«شدوا الأحزمة».. نداء طالما سمعه المصريون من حكوماتهم، أجيالا وراء أجيال، مطالبة إياهم بالحد من الاستهلاك، والتقشف، ودائما ما تلجأ الحكومات المتتالية إلى تحميل كاهل محدودي الدخل، والفقراء بإجراءاتها التي تستهدف زيادة الموارد، وتقليل عجز الموازنة، وتسديد الديون وأعبائها. «فيتو» استطلعت آراء الخبراء والمواطنين في الإجراءات التي لجأت إليها حكومة الدكتور شريف إسماعيل مؤخرا، من زيادة أسعار الكهرباء، والدفع بمشروع قانون القيمة المضافة، وخطواتها الغريبة، مثل طرح عيار جديد من الذهب «عيار 14». وأكد الدكتور صلاح هاشم، أستاذ الاقتصاد بجامعة الفيوم، أن الفارق بين الحكومة الناجحة والفاشلة، أن الأولى تعتمد في زيادة مواردها على التوسع في خطوط إنتاجها والعمل على النهوض بمنتجاتها، على عكس الحكومات الفاشلة فيكون كل اعتمادها في زيادة مواردها على «عرق العمال»، ونقص رواتبهم، أو الجباية وفرض الضرائب بكافة أشكالها عليهم، وترى الحكومة وقتها أن قراراتها تلك هي الأصوب. وأضاف صلاح هاشم أن الحكومة الحالية، ومن سبقوها، تسير بهذا المنهج، موضحًا أن معظم أفراد الحكومة الحالية وفقًا للتقارير متورطين في قضايا فساد بشكل مباشر أو غير مباشر، متسائلًا: كيف يصلحون وهم الفاسدون؟! كما أكد الخبير الاقتصادي أن تصريحات الحكومة تعد بمثابة إهدار للمال العام، مضيفًا أن معايير اختيار الوزراء خاطئة لأنهم يعتمدون على المعيار الأمني وعلى مدى ولاء الشخص للنظام الحالي، والمعيار الرقابي وهو أن الجهات الرقابية تفضل اختيار الشخص الذي لا يمتلك أية ملفات سابقة. وأشار هاشم إلى استمرار عزل أصحاب الرؤى والفكر المستنير وإبعادهم عن المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية وعدم تبني الدولة لأفكارهم البناءة. وطالب أستاذ الاقتصاد المسئولين في الدولة، بتحري الدقة في اختيار من يمثلون الحكومة ويتحدثون باسمها ويدلون بتصريحات «لا تسمن ولا تغني من جوع»، مناشدًا الحكومة الحالية الابتعاد عن أية قرارات تؤرق المواطن البسيط ومحدودي الدخل والعمل على تنمية العمل بأشكال كثيرة، وعدم الاعتماد على الاستيراد من الخارج والعمل على إعادة تشغيل المصانع المتوقفة مرة أخرى، وعدم الاقتراض من الخارج، موضحًا أن الحكومات الخارجية تعمل على التنمية المستدامة على عكس حكومتنا تعمل على التنمية المستدينة. من جانب آخر، أشاد الدكتور صلاح الجندي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، بالخطوات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، ومن بينها اللجوء لطرح عيار جديد من الذهب «عيار14»، ووصفها بأنها فكرة جيدة، وأنها ستقضي على أزمة ارتفاع أسعار الذهب حاليا. وأوضح أن الارتفاع الشديد في أسعار الذهب ليس في مصر فقط، ولكنه ارتفاع في السوق العالمي أيضا، مضيفًا أن الحكومة وجدت أن ذهب عيار 14 يمكن أن يكون بديلًا قويًا لعيار 18 و21 و24؛ وذلك للارتفاع الجنوني في السوق العالمي. وأضاف أن عيار 14 له ميزة لرخص ثمنه فيصبح في متناول يد الجميع، مناشدًا الأسر المصرية بعدم التمسك الشديد بعيار الذهب سواء كان 18 و21 أو 24، وأيضا عدم شراء الكثير من الجرامات حتى لا تصبح عبئا على المواطن. ورحب أصحاب محال الذهب بقرار طرح عيار 14 في السوق المصرية بأسلوب مطور وبتصميمات وأشكال جديدة، مؤكدين أنه يعتبر شيئًا جيدًا، وأنهم سيستفيدون من ذلك بالتصدير إلى الدول العربية والأجنبية، كما أنه سيساهم في مواجهة ارتفاع أسعار الذهب. وقال أحدهم: "حاجة تسهل الأمور على الشباب شوية"، وعلق صاحب محل آخر أن سعره سيكون مناسبًا وفى متناول أيدى المواطنين، وأنه سيحافظ نوعًا ما على استقرار أسعار الذهب، قائلا: "فيه ناس هتشتريه كتير" مشيرًا إلى أنه سيكون عليه إقبال كبير، وأن ذلك يعتبر خطوة جيدة. في الوقت ذاته فإن "غول الأسعار" يطحن الفقراء دون أن تتحرك الحكومة لإنقاذهم، يضيف معتز محروس -عامل- أن لديه زوجة و4 أبناء ويعول والده، وأصبح توفير الاحتياجات اليومية من السلع والخضراوات لغزا كبيرا يشغله بالليل والنهار وهو مضطر للاستغناء عن ضروريات الحياة، حتى يتمكن من المعيشة، رغم أنه مطلوب منه التوفير من مرتبه الذي لا يكفيه لبناته الثلاث اللائي أشرفن على سن الزواج !