عددٌ كبيرٌ من الفتاوى المثيرة للجدل جاءت خصيصاً من أجل المرأة، وتزايدت فى الآونة الأخيرة على الرغم من أنه ليس لها أى أساس فى السنة أو القرآن الكريم، بل خرجت مثل هذه الفتاوى بتفسيرات غريبة قدمها هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الناس. من تلك الفتاوى، التى يتم تداولها على نطاق واسع، تحريم قيام المرأة بتصفيف شعرها فى صورة كعكة، لأن ذلك تشبه بالنساء «الكاسيات العاريات» اللائى حذَّر منهن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها أيضاً عدم السماح للمرأة بارتداء البنطلون، حتى أمام زوجها، لأنه يكشف تفاصيل جسدها ويجعلها تتعوَّد على ذلك، ومنها كذلك تحريم نوم المرأة بالقرب من الحائط، لأن الحائط مذكر فى اللغة، ونوم المرأة قربه يجعلها قريبة من ذكر غير زوجها، ما اعتبره فقهاء مَفْسدةً لها وحراماً من وجهة نظرهم، بالإضافة إلى تحريم نوم المرأة أو جلوسها على كرسي، حتى لا تنسى خالق الأرض، بينما الجلوس على الأرض يذكرها بالله «جل جلاله»، وهذا يزيد فى التعبد والتهجُّد والإقرار بعظمته، كما أن الكرسى حسب الفتوى الشاذة يدفع المرأة إلى الهياج والشبق الجنسى المُحرَّم، فما إن تجلس المرأة على الكرسى أو الأريكة حتى تسترخى وتفتح رجليها، وفى هذا مدعاة للفتنة والتبرج، فالمرأة بهذا العمل تمكِّن الرجل من نفسها، وقد يكون رجلاً من الجن أو من الإنس، ويعتقد بعض الفقهاء فى أن الجن غالباً ينكحون النساء وهن جالسات بالتحديد على الكراسي، التى تعتبر بدورها لدى بعض الفقهاء بدعة و»كل بدعة ضلالة»، بدعوي أن السلف الصالح ورموز الأمة، وهم خير خلق الله، كانوا يجلسون على الأرض ولم يستخدموا الكراسى ولم يجلسوا عليها. النفساء تصلى فتاوى أخرى أكدت على أن الصلاة والصوم واجبان على المرأة النفساء، إذا كانت الولادة ليست عن طريق الفرج أى عن طريق فتح البطن أو ما يُعرف بالولادة «القيصرية» وعلى السيدة النفساء أن تتعامل مع دم النفاس كأنه دم استحاضة فتزيله وتغتسل وتصلى وتصوم دونما حرج، وهذا طبعاً على العكس من المرأة التى تلد بطريقة طبيعية، فإنه طالما يوجد دم فهو دم نفاس يمنعها عن الصوم والصلاة، بالإضافة إلى فتوى تحرِّم على المرأة العمل فى وظيفة كاشيرة. إلى جانب الفتاوى السابقة المثيرة للجدل، تعد فتوى الداعية الإسلامى السعودى الشيخ غازى بن عبدالعزيز الشمرى المشرف على موقع «تصافينا» الإلكترونى أكثرها إثارة للقرف والتقزز والابتعاد عن روح الإسلام، فقد نصح فيها الزوجات المسلمات بلعق السائل الخارج من أنوف أزواجهن، بحجَّة أن ذلك من حق الأزواج عليهن، ناسباً ذلك كذباً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، على الرغم من أن الجميع يعرف أن الرسول الكريم كان يرفض التقليل من شأن المرأة، فالإسلام أعلى من شأنها ومكانتها وأعطاها حقوقاً، يُفترض أنها لم تكن تحصل على شيء منها فى عصور ما قبل الإسلام، ومؤخراً صدرت فتوى تحرم التعامل مع الانترنت على المرأة، وعللت سبب التحريم ب» خبث طوية المرأة، فلايجوز للمرأة فتح الانترنت إلا بوجود محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها»، وفتوى أخرى تحرم ركوب المرأة بمفردها سيارة التاكسى أو سيارة العائلة مع السائق، من دون محرم خاصة ليلاً، لأنها خلوة غير شرعية، كما أنه يجب أن يكون السائق حسن السمعة والسير والسلوك، وأن يكون متقدماً فى السن ومتزوجاً وألا تركب الزوجة أو الابنة مع السائق من دون محرم، وذلك من باب أخذ الحيطة والحذر حفاظاً على أعراض النساء فى ظل ثقافة عدم الانضباط والفوضى التى تسود المجتمع حالياً، بسبب ما تبثه وسائل الإعلام من إثارة. تلويث الإسلام تعليقاً على هذه الفتاوى المثيرة، تقول الدكتورة سعاد صالح عميدة كلية الدراسات الإنسانية سابقاً : إن جميع هذه الفتاوى، التى ذُكرت لا صحة لها أبداً، ونحن نحاربها فى الكليات والمساجد، مؤكدةً أن هناك مَن يُحارب الإسلام بهذه الفتاوى المغرضة والغريبة عنه، فطالما لا يوجد لها أساس فى السنة وصحيح الحديث وفى القرآن الكريم، فهى باطلة لا صحة لها، وأضافت :«كل هذه الفتاوى يمكن دحضها بالقرآن الكريم نفسه، فقد حارب القرآن البدع التى كان معمولاً بها فى الجاهلية، وهذا الذى ذكر بدعاً أكثر من التى كانت متبعة قبل الإسلام، وعلينا أن نشجبها بشدة، وهذا أمر مهم يجب عدم الاستهانة به، لأنه يزعزع الإيمان الحقيقى ويلوث الدين الإسلامي، لكننى تعجبتُ ممن يدعى أن جلوس المرأة على الكرسى يثيرها جنسياً، هذا الكلام لا يخرج من إنسان عاقل، فهو لا يستقيم مع العقل والمنطق إطلاقاً، كما أن فتوى تحريم ركوب المرأة التاكسى مرفوضة، لأن شروط الخلوة غير الشرعية لا تتوافر فى هذه الحالة، لأن الأحاديث النبوية الصحيحة التى تحدثت عن الخلوة منها «لا يخلو رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ فقال صلى الله عليه وسلم الحمو الموت» والمقصود بالحمو أى أقارب الزوج من الرجال كأخيه وعمه، والفقهاء وضعوا شروطاً لتعريف الخلوة غير الشرعية، وهي: أن يجتمع الرجل والمرأة فى مكان يأمنان فيه عدم الوصول إليهما، وألا يكون هناك مانع شرعى مثل أن تكون المرأة حائضاً، فإذا تحققت تلك الشروط فى أى اجتماع بين رجل وامرأة كان خلوة محرمة وهذا لا يتوافر فى حالة سيارة التاكسي، فتاوى المراحيض أما عن فتوى الصيام والصلاة وقت النفاس، فهى فتوى مراحيض، لأنه لا فرق نهائياً بين مصدر دم النفاس فى الولادة الطبيعية والولادة القيصرية، فالدم يأتى من الرحم بعد انفصال المشيمة ويستمر حتى يرجع الرحم إلى وضعه وحجمه الطبيعيين بالانقباض المستمر، الذى يساعد على إغلاق النهايات الوعائية التى نتجت من انفصال المشيمة، والشريعة الإسلامية أكدت على عدم جواز الصلاة والصيام فى مثل هذا الظرف، بغض النظر عن كون الولادة تمت بصورة طبيعية أو عن طريق عملية جراحية». وعن عمل المرأة «كاشيرة» أكدت أنه لا توجد موانع شرعية تمنع مزاولة المرأة لهذه المهنة، فالنساء مارسن البيع والشراء فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم، فما بالك والحال هذا أنها لا تبيع ولا تسوق، وإنما يقتصر عملها على تلقى أثمان البضاعة المباعة أصلاً، وأضافت صالح أن كل مسلم يعلم جيداً أن الدين لايخالف المنطق أبدا محذرةً من أن هذه الفتاوى قد تؤدى إلى نفور الكثيرين من الإسلام مشيرةً إلى قول الشيخ الغزالى رحمه الله «إن انتشار الكفر فى العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغَضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم».