"داعش" كلمة لها مدلول واحد في أذهان كل من يسمعها أو يقرأها؛ فهى رمز للعنف وإراقة الدماء والوحشية، سؤال واحد يأتى في مخيلتنا عندما نرى جرائم هذه الجماعة المتطرفة، "هل هؤلاء بشر، هل يتألمون ويشعرون أم أنهم كائنات خلقت بلا قلب". وعلى الرغم من استنكار الجميع لأفعالهم، إلا أن نسبة ليست بالقليلة من المصريين أصبحت تنتهج فكرهم وإن كان بطريقة أكثر لطفًا؛ فالأصوات المرتفعة والمشاجرات، والألفاظ النابية، وعدم تقبل الآخر، والرغبة في إيذاء الآخرين، جزء لا يتجزأ من الفكر الداعشي، وربما السؤال الآن، الواجب على كل مصرى السعى لإيجاد إجابة له، "هل أنا داعشي؟"، لا تبحث كثيرًا عن الإجابة، فقط عليك قراءة السطور القليلة القادمة لتدرك الحقيقة "هل أنت داعشى أم لا؟". يقول الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن الفكر الداعشى لم يسيطر على أفكار المصريين، وإنما هناك أفراد أصبح لديهم ميل للعنف الشديد في التعبير عن رأيهم والاختلاف مع الآخر بقوة، مضيفًا أن هذا العنف يأتى نتيجة للغضب والناتج عن الظروف الصعبة التي يمر بها الكثير من المصريين كالبطالة وعدم القدرة على الزواج وعدم القدرة على استمرار الزواج وكذلك ارتفاع الأسعار. وأكد أن هذا الغضب عندما يتزايد لدى الشخص يحوله إلى شخص عدواني، مشيرًا إلى أن العدوانية نوعان؛ فهناك عدوان خارجى يتمثل في الرغبة في الشجار مع الآخرين وافتعال المشكلات وعدم القدرة على تقبل الآخر، وعدوان داخلى من خلال إيذاء النفس. وأشار إلى أنه يجب على الشخص إدراك أنه أصبح عدوانيا ويحتاج إلى علاج ووقفة مع النفس، عندما يجد نفسه يسعى لإيذاء الآخرين؛ فحرية الشخص تنتهى عند حرية الآخرين. أما الدكتور محمد هاني، خبير الصحة النفسية والمشكلات الأسرية؛ فقال إن العدوانية لدى الإنسان تبدأ بالعصبية؛ فالشخص الهادئ بطبعه يصعب عليه أن يتحول إلى شخص عدواني، مشيرًا إلى أن الشخص عليه أن يدرك أنه عرضة للعدوانية، عندما يجد نفسه لا يتقبل النقد، ويسعى لفرض رأيه على الآخرين. وأشار إلى أن اكتشاف أن هذا الشخص يميل للعدوانية، يبدأ من مرحلة الطفولة، فإذا كان الطفل يتعامل مع أشخاص أسوياء نفسيًا ويميلون إلى الهدوء في الطباع لا يمكن أن يصبح عدوانيا في الكبر، أما إذا قضى طفولته مع أشخاص مستفزين سيتعامل بعدوانية. وأضاف أن الشخص العدوانى يحاول دائمًا، إيذاء الآخرين، وتخريب كل ما هو محيط به، كما أنه يتعامل بألفاظ خارجة، لافتًا إلى أن الشخص العدوانى يميل إلى السخرية من الآخرين حتى يشبع رغباته في إيذاء الآخرين والانتقام منهم. وأوضح أن الشخص العدوانى يستخدم يده كثيرًا في التعامل مع الآخرين، سواء في المواقف الطبيعية أو في مواقف الغضب "ممكن تلاقى الشخص ده بيهزر بإيده على طول ولو اتعصب بتلاقيه لجأ للضرب بإيده أيضًا". كما أن الشخص العدوانى لا يستطيع التعامل مع المواقف التي تحوى عددا كبيرا من الأشخاص؛ فيصعب عليه المشاركة الاجتماعية، وهو ما يدفعه دائمًا لاختلاق المشكلات مع الآخرين نظرًا لعدم قدرته على التعامل معهم وتحملهم. وأكد أنه في حالة اكتشاف الشخص لصفات العدوانية بداخله، عليه الابتعاد عن البيئة العدوانية التي دفعته لذلك؛ فلا يمكن أن نضعه في مكان به شخصيات متطرفة في أفكارها وتميل للعصبية ثم أطالبه بأن يصبح شخصا هادئ الطباع، كما أنه يجب على المحيطين به عدم مسايرته في العصبية وإنما محاولة الابتعاد عنه في وقت الغضب حتى يدرك أزمته ويسعى لعلاجها، وكذلك لتجنب التعرض للإيذاء منه. وحول كيفية إدراك الشخص أنه أصبح عدوانيا، يقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة: إن تصرفات الشخص وسلوكياته مع الآخرين وسرعة الاستثارة مع الآخرين أكبر دليل على أن هذا الشخص صار عدوانيا، لافتًا إلى وجود نوعين من العدوانية؛ فهناك العدوانية الإيجابية والمتمثلة في إيذاء الآخرين وعدم تقبلهم وعدم مشاركاتهم في أزماتهم، والعدوانية السلبية، والتي تتمثل في إيصال من أمامى إلى مرحلة الغضب والضيق وأنا مبتسم وهادئ. وأضاف أن الشخص العدوانى إذا وجد هذه الصفات به، عليه السعى لمعرفة السبب الذي دفعه لهذه العدوانية حتى يتمكن من العلاج، فقد يكون السبب أنه يعانى من حالة اكتئاب أو أنه يعانى من الرغبة في فرض السيطرة على من يشعر بأنهم أضعف منه، وهو ما يبدو واضحًا في نسبة كبيرة من المديرين والرؤساء في العمل.