تعرف المدينة الفاضلة بأنها المدينة التي تتصف بالعدل والمساواة والجميع فيها سواسية لا فرق بين غنى أو فقير القانون يطبق على الجميع يعيش فيها الفرد في حرية تامة وسلام دائم يحيا فيه الإنسان في سعادة بجوار الخير، ويبعد عن الشرور تلك هي «يوتوبيا» الاسم الذي ارتبط بأى حديث عن المدينة الفاضلة منذ أيام أفلاطون أول من دعا إليها وكتب عنها ووضع أسسًا لتلك المدينة حتى تبقى إلى الأبد ولكن يأتى التساؤل هل يوتوبيا أحمد خالد توفيق مثل يوتوبيا أفلاطون؟ رواية يوتوبيا للكاتب أحمد خالد توفيق التي يظن الجميع من اسمها أنها تدور في مدينة الأحلام المدينة الفاضلة وتصدم كل من يطلع عليها، فهى ليست فاضلة وليست مدينة للعدل والمساواة، تدور أحداثها في المستقبل عام 2023 حيث المجتمع لا يعرف سوى طبقتين فقط «الأغنياء والفقراء» وأرادت طبقة الأغنياء أن تكون مدينتهم الفاضلة بعيدة عن الفقراء وأطلقوا عليها اسم «يوتوبيا» يحيط بها الأسوار ويحرسها جنود من المارينز المتقاعدين وتعلوها طائرات الهليوكوبتر لحمايتها من أي دخيل من الفقراء وتم اختيار موقعها وفق معايير الرفاهية فتقع بين الإسكندرية والساحل الشمالي، وفى الطرف الآخر تقع مدينة الفقراء من عشوائيات وقتال دائم على لقمة العيش بين بعضهم البعض توقع الكاتب وفق روايته سيناريو اليوم للمستقبل في مصر حيث مجتمع يتخلى عن ثوابته وقيمه. فالرواية التي صدرت في عام 2008 على هيئة حلقات مقسمة افتتحت بمقولة للأديب الألمانى «برتولت بريخت» «حقًا إننى أعيش في زمن أسود.. الكلمة الطيبة لا تجد من يسمعها.. الجبهة الصافية تفضح الخيانة.. والذي ما زال يضحك لم يسمع بعد النبأ الرهيب.. أي زمن هذا؟" تعد الرواية من النوع الذي يصعب تصنيفه أدبيا هل هي من واقع الخيال الدرامى أم دراما واقع لرؤية قد تتحقق في المستقبل القريب ويوجه به الكاتب أنظار القراء إليه. تدور الأحداث حول شاب غنى من يوتوبيا يريد أن يقوم بمغامرة لكسر ملل الحياة ورتابتها ويقوم بصيد إنسان فقير من سكان شبرا واللعب به مع أصحابه للحصول على متعة ثم قتله والاحتفاظ بجزء من جسده على سبيل الفخر وهى من الهوايات الجديدة التي ظهرت في مجتمع الأغنياء الذين يعيشون في الساحل الشمالى في يوتوبيا التي تشكل عالم الأغنياء. رصدت الرواية القهر والظلم والفساد الواقع على مجتمع الفقراء ليواجه أفراد ذلك المجتمع مصير التشريد والجوع، وتخلى مجتمع الأغنياء عن الأخلاق في سبيل الشهوة بل والتحالف مع الأعداء فترى إسرائيليا في مدينة يوتوبيا ولا ترى مصريا فقيرا. تأتى النهاية على لسان الصياد «الشاب الغني» في آخر أجزاء الرواية وكيف عاد إلى حياة الترف والرفاهية، ويحكى عن مغامرته مع جابر الشاب الفقير وكيف احتفظ بيده المحنطة كتذكار لديه، وقبل تتر النهاية تنقلب الأحداث رأسا على عقب ويتحقق حلم الفقراء فيستولى صديق جابر الحالم بالثورة هو ومن معه على قافلات «البايرول» وهو منتج اكتشف في المستقبل بديلا للبترول، فينعزل أهل يوتوبيا ولا تنفعهم طائراتهم الفارغة من الوقود للهروب من ثورة الجياع القادمين من أحياء العشوائيات خارج يوتوبيا المحمية ببعض الطلقات. تأتى النهاية لتكشف أن يوتوبيا الدكتور أحمد خالد توفيق تسخر وترسل إنذارا عن واقع محتمل سيصبح أبعد ما يكون عن يوتوبيا أفلاطون بكل قيمها ومبادئها وثوابتها القائمة على العلم.