توفي منذ قليل الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، شيخ عموم المقارئ المصرية، رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر الشريف عن عمر ناهز 80 عامًا. ولد الشيخ "عبد الحكيم" بمنطقة الدمرداش أمام مسجد المحمدي في السابع عشر من سبتمبر عام 1936، هاجر والده من الصعيد وهو ابن 17 عامًا. أرسله والده وهو في عمر خمس سنوات إلى مكتب المحمدي بمنطقة الدمرداش، فأتم حفظ القرآن الكريم وعمره نحو 13 عامًا، وكان شيخ المكتب في ذلك الوقت إمام عبده حلاوة. التحق عبداللطيف بالمعهد الديني الابتدائي بالأزهر، وبعد أن انتظم في الدراسة أصر والده على أن ينتقل إلى معهد القراءات عام 1950، وكان المعهد قسمين: الأول أمام الجامع، والثاني في الرواق العباسي للشهادة العالية والتخصص، وتتلمذ على يد مشايخ المعهد، الذين كانوا على جانب كبير من العلم، وكان لا يدرس بالمعهد إلا من أجاد القراءات العشر. وقرأ القرآن برواية حفص عن عاصم، وحصل على الإجازة من الشيخ محمود علي بِسَّة، كان محاميًا شرعيًّا، واعتزل المحاماة واشتغل بالتدريس، وكان يحمل الابتدائية الأزهرية والثانوية الأزهرية والعالمية. بعد أن تخرج في المعهد عُين أولًا في التعليم الابتدائي في الإسكندرية لمدة عام واحد، وانتقل إلى التدريس في التعليم الابتدائي بالقاهرة، ودرس بالمعهد الإعدادي والثانوي بالفيوم، ثم انتقل إلى التعليم بمعهد القراءات بالقاهرة. تتلمذ على يديه كثيرون من المصريين وغيرهم، ثم وصل إلى مدرس أول بالمعهد، وانتقل إلى تفتيش المعاهد الأزهرية بالإدارة العامة، ثم رقي إلى مفتش أول عام، إلى أن أحيل على المعاش سنة 1997. عين شيخًا لعدة مقارئ، بدءًا بمسجد الهجيني بشبرا، ومسجد عين الحياة الذي كان يخطب فيه الشيخ عبد الحميد كشك، وكان يجل الشيخ عبد الحكيم، ويحضر المقرأة من أولها إلى آخرها، وكان الشيخ عبد الحكيم أيضًا يجله حيث قال عند ذكره: "رضي عنه، ونور قبره، وأسكنه فسيح جناته"، ثم مقرأة مسجد الشعراني، ثم شيخًا لمقرأة مسجد السيدة نفيسة، ومقرأة مسجد السيدة سكينة، ثم شيخًا لمقرأة الأزهر قبل أن يلقى الله تعالى، وكان وكيلًا للجنة تصحيح المصاحف بالأزهر. عرضت على الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف مشيخة المقارئ المصرية أيام الشيخ رزق حبة، فقال: لا أكون شيخًا لها والشيخ رزق حبة موجود، وبعد وفاة الشيخ رزق تقلدها تلميذه الشيخ أحمد عيسى المعصراوي، ثم تولى المنصب بعدها. وعمل "عبد الحكيم" موجهًا أول لعلوم القرآن والقراءات بالإدارة المركزية لشئون القرآن الكريم بالأزهر الشريف، وشيخ مقرأة الجامع الأزهر، وشيخ جمعية أهل القرآن بالأزهر الشريف، وعضو لجنة تصحيح المصاحف بمجمع البحوث الإسلامية، وعضو لجنة المسابقات السنوية بالإذاعة والتليفزيون وإذاعة القرآن الكريم. عمل شيخًا لمقرأتي الجامع الأزهر لأكثر من أربعين عاما، وموجهًا أول بالأزهر، ورئيس لجنة التحكيم في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، وينتهي سنده إلى الصحابة الكرام وتحديدًا الإمام علي بن أبي طالب. كان يحب الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ودائما مًا كان يدعو له بالرحمة والمغفرة، لأنه رأى فيه التقوى والأصالة، وقال عنه: إن "أنور السادات "كان يختم القرآن في رمضان أكثر من خمس مرات، وكان مواظبًا على الصلاة، وكان يعرف لأهل القرآن قدرهم، وكان حريصًا على راحة الشعب كله، ولم تشهد الأسعار في عهده ارتفاعًا مثل الذي نراه حالياً، وأقول ذلك وأنا لم أقابله مرة واحدة". ومن المقرر أن تشيع جنازة الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف غدًا السبت بعد صلاة الظهر من الجامع الأزهر.