اشتهرت الدكتورة نوال السعداوى بأرائها الصادمة ومواقفها الداعمة لحرية الإبداع والدفاع عن حقوق المرأة وهو ما جعلها تتعرض للفصل من عملها كطبيبة كما تعرضت للسجن فى عام1891 حتى تعرضت للنفى بعدها.السعداوى كانت فى مقدمة الذين عانوا من التيار الإسلامى بسبب أفكارها فقاموا برفع دعوى شهيرة ضدها هجمات طالبوا خلالها بالتفريق بينها وبين زوجها لأنهم أفتوا بكفرها بعد أن أتهموها بازدراء الأديان ولم ينته الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع اسمها على «قائمة الموت» للجماعات المتطرفة وهددوها بالقتل وفى عام 8002 رفضت محكمة القضاء الإدارى إسقاط الجنسية عن السعداوى بعد أن قام أحد المحامين برفع دعوى بإسقاط جنسيتها المصرية عنها بعد أن ناضلت من أجل حقوق المرأة. ولكن كل ذلك لم يثنها عن الاستمرار فى الكفاح من أجل عقيدتها حتى أصبحت رمزا للتمرد على المجتمعات الرجعية وقامت بتدريس مادة «التمرد والإبداع» فى الجامعات الأمريكية.. وفى السطور التالية نتعرف على رأى السعداوى فى قضايا ملاحقة الإبداع. فى ظل الهجمة الأخيرة على المبدعين هل ترين أن مصر مقبلة على مرحلة من الحصار الإبداعى ضد حرية الفكر؟ - بالطبع سنمر بمرحلة الحصار ضد حرية الفكر والإبداع إن لم نقاوم جماعات وفرادى فلقد قامت الثورة لإسقاط النظام المستبد وبناء نظام جديد بدستور جديد قائم على احترام الحريات الفكرية والدينية والعدالة والكرامة للجميع بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو الطبقة أو غيرها، لكن الثورة المضادة فى الداخل، بما فيها المجلس العسكرى والتيارات الإسلامية والأحزاب القديمة والجديدة الانتهازية، وفى الخارج متمثلة فى القوة الإقليمية الرافضة أن تكون مصر مستقرة وذات سيادة تسمح للفرد أن يتمتع بالحرية، كل هذه العوامل أدت إلى انتخابات مزيفة أنتجت برلماناً إسلاميا يريد تطبيق شرع الله، وتحت هذه العبارة المراوغة تحاول القوى السياسية الإسلامية العودة بنا إلى الوراء تحقيقا لمصالحها الحزبية. هل يؤمن أصحاب التيار المتأسلم بحرية الرأى والإبداع؟ - لا يؤمن أغلب المتأسلمين بحرية الرأى والإبداع، لأنهم تربوا على الطاعة العمياء لمرجعيتهم الفقهية والحزبية، كل هذه الصفات تتعارض تماما مع التطور الفكرى المؤدى إلى إحداث حالة إبداعية، فالإبداع لا يتكون داخل الفرد إلا إذا تمرد على من حوله ومفهوم التمرد مختلف عن أيدلوجياتهم الإسلامية فليس معنى التمرد الخروج عن القيم الاجتماعية وتحويلها إلى غوغاء حيوانية. هل ملاحقة المبدعين بدعاوى قضائية ستؤثر على مستوى الفكر الإبداعى فى مصر؟ - بالطبع، ملاحقة المبدعين بقضايا حسبة وغير حسبة، سيضر الحركة الإبداعية ويعرقل مسيرتها وتقدمها، فالخوف لا يصنع مبدعاً يخلق اشباه بشر لا روح فيهم ولا احساس. هل للدولة دور فى تشجيع هذه التيارات ضد الإبداع؟ - لا يمكن لهذه التيارات الدينية أن تتصاعد بهذه القوة دون التدعيم المادى والسياسى من قوى الثورة المضادة فى الداخل والخارج. وللدولة والسلطات الحاكمة دور فى تشجيع هذه التيارات الدينية الرجعية وتجرؤها على المبدعين واهانتهم واحالتهم للمحاكمات، ويمكن للدولة والحكومة والمجلس العسكرى، أن تردع هذه التيارات الخطيرة، التى تسيىء إلى مصر وإلى صورة الإسلام نفسه، والتى تقسم الشعب المصرى دينيا، وتحدث فتناً طائفية خطيرة، وكان نظامى السادات ومبارك يستخدم هذه التيارات لتقسيم مصر واخضاعها للحكم المستبد الفاسد والاستغلال الخارجى أيضا إذا أرادا خلق مجتمع حر إبداعى سليم. هل هناك قوى خارجية تقوم بدعم القوى الإسلامية فى الداخل المصرى خوفا من أن تصيبهم لعنة الإبداع والحرية الفكرية؟ - بالطبع .. يلعب الاستعمار «الأمريكى - الإسرائيلى - الأوروبى» دورا فى تدعيم هذه القوى الدينية اليمينية، لضرب القوى الثورية الشعبية المطالبة بالعدالة الاجتماعية، المعادية للنظام الرأسمالى الدينى القائم على الحروب الاقتصادية والعسكرية. «جورج بوش وأسامة بن لادن توأم» هذه العبارة تكشف التعاون بين الرأسمالية العسكرية والتيارات الدينية السياسية محليا ودوليا فكلاهما وجهين لعملة واحدة «الفاشية». ماذا عن القوانين المقيدة لحرية الإبداع..... هل يمكن أن تسفر مناقشات مجلس الشعب الحالى عن قانون يضمن حرية الإبداع وتداول المعلومات؟ - من المفروض إلغاء جميع القوانين المقيدة لحرية الإبداع، لأن ضمير المبدع هو قانونه، والجمهور هو الحكم على العمل الإبداعى بالإقبال عليه أو الإعراض عنه بما فيه المجال الإبداعى الفكرى أو الفنى أو العلمى. كيف يمكن مواجهة هذه التيارات الظلامية؟ - مواجهة هذه التيارات المتاجرة بالدين هو العمل الثورى الجماعى ضد التدين السياسى الزائف، وشجاعة المبدعين والمبدعات فى كل المجالات، وعدم الخوف من هذه التيارات، والاستمرار فى الإبداع بقوة وثقة بالنفس، مع دعم التنظيمات الأدبية والفنية والثقافية التى تتصدى لهذه الردة.