رصدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نذر اندلاع ما سمته ب"الحرب الطائفية الإقليمية"، والتى اعتبرتها واحدة من أكثر المخاطر الكارثية التى جلبتها الأزمة السورية. وقالت الصحيفة - على موقعها الإلكترونى اليوم الاثنين - "إن اشتعال حرب طائفية جديدة فى العراق بجانب سوريا ستتمخض عنها بالضرورة تداعيات كارثية ومدمرة لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، وكذلك للمصالح الأمريكية هناك". وحذرت من احتمالات ضياع ما اعتبرتها المكاسب "الهشة" التى حققتها الولاياتالمتحدة خلال حرب العراق، وكان من بينها إقامة دولة تعيش فى سلام مع جيرانها وتحافظ على شراكة قوية مع الولاياتالمتحدة. ودعت الصحيفة إلى الاستجابة إلى ما طالب به السفير الأمريكى السابق لدى العراق رايان كروكر بتكثيف الإدارة الأمريكية لجهودها الدبلوماسية فى العراق، بجانب سرعة التدخل لإنهاء الأزمة السورية. وفيما يخص الحرب الدائرة فى سوريا، أشارت الصحيفة إلى إلتزام حزب الله اللبنانى بالدفاع عن نظام الرئيس السورى بشار الأسد فى المناطق الواقعة غرب دمشق، فيما أقرت مصادر بالمعارضة السورية أن هذا الأمر يعد سلاحا مكن النظام من تحقيق مكاسب على أرض المعركة. وقالت "إن ثمة مخاوف مقلقة باتت تطفو على السطح فى المناطق العراقية المتاخمة للحدود مع شرق سوريا، حيث تتأجج المواجهة الدموية بين العراقيين السنة وحكومة رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى ذات الأغلبية الشيعية، وذلك لأول مرة منذ انسحاب القوات الأمريكية من بغداد عام 2011". وأشارت الصحيفة إلى حقيقة مقتل ما لا يقل عن 218 شخصا جراء المعارك المسلحة والتفجيرات التى هزت العراق مؤخرا عقب قيام الجيش العراقى بمداهمة مخيمات لمحتجين سنة بالقرب من مدينة كركوك فى أبريل الماضى، بينما أعلنت الأممالمتحدة أن 712 شخصا لقوا حتفهم جراء العنف السياسى بالعراق منذ أبريل وحتى الآن. وعلقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على تصريح السفير الأمريكى السابق لدى العراق رايان كروكر بقولها "إن الوضع الراهن بالعراق أعاد إلى الأذهان مظاهر الحرب الأهلية عام 2006، مشيرة إلى أن هناك مظهرين كبيرين من مظاهر الاختلاف فى هذا الشأن، الأول أنه لا توجد الآن قوات أمريكية للتصدى للعنف كما حدث عام 2006، ويكمن المظهر الثانى فى احتمالات امتداد العنف إلى الجارة لبنان". وأوضحت الصحيفة أن فرعى تنظيم القاعدة فى العراق وسوريا عززا من تعاونهما بشكل وثيق خلال الفترة الأخيرة وكونا ما يشبه الإمارة على طول الحدود بين البلدين، فيما تساند الميليشيات الشيعية بالعراق نظام الأسد فى ضوء غض حكومة المالكى للطرف عن شحنات الأسلحة الإيرانية التى تدخل سوريا عبر العراق لمساندة الأسد، وذلك رغم تحذيرات إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما. ورأت أن معظم مشاكل العراق نبعت فى حقيقة الأمر من فشل النخبة هناك فى التغلب على النزاعات السياسية والاقتصادية التى تستند إلى أساس طائفى، حيث يعتقد السنة والأكراد أن حكومة المالكى والسياسيين الشيعة تراجعوا عن تعهداتهم بتحقيق اللامركزية فى السلطة وتوزيع الموارد بشكل منصف. ولفتت الصحيفة إلى أن المالكى عكف على تعزيز سلطاته واستهداف الزعماء السنة ومحاكمتهم بتهم غالبا ما يكون مشكوكا فيها، مشيرة إلى تأجيل انتخابات المجالس المحلية فى أكبر مدينتين تقطنهما أغلبية من السنة حتى شهر يوليو القادم. وأرجعت السبب وراء هذه السياسات إلى خوف المالكى من صعود نجم السنة خاصة فى حال انتصارهم فى سوريا بفضل الدعم الذى يتلقونه من تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر، وهو ما قد يدفعهم إلى محاولة استعادة السلطة من جديد فى العراق مثلما حدث إبان حكم الزعيم الراحل صدام حسين.