«قضاء مصر فى مهب الريح ، يواجه أغلبية معينة تحاول الانقضاض على مؤسسات الدولة وثوابتها القانونية وبالأخص على السلطة القضائية» .. استغاثة اطلقها مستشارون وقانونيون ، مؤكدين أن القاضى الذى يمكن عزله أو نقله من منصبه أو التحقيق معه فى أى شيء دون إنذار هو قاض غير مستقل ، وغير قادر على إدارة واجبه بحيادية وموضوعية خشية تعرضه للعزل أو النقل الإدارى من جهة ، وأن ما يحدث حالياً وما تشهده وضعية السلطة القضائية فى الدستور الجديد ينم عن كارثة جديدة بين الرئاسة والسلطة القضائية .. أكد الدكتور رأفت فودة- أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة- أن مشروع الدستور القادم يعد مؤامرة من أغلبية معينة للانقضاض على مؤسسات الدولة وثوابتها القانونية وبالأخص على السلطة القضائية ، فيما يتعلق بباب الحريات والحقوق باعتبار أن القضاء هو المختص بتحقيق الحريات العامة ،مضيفا أن هناك العديد من المحاولات لتقليص اختصاص القضاء والتعدى على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا ، فما يحدث فى مصر يدل على أن القضاء أصبح فى مهب الريح. وأضاف أن ما يحدث فى الدستور الجديد يدل على العداء الشديد بين واضعى الدستور والسلطة القضائية فى مصر ،كما أن ما حدث من اعتداء على السلطة القضائية وعزل رجالها لم تشهده أى دولة فى العالم ،فليس من حق السلطة التنفيذية التدخل فى الشئون القضائية . وأوضح فودة أن هناك موقفا متصلبا وخارجا عن نطاق القانون من وزير العدل ونائب رئيس الجمهورية ورئيس مركز حقوق الإنسان والجمعية التأسيسية ضد رجال القضاء وتهديدهم فى قبول إقالة يدل على عدم صلاحيتهم فى مباشرة ما يقومون به وأن الاعتداء على القضاء نتاج للحقد الدفين من رئيس الجمعية التأسيسة لرجال القضاء ولهيبة القضاة والاستقلال ،فما يحدث ضد المحكمة الدستورية العليا وسلطاتها يدل على انتظار كارثة جديدة بين القضاء والرئاسة . المستشار مصطفى الطويل -الرئيس الشرفى لحزب الوفد- أوضح أن وضعية السلطة القضائية فى الدستور القديم وقانون السلطة القضائية يمنعا عزل أى قاض من منصبه ، فالقاضى يعين بقرار جمهورى ، بينما لا يجوز عزله بأى قرار سواء جمهوريا أو غير جمهورى ، إلا إذا ارتكب خطأً فاحشاً أو جريمة معينة ، حينها يحاكم القاضى بمحاكمة تأديبية من رجال القضاء، ثم يتم عزله .مؤكداً أن قرار مرسى بإقالة النائب العام قرار خاطئ مائة بالمائة ، سواء كان قراراً سياسياً أو قانونياً ، لانه عندما يقيل رئيس الدولة قاضياً معناه أننا انتقلنا من دولة القانون لدولة الفوضى ، فمن يعزل قاضيا اليوم فغداً يتم عزل قاض آخر لا نرضى عن الحكم الصادر منه ، وهو ما يعد انتهاكاً لاستقلال القضاء وتدخلا فى أعمال السلطة القضائية ، مضيفاً أن ماحدث من اقالة مرسى للنائب العام ما هو إلا تهريج ومخالفة للدستور والقانون ، وعدم فهم للقانون ، وأنه بعد نفى صدور قرار الإقالة من رئيس الجمهورية لا نعرف من يحكم مصر!؟ وأكد الطويل أن الإخوان عن جهل يعتقدون أن النائب العام هو السبب فى براءة المتهمين فى موقعة الجمل ، بينما النائب العام والنيابة العامة لم تحقق فى تلك القضية ، وحتى لو تم ذلك فهم يصدرون الحكم بعد الاطلاع على الأدلة التى قدمت إليهم والتحقق من صدقها . وبشأن تهديدات العريان للنائب العام وطلبه أن يقبل المنصب بكرامة لأن الخيارات الأخرى ستكون صعبة ، أكد الطويل أن تلك التهديدات تنم عن انهم أناس جهلة قانوناً ، فالعريان طبيب بشرى ولا يحق له التحدث فى القانون وتطبيقاته . وأشار المستشار محمد صلاح أبورجب- المستشار بمجلس الدولة- الى أن المؤشرات تدل على الرغبة الكاملة فى النيل من استقلالية القضاء فى مصر ، والتدخل من جانب السلطة التنفيذية فى أمور السلطة التشريعية وأن ما يحدث دليل على أنهم يخالفون كل مبادئ الديمقراطية ودولة القانون والدليل على ذلك الاعتداء على غالبية أحكام القضاء المصري. وأكد أبورجب ضرورة أن تحصل المحكمة الدستورية العليا والقضاء على كل الحصانات اللازمة لعملهم ، بحيث لا يجوز للتنفيذية أو أى جهة آخرى التعدى على أى فرع من فروع القضاء، قائلا :«إنه إذا كانت مصر تريد دولة القانون فلا يجوز لأى فصيل أن يمارس سيطرته على القضاء ،فقضاة مصر عاشوا أكثر من 30 سنة دون السيطرة على استقلاليتهم ولا نسمح بوجود دستور يقضى على الحرية التى نرغبها». وأوضح أن الدستور القادم يحتاج إلى مجموعة من التشريعات المقننة للحريات الفعالة والقابلة للتنفيذ وليست تشريعات مقيدة ،موضحا أن قضاة مصر لن يسمحوا بسيطرة إخوانية وسلفية على مواد الدستور القادم .