كوميديا «بما لا يخالف شرع الله» أفقدت نواب التيار الإسلامي الشرعية البرلمانية من الجلسة الأولي المحكمة الدستورية أنهت أحلام «الكتاتني» والذين معه الجماعة استغلت الأغلبية للإطاحة ب"سليمان" خوفاً من صندوقه الأسود "برلمان الثورة بنكهة إخوانية إسلامية خالصة " معادلة صعبة استطاعت الجماعة كسب الجولة الأولى فيها ، أما الغلبة في النهاية فكانت للمجلس العسكري الذي ترك الأمور تسير في طريقها الطبيعي والقانوني، ومنح الجماعة الأغلبية ،وعندما حانت له الفرصة للتخلص منهم فعلها بالقانون. المشاهد المتتالية التي كانت تذاع لجلسات مجلس الشعب كانت تؤكد أن فرصة الرحيل وترك الحياة السياسية أكبر بكثير من فرصة البقاء، والبداية كانت من الجلسة الأولي التي لم تجيء وفقا لتصورات الغالبية العظمي التي منحت الجماعة وكل أصحاب اللحي الأصوات، فالنواب أغلبهم دخلوا المجلس بعد ان خرجوا مباشرة من السجن، والفرق بين الأسلوب هنا وهناك كان واضحا من البداية. الجلسة الأولى "بما لا يخالف شرع الله" رفع الستار عن جلسة اختيار رئيس المجلس وحلف اليمين , والتي ترأسها أكبر الأعضاء سنا وهو الدكتور محمود السقا ؛ و التي شهدت أزمة في حلف اليمين مع إصرار بعض النواب علي إضافة عبارة جديدة للقسم هي بما لا يخالف شرع الله وأيضا بالإضافة إلي أهداف الثورة وأضاف آخرين عبارة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية –و اتخذت الجلسة الطابع الكوميدي من أعضائها الذين أشعلت حماستهم عدسات التصوير ومحاولة جذب الكاميرات تجاههم ليظهروا علي شاشات التليفزيون لمنتخبيهم بصورة لا تنم عن وقار المجلس . وظهر علي المشهد بطل المسرحية رئيس جديد انتخب بالأغلبية ,هو الدكتور سعد الكتاتني ليترأس مجلس كتبت نهايته قبل أن تخط كلمة واحدة من البداية . أحداث وزارة الداخلية الجلسة الأولى لم تكن الفصل الوحيد الكوميدي في مسرحية "برلمان الكتاتني" فقد جاء الفصل الثاني حاملا معه خيبة أمل للجماهير من الأداء السلبي للمجلس الذي لم يأت بجديد أبدا ، فقد خيم الحزن ً علي مصر كلها بعد مذبحة بورسعيد ، وموجة الغضب العارمة التي اجتاحت الشعب الذي انتظر نوابه ولسانه الناطق عنه ليأتي بالقصاص العادل ؛ فكانت خيبة الأمل الكبرى فيما توصل إليه المجلس بعد عقد جلسته الطارئة التي انتهت بتوجيه الاتهامات إلي وزير الداخلية, وتشكيل لجنة تقصي الحقائق لتقديم تقرير واف عن تلك المجزرة, والتي وصفها تقرير اللجنة بالمدبرة فقط ، دون تقديم الجناة الحقيقيين . وجاء مشهد إحالة النائب زياد العليمي للجنة القيم بعد استخدامه للمثل الشعبي الذي اعتبره البعض إساءة للمجلس العسكري ، والذي بدوره طالب القضاء العسكري باتخاذ الإجراءات القانونية نحو رفع الحصانة عنه ، ولم تقم بنفس الإجراء مع النائب مصطفي بكري الذي قام بسب الدكتور محمد البرادعي تحت قبة البرلمان . وقبل أن ينتهي الفصل الثاني جاءت أحداث وزارة الداخلية لتظهر المعدن السلبي في أداء المجلس, حيث لم يخرج قرارات من المجلس إلا بمطالبة الداخلية بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين وتحميل وزير الداخلية المسئولية, كما طالب المتظاهرين بعدم المساس بممتلكات الدولة ، وطالب المجلس تفعيل قوانين حمل السلاح وإصدار تشريعات تكفل التظاهر السلمي . وجاء في فبراير مشهد تعسفي لرئيس المجلس - الكتاتني - في قمع المعارضة حيث تعامل مع النواب المعتصمين داخل البرلمان احتجاجا علي إطلاق الداخلية الخرطوش علي المتظاهرين ، فأمر الأمن بإغلاق أبواب المجلس مما اضطر المعتصمين من النواب إلي المبيت علي الرصيف . "الجنزوري" وصراع إثبات الوجود وشهدت تلك الفترة صراعا ساخنا واضحا ً بين المجلس العسكري وحزب الحرية والعدالة بعد إصرار الأغلبية في مجلس الشعب علي سحب الثقة من حكومة الجنزوري - الذي استقبله المجلس بالتصفيق والدعاء له بالتوفيق - مستندين إلي لائحة المجلس التي تتيح لهم استخدام الاستجواب والإدانة من ثلثي الأعضاء لسحب الثقة من الحكومة ، لكن الإعلان الدستوري – الصادر في مارس 2011 – لا يتضمن مادة تمكن البرلمان من "سحب الثقة" من الحكومة ، وقد صاحب هذا عدم رد المجلس العسكري بسرعة علي طلب المجلس بسبب انشغاله بقضية رفع حظر السفر عن المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي . ولكن في مايو تفاقمت الأزمة بين الكتاتني والجنزوري بعد إلقاء بيان الحكومة فقد اضطر المجلس العسكري للتقريب بين الاثنين أثناء اجتماعه باللجنة البرلمانية، صاحب ذلك تصريحات للكتاتني بأن المجلس استجاب لمطالب النواب ولكن في نهاية الأمر لم تقال الحكومة بل حدث بعض التغييرات الوزارية فقط . الطموح الرئاسي "والعزل السياسي" وما بين الصراع والكوميديا مرت جلسات المجلس "المنحل " حيث خيمت أجواء المصالح الشخصية والحزبية علي قرارات المجلس وتحديدا فيما يتعلق بمعركة انتخابات الرئاسة فقد طالب نواب "الحرية والعدالة"بإدخال تعديلات علي قانون مباشرة الحقوق السياسية – الذي عرف بقانون العزل السياسي – بهدف منع عمر سليمان من الترشح ليصبح البرلمان في مواجهة المجلس العسكري ، وطالب الكتاتني المجلس بسرعة تطبيق هذا القانون علي الفريق أحمد شفيق، لأنه آخر رئيس وزراء في عهد مبارك – مثله مثل سليمان كمساعد لمبارك – وقال الدكتور محمد سعد الكتاتني"رئيس المجلس المنحل":أطالب بسرعة إصدار هذا القانون اليوم قبل الغد حتى يدفع المجلس العسكري الشبهات عن نفسه وحتى يؤتي هذا القانون الأثر الذي شرع من أجله " . 100يوم برلمان " ضجيج بلا طحن" بعد انقضاء أكثر من مائة يوم علي عقد أول جلسة للمجلس قامت الأمانة العامة بالمجلس بتوزيع كتيب جاء في طياته إنجازات المجلس من يناير 2012 وحتى مايو 2012 ، أهمها لم يصدر المجلس سوي 9 قوانين فقط ، كان علي قمتها قانون زيادة تعويض أسر الشهداء والمصابين بعجز كلي من 30 ألفا إلي 100 ألف جنيه ، وقانون الثانوية العامة بجعلها عاما واحدا للتخفيف من أعباء الأسرة المصرية ، وأدخل المجلس بعض التعديلات علي بعض قوانين العاملين المدنيين بالدولة، قانون مباشرة الحقوق السياسية لتطهير الحياة السياسية من رموز النظام السابق، قانون الانتخابات الرئاسية، و قانون القضاء العسكري لإلغاء إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، وتعديل بعض أحكام قانون الجنسية، وقانون التأمين الصحي على المرأة المعيلة، قانون مد أجل الدورة النقابية لمدة 6 أشهر. الدستورية تنهي أحلام الجماعة ب"القانون" وجاء قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون العزل السياسي لأحمد شفيق معلنة صحة خوضه الانتخابات الإعادة ، وكما قضت المحكمة بعدم دستورية بعض مواد مجلس الشعب وبطلان انتخاب ثلث أعضائه ، ليأتي القرار رقم 350 لسنة 2012 الصادر من المجلس العسكري بحل مجلس الشعب بأكمله . وفي الوقت الذي رأت فيه الأحزاب السياسية وكذلك الرأي العام أن قرار حل مجلس الشعب كان يستهدف قطع الطريق علي الإخوان للاستحواذ علي الحياة السياسية ... كان الواقع يقول شيئا ً آخر هو أنهم خسروا مجلسا ًينازعهم فيه الصلاحيات الكتلة السلفية والتيار الإسلامي بخلاف التيار الليبرالي إلي غنيمة كبرى لا ينازعهم فيها أحد – هو منصب الرئيس -. وجاء قرار الرئيس مرسي بعودة المجلس المنحل لانعقاد جلساته بمثابة المواجهة بين المجلس العسكري والرئيس والتي تعامل مع الأول بهدوء تام ، مرجعا الحل فيما تقرره المحكمة الدستورية والتي أقرت ببطلان قرار العودة .