أكد الدكتور محمد الجوادى أن هناك ترابطاً شديداً بين الطغاة والغباء، فالسلطة مع ضيق الأفق وانعدام الوعى والثقافة شكلت كوارث ألمت بالشعب المصري، خصوصاً إذا كان الطاغية يستعين بأدوات القمع الأمنية. وقال في حواره ل «فيتو» إن الطغاة دائماً ما يحاولون الظهور بصورة ولي النعم وان ديكتاتورية عبدالناصر لم يكن هناك ما يبررها وإلي نص الحوار: كيف ترى محمد علي؟ - لا يعد ديكتاتوراً، هو رجل دولة ضيق الأفق، والدليل هو تحلل دولته بعد 5 سنوات من حكمه، الناس لا يطيقون مشاهدة صورته، وقد ألف الشيخ محمد على كتاباً قال فيه: «حينما توفى محمد على باشا لم يكن فى مصر من يدافع عن مشروعه، فقد كان يحكم مصر بالمركزية، وكان مشروعه يبدو كأنه نهضوى وعسكرى واستيطانى وتوسعي، ومثل هذه المشاريع تقتضى منه أن يكون ديكتاتوراً، وقد تعمد محمد على نزع فتيل القوى المضادة وإسكات أصوات الجميع، فتحول إلى ديكتاتور حتى مع زوجته وأبنائه، إذ اعتبرهم معطلين لمشروعه، وكان ينتزع الأراضى من الأغنياء ويعيد توزيعها على الفقراء، لذا أطلق كثيرون عليه -فى حياته- لقب «ولى النعم». والدليل على ضيق أفقه أنه لم يفكر فى تأسيس دستور أو مجلس نيابي، على غرار ما كان يحدث فى أوروبا، فقد مات محمد على عام 8481، وبعد 41 عاماً فى 2681 تم وضع دستور ومجلس نيابى مصري. هل مارس عبدالناصر ديكتاتوريته من خلال «المستبد العادل»؟ - عبدالناصر كان شاباً حينما تولى حكم مصر، لكنه كان ضيق الأفق وضعيف الثقافة، وقرأنا للكاتب الكبير أنيس منصور أن ما يقال عن عبدالناصر «أوهام» صنعها محمد حسنين هيكل، ويقول إبراهيم المعلم: إن كل الصور التى صنعها هيكل لعبدالناصر كاذبة، فهو مجرد عسكرى يريد السيطرة على البلاد، فكان يلفق التهم لمعارضيه، فأين العادل.. إن عبدالناصر مستبد مطلق، وحينما وصلنا لعام 7691 كان عبدالناصر قد نجح فى إفلاس المصريين، فقد وزع الأموال حسب الولاء له، وهذا الاستبداد أدى إلى أن تصبح ميزانية مصر أقل مائة مرة من ميزانية السعودية، كما أن فكرة «المستبد العادل» هى فكرة جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، وقد قام عبدالناصر بتطويرها، عندما رأى مجتمعات مستبدة كالدولة العثمانية، ووسطية ديمقراطية كفرنسا، وديمقراطية حقيقية فى بريطانيا، وعبدالناصر «سمع» فقط عن هذه الدول، فلم يزر عبدالناصر أوروبا، ذهب فقط إلى روسيا وإلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولضيق أفقه لم يفهم ما يدور فى هذه الدول. هل كان السادات آخر الفراعنة؟ - لم يستطع السادات الإعداد لحرب أكتوبر إلا بعد توحيد الدولة ككل، وبعد انتهاء الحرب قام بتفكيك مصر، من عام 8791 حتى مقتله فى 6 أكتوبر 1891، فى خلال الثلاث سنوات الأخيرة من حكمه ترك إدارة مصر فى يد مبارك -الذى كان نائبه- لكنه كان الحاكم الفعلى لمصر، منذ ذلك الحين حتى خلعه فى 11 فبراير 1102، والثلث الأخير من فترة حكم السادات كانت فى يد المخلوع، إذ تضاعفت قيمة السادات العالمية وكان يسعى لإنجاز عملية السلام حتى يحصل على كامل الأراضى المصرية فى سيناء، لذا فقد ترك السادات لمبارك تعيين الوزراء وتشكيل الحكومة، ولأن مبارك كان أضيق «عقلاً» من السادات، فقد التزم بالتعليمات التزاماً حرفياً، لكن المغفلين مثل محمد حسنين هيكل كانوا يذمون السادات خلال آخر ثلاث سنوات من حكمه، مع أن الحقيقة تؤكد أن مبارك «النائب» هو كان الحاكم الفعلى لمصر وليس السادات. مرسي.. هل وضع أقدامه على بداية طريق الديكتاتورية؟ - مرسى لا يستطيع التخيل كثيراً، وهو ملتزم جداً بالهياكل المؤسسية، بحكم أنه أستاذ جامعي، وحسنى مبارك كان كذلك فى الطيران، لكن مبارك يعشق عبدالناصر ويسير على دربه الديكتاتوري، ومرسى يكره عبدالناصر تماماً، لقد سار مبارك على نهج عبدالناصر فى إدارته للأمور، بطريقة الرجل المرعب القادر على إرهاب الناس، هذا «الميكانيزم» انتهى الآن، فنحن فى عصر المعلومات وثورة التكنولوجيا، لا مكان لرئيس ديكتاتور الآن، فقد انتهى زمن الصحفى الخاص الذى يسبح بحمد الرئيس «هيكل مع الناصر نموذجاً»، وإذا لجأ «مرسي» إلى القمع الديكتاتورى فسوف يكون هذا أول مسمار فى نعشه، ونعش الإخوان.