين والبتول مريم العذراء، ولقد تميزت هذه الأعياد ببعض المراسم والطقوس، مثل الاكتحال في عيد سبت النور، وزيارة المقابر في الأعياد، وصناعة الكعك الذي يعد من الموروثات الفرعونية، وحب الزينة وارتداء الملابس الجديدة, والحصول علي العيدية أيضاً، والمثير ان تصنيف الأعياد بالكبري، والصغري يعد من الموروثات الفرعونية، فقد كانت أعياد الآلهة الأساسيين مثل رع وآمون تسمي بالأعياد الكبرى، اما أعياد الزراعة والاحتفالات الشعبية فهي الأعياد الصغري، وأطلق أيضاً علي أعياد المسلمين الأضحي العيد الكبير، والفطر العيد الصغير، وأيضًا التبرك بالقديسين في المسيحية وأولياء الله الصالحين في الإسلام تشبه الاحتفالات التي كانت تقام لأوزوريس في العصور الفرعونية . ويأتي عيد الميلاد المجيد علي رأس قائمة الأعياد الكبري، ويختلف المسيحيون المصريون «الشرقيون» عن الغربيين في موعد احتفالاتهم, فمسيحيو الغرب من الكاثوليك والبروتستانت يحتفلون به في يوم 25 ديسمبر، بينما يحتفل مسيحيو مصر والشرقيون يوم 7 يناير – 29 كيهك بالتقويم القبطي – رغم عدم تحديد يوم معين لميلاد السيد المسيح، ولم يبدأ الاحتفال بعيد الميلاد إلا منذ منتصف القرن الأول الميلادي, بعد تحول الدولة الرومانية إلي الديانة المسيحية علي يد الإمبراطور قسطنطين . وكان للأقباط - عبر التاريخ - احتفالات شعبية بهذا اليوم,أشهرها في عصر الفاطميين، بإضاءة المشاعل والشموع، التي كان لها ألوان عديدة وأشكال مختلفة,منها علي شكل تمثال عمود أو قبة, والمزخرف أو المحفور، وتزيين المنازل والأسواق والحوانيت، وكانت توزع فيه الحلوي القاهرية والسمسمية والزلابية, وايضا السمك البوري . واختلفت هذه الصورة في العصر الحالي، ففي ليلة العيد «6 يناير» تبدأ الاسرة في صيام انقطاع – أي بدون طعام – من الساعة الثالثة عصراً إلي الساعة الثانية عشرة, منتصف الليل، وتذهب الأسر عند السادسة مساء إلي الكنيسة ليشهدوا الاحتفال الكنسي، بعده تعود الأسر إلي منازلهم لتجهيز احتفالات العيد، بتجهيز شجرة عيد الميلاد، وفي صباح العيد يقدم الكعك – وهو من الموروثات الفرعونية – ثم يرتدي الأطفال الملابس الجديدة، ثم الذهاب إلي الكنيسة في التاسعة صباحًا لتبادل التهاني وهناك من يذهب إلي المقابر لتوزيع الخبزواللحوم علي الفقراء . وهناك عيد الغطاس ويحتفل به في يوم 19 يناير، ويقام بمناسبة تعميد السيد المسيح علي يد يوحنا المعمدان، في نهر الأردن, وبعدها اتصاله بالروح القدس، وقديمًا كان القبط يخرجون من الكنيسة في مواكب رائعة، ويذهبون إلي النيل,و يسهر المسلمون معهم علي ضفاف النهر حتي مطلع الفجر، وشواطئ النيل مضاءة بآلاف الشموع الجميلة والمشاعل المزخرفة، وكان يوزع يومها النارينج والليمون والقصب وسمك البوري . وفي عيد الغطاس يعقد القداس ليلاً, ويصلي فيه ما يعرف بصلاة اللقان – تكون على حوض ماء – ويقوم القس بدهان جباه المصلين بعلامة الصليب، ومن أبرز العادات الشعبية أكل القلقاس الذي يعد بمثابة بعث جديد, والقصب يرمز إلي الامنيات السمائية نظراً لشموخه. أما عيد القيامة أو الفصح,فهو أكبر الأعياد, ويطلق عليه أيضًا عيد الأعياد أو إكليل الأعياد أو ملك الأعياد، وليس له تاريخ معين،ولكن يحتفل به يوم الأحد الذي يلي سبت النور. ومن العادات المتوارثة للمصريين, في سبت النور, يكتحل المسلمون والمسيحيون، فهذا اليوم يأتي مع موسم رياح الخماسين التي ينتشر معها الرمد الربيعي، وهناك أغنيات خاصة بالأطفال المسيحيين، وهم يكتحلون, مثل « سبت النور عيدنا، واحنا فراحة بسيدنا، سيدنا هدانا، بدمه فدانا، وال لآلي عيانا، والشجرة .. الشجرة الهزازة » . وهناك أيضاً عيد أحد الشعانين, أو ما يعرف بأحد السعف وأحد الخوص وحد الزيتون، ويحتفل به في الأحد السابع من أيام الصوم الكبير,وهو الأحد الذي يسبق عيد القيامة، وترجع تسميته إلي أن الجموع التي خرجت تستقبل السيد المسيح في هذا اليوم، كانت تحمل سعف النخيل وأغصان الزيتون . المصدر : كتاب «مقدمة في الفولكلور القبطي» : تأليف عصام ستاني، مكتبة الأسرة 2010.