سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
واشنطن بوست تضع روشتة لمواجهة الفتن الطائفية في الشرق الأوسط.. تؤكد أهمية دور حركات المعارضة في إزالة التوتر.. فساد النخبة وفشل الحكومات سبب رئيسي.. المقاومة الشعبية هي الحل
خلال الآونة الأخيرة، ارتفعت وتيرة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أدى لإشعال الخلافات الطائفية داخل بلدانها وهو أمر جعل الكثيرين يعتبرونها منطقة طائفية يسيطر عليها العنف وتعتبر العنصرية هويتها السياسية ليس فقط في التعامل مع الغرب بل على الصعيد العربي أيضا. معارضو الطائفية وفي هذا الإطار حاولت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية وضع روشتة لمواجهة التطرف في الشرق الأوسط الذي رأت أنه ملأ الفراغ المؤسسي والفكري في الدول العربية منذ اندلاع الثورات العربية مؤكدة أن التنافس الجغرافي السياسي الطائفي تسبب في انهيار بعض الدول. حركات احتجاجية أكدت الصحيفة وجود أصوات معارضة للطائفية في جميع أنحاء المنطقة مشيرة إلى ظهور حركات احتجاجية جديدة تبحث عن أنواع أكثر شمولية من المؤسسات السياسية وترفض الممارسات الطائفية التي تفرضها النخبة وفقا لاتفاقات تقاسم السلطة. فساد النخبة وتتظاهر الحركات الشعبية ضد فساد النخب السياسية وفشل الدولة في تقديم مجموعة من الأحكام الاجتماعية كما ترفض النتائج غير المتوازنة للسياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة وهو ما يعبر عن حالة التعبئة غير المسبوقة في العالم العربي لتصبح السياسات المعادية للطائفية غير مناسبة للسياق الحالي. وقدمت الصحيفة أمثلة على تلك الحركات الاحتجاجية بالعراق ولبنان وقالت إنه في صيف عام 2015 اتخذت الحركات في كليهما اتجاهات جديدة، حيث خرج آلاف الشباب العراقي إلى الميادين والشوارع بالمدن العراقية الكبرى في نهاية يوليو 2015 وهو ما أصبح فيما بعد حركة شعبية هائلة. وأوضحت أن المتظاهرين طالبوا بخدمات أفضل وحمّلوا النخبة السياسية في المنطقة مسئولية إهدار الموارد العامة وإفساد النظام الحكومي كما طالبوا بالتخلص من الطائفية التي بني عليها النظام السياسي وشبكات المحسوبية بعد غزو العراق. خصائص مميزة تميزت تلك الاحتجاجات بخاصتين حيث تحركت مستقلة عن الأحزاب العلمانية والدينية وتم منع البرلمانيين المحسوبين على الأحزاب السياسية من الانضمام للحشود. وأكدت واشنطن بوست أن الحشود اتسمت بعدم الطائفية بشكل واضح حيث نأى المتظاهرون بأنفسهم عن الرموز الطائفية والعرقية ولكنهم رغم ذلك فشلوا في بناء شبكات لها نفس المطالب في المناطق التي يغلب عليها السنة وظلوا في أماكنهم وتم احتواؤهم. وفي الوقت نفسه في بيروت أشعلت أزمة إدارة المخلفات الصلبة المظاهرات ضد فساد النخبة الطائفية واتفاق تقاسم السلطة الطائفي المختل، وقد جذبت هذه المظاهرات قاعدة أوسع من المؤيدين من طوائف وطبقات مختلفة فكانت بمثابة تكتل معارض للطائفية يدعو إلى التعايش الوطني مع إصرار الناس على التعبير عن انتماءاتهم الوطنية بدلا من الطائفية. ردود متشابهة كانت ردود أفعال النخبة السياسية الطائفية في بغدادوبيروت على هذه الاحتجاجات متشابهة بشكل صادم، وفق الصحيفة التي أكدت انهم حاولوا في البداية تبني حوارا إصلاحيا واحتواء المتظاهرين واستمالة بعض المنظمين، وعندما فشلوا في كسر إرادة وعزم المتظاهرين اعتدت قوات الأمن وقواتهم شبه القانونية على المواطنين. جمهور متنوع اعتبرت واشنطن بوست ما شهدته بيروتوبغداد دليلا على وجود جمهور منتمي لطوائف متعددة يعارض الطائفية ويرفض الفساد والنخبة السياسية وحالة الشلل التي أصابت اتفاق تقاسم السلطة بالبلاد. وتوحي التظاهرات المتطابقة والسلمية في العراق ولبنان وفق بوست بأن الطائفية ليست أمرا مسلما به عند جميع الأطراف الفاعلة، وأن هناك بدائل لبناء السياسات اليومية على الطائفية في كل أنحاء المنطقة. وأكدت أن جهود مكافحة الطائفية تعمل بشكل تدريجي ومتقطع وتكشف بشكل تدريجي أيضا تصدعات في أساسات الطائفية، مشيرة إلى أنه بالرغم من أن هذه الجهود لم ينتج عنها أعادة توزيع حقيقية للسلطة السياسية التي تقوي المجموعات المعارضة للطائفية إلا أن أشكال المقاومة هذه تزيل الغموض عن السياق الطائفي المهيمن على العالم العربي في مرحلة ما بعد الربيع العربي، وتظهر أن الوسائل الطائفية للحشد السياسي بدائية.