الانفلات الأمني الذي يسود البلاد دفع الكثيرين للتغاضي عن سيادة القانون والسير باتجاه أخذ الحق بقوة " الدراع " دون اللجوء الي الشرطة التي تحتاج إلي من يحميها أو القضاء المهموم بملايين القضايا وبرغم وجاهة مبررات البعض في ذلك إلا أن رجال القانون يرون أن ذلك يطيح بما تبقي من هيبة وقوة الدولة ويجعل المواطن يشعر وكأنه في غابة كلاً يأخذ حقه بطريقته حيث يوضح المستشار أسامة الشناوي -رئيس محكمة استئناف القاهرة- أن أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة هو العدالة البطيئة في إصدار الأحكام والتي تؤدي بالمواطنين إلي محاولة الحصول علي حقوقهم بأنفسهم دون الرجوع للقانون ، ولأن الدولة مكونة من مجموعة أفراد لذلك فعلي كل فرد أن يقوم بواجباته وأن يحافظ علي هيبة الدولة فالحكومة مسئولة من خلال تأدية واجباتها والمحافظة علي هيبتها والقضاء مسئول من خلال أحكامه العادلة العاجلة , واذا قام كل فرد في المجتمع بواجباته سوف نصل لدولة القانون التي يختفي منهاشعار "حقي بدراعي" . أما المستشار أحمد صابر -عضو إدارة نادي القضاة- فيري أن عدم إحساس المواطنين بالعدل مع غياب سطوة الدولة وقوة الشرطة هو الذي أدي إلي انتشار هذه الظاهرة ، فيجب أن يكون هناك حكومة قوية تتصدي لأي أحد يستعمل القوة ، فالسلطان هو الوحيد الذي له الحق في استعمال القوة ضد من يلجأ إلي استعمال العنف ضد المواطنين ، والدولة التي تسود فيها ظاهرة "حقي بدراعي" هي دولة رخوة لا تحقق الأمان لمواطنيها ، ولقد اضطرت الدولة إلي الاستجابة لبعض المطالب بفعل الضغوط الممارسة عليها ، ووجدنا بعض المواطنين في محاولتهم الحصول علي العدالة الاجتماعية يلجأون لأعمال غير شرعية مثل من يريد أنبوبة يقطع السكة الحديد لذلك فعلي الدولة في المقام الأول أن تؤدي واجباتها ، وأن تتصدي لحالة الانفلات الامني حتي تعود إليها هيبتها ...! وشدد إبراهيم العناني -استاذ القانون جامعة عين شمس- علي ضرورة أن يحترم الجميع القانون في كل الأنظمة المختلفة وقال إن الإكراه ليس مشروعا من الناحية القانونية فهناك القضاء والمحاكم للمتضررين ، وأنه لا يوجد مبرر للبلطجة فنحن نطالب ونسعي لسرعة القضاء وليس التسرع فنحن نبحث عن العدالة الناجزة التي يجب أن تتوافرفيها مبادئ العدالة الاجتماعية وهناك ضمانات لتحقيق هذه العدالة تتمثل في النقض والإستئناف ، وإذا ترك كل صاحب حق ليأخذه بنفسه فهذا يعتبر دعوة للفوضي موضحا ان القانون لا يجيز ستخدام القوة سوي في حالة الدفاع عن النفس لرد أي عدوان ومع نتهاء العدوان يعتبر هذا جريمة , ويري أن هذه الظاهرة تؤثر علي هيبة الدولة . أما عاطف البنا -استاذ القانون العام جامعة القاهرة- فيرجع هذه الظاهرة إلي الانفلات الأمني وغياب القوانين مع كثرتها ولكنه حدث إهمال في تطبيقها وبالتالي فهناك حالات كثيرة لم تضبط من الخارجين علي القانون والبلطجية ، وأشار إلي أن هذا يؤدي إلي إهدار سيادة القانون ويحط من سلطات الدولة ، ويبدو أن هناك أصابع ذات مصالح داخلية أو خارجية لا يهمها صالح هذه البلاد ساعدت علي انتشارهذه الظاهرة . أما المستشار عادل قورة - رئيس المجلس الأعلي للقضاء سابقا- فيري أن التقاعس في تنفيذ الأحكام من قبل الشرطة يعد سببا ً في انتشار" حقي بدراعي" ولا يمكن أن يكون التأخر في صدور الأحكام هو السبب الرئيسي لأن بعض القضايا يجب أن تأخذ وقت في الفصل بها مع الأخذ في الاعتبار كثرة القضايا وقلة عدد القضاة وهناك بعض الإجراءات المدنية والتي بها الكثير من الضمانات للمتقاضين ، وأكد قورة أنه بالرغم من كثرة القوانين إلا أن هناك قوانين تشريعية يجب النظر فيها . ويجب أن ينتهي هذا الانفلات لأنه بمجرد رجوع الأمن وقيامه بمهامه سيعود الجميع لتطبيق القانون .