فرضت الحيرة نفسها على قانون بناء الكنائس ليدخل مرحلة البحث عن الاستقرار تنفيذًا لما نص عليه الدستور بشأن إقراره، خلال الفصل التشريعى الأول من دور انعقاد مجلس النواب.. المشكلة الآن أنه رغم مرور نحو 6 شهور على انطلاق أعمال البرلمان إلا أنه لم يتحدث أحد عن أي مناقشات جادة بشأن قانون بناء الكنائس، الذي طال انتظاره للخلاص من قيود «الخط الهمايوني»، وظلت مسودة قانون بناء الكنائس في دوامة بين وزارتى العدالة الانتقالية والعدل والكنيسة والبرلمان، لتصل عدد المسودات 13 نسخة، تنتظر الاستقرار على صورة أخيرة لتقدم إلى مجلس النواب للمناقشة والإقرار.. عدد من النواب تقدموا بمشروعات قانون لبناء الكنائس يحمل عددًا من بنود قانون الحكومة للمناقشة والطرح داخل مجلس النواب قبل وصول الحكومة إلى صورة نهائية للقانون لطرحه على البرلمان. وبالفعل شكلت الكنيسة القبطية بالتعاون مع الإنجيلية والكاثوليك لجنة لإعداد مذكرة للعرض بعدة مقترحات حول مشروع القانون بصورة مبدئية، وقدمت لوزير الدولة للشئون القانونية ومجلس النواب، ولم ينظر إليها أو تراعى في الديباجة والصياغة. وخلال انعقاد المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مؤخرًا، سيطرت حالة من الغضب بسبب عدم طرح مسودة قانون بناء الكنائس للنقاش، ووضع عليها تحفظات عدة، وإبداء عدم ارتياح المجمع لطريقة الصياغة وعدة مواد بالقانون، ولعل أبرزها وجود لائحة تنفيذية للقانون، في حين يمكن الاعتماد على اللائحة التنفيذية لقانون 19 لسنة 2008 والخاص بالبناء. وقالت مصادر إن المادتين الثانية والثالثة من القانون المقترح تشهدان تحفظات عدة، أبرزهما: وضع استثناء بالمادة الثانية فيما يتعلق بالمعارضة دستوريًا مع المادة 235 التي لم تضع قيودًا أو استثناءت بالقانون، وتنص على: «يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانونًا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية». المصادر أوضحت أن هناك تحفظًا على وجود لائحة تنفيذية للقانون رغم إمكانية الاعتماد على لائحة قانون المبانى المعمول به منذ عام 2008، وأيضًا التحفظ على ما ورد بالمادة 10 بشأن تحديد تقنين الكنائس القائمة، والتي تختص بتوفيق أوضاع الكنائس التي مر عليها 5 سنوات، وتجاهل الأخرى والتي يحتاج إليها الأقباط ومضى عليها عام أو أكثر. وأوضحت المصادر أن هناك تحفظات من قبل الكنيسة على فرض وجود سور حول الكنائس؛ لأن ذلك يصعب تنفيذه بالقرى والنجوع والأماكن الريفية، بالإضافة إلى تفنيد أمور تفصيلية في المبنى دون الحاجة إليها، وتحديد مدة زمنية لإجراءات الترخيص والرد وتصل إلى 4 شهور، وهى مدة طويلة، وغيرها من صياغات القانون. في ذات السياق، قالت مصادر إن ممثلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التقوا بعدد من القانونيين والدستوريين والبرلمانيين لمناقشة تصوراتهم بشأن قانون بناء الكنائس، والذين أيدوا تحفظات الكنيسة بعدة نصوص، إضافة إلى ضبابية بعض البنود الواردة بالقانون. وما يؤكد رفض المجمع والكنيسة لعدد من الأمور التي حدث إخفاق في تعديلها رغم التحفظ عليها بمذكرة رسمية تسلمها العجاتي، ما ورد على لسان البابا تواضروس الثانى بطريرك الكرازة المرقسية، وقوله: «إن الكنائس في بمصر تبنى بحسب قانون يسمى الخط الهمايوني، وهو قانون من أيام الدولة العثمانية وهو القانون الوحيد المعمول به منذ الاحتلال العثمانى لمصر، وانتهى الاحتلال، وظل القانون ساريا». وأضاف البابا تواضروس، خلال كلمته بتدشين مذبح بكنيسة العذراء ومارمينا بمدينة نصر، أن القانون الهمايونى يحمل بنودا إيجابية، إلا أنه في مجمله يضع العديد من الإجراءات، وألمح إلى أن أحد وزراء الداخلية وضع هذا القانون، ويحمل 10 شروط تعتبر تعجيزية لبناء الكنائس، مشيرًا إلى أن إنشاء كنيسة يستغرق زمنا طويلا ويمر بتعقيدات كبيرة والعديد من الإجراءات. وتحدث البابا تواضروس أيضًا عن أن الدولة تحاول حاليًا وضع تشريع جديد لبناء الكنائس، ولا يزال مناقشة المسودة ولكن يجب أن تكون بصورة أبسط مما هو موجود، فليس دستوريا ولا قانونيًا أن يكون هناك تمييز عند بناء الكنائس، واستطرد قائلا: «الدولة تحاول إيجاد صيغة لقانون بناء الكنائس، ونتطلع لوضع صيغة واضحة وليست غامضة، ولا ممتلئة بالثغرات الكثيرة، ولا يجب أن تكون تلك الصياغة التشريعية أكثر تعقيدا، وإلا هذا الأمر الكنيسة لا تقبله ولا ترضى به».