* كل الأطراف خرجت خاسرة من أزمة الصحفيين والداخلية * الرئيس رفض إدخال مؤسسات الدولة في صرعات بينية في أزمة الصحفيين * الداخلية "شيطنت" النقابة واستعانت ب"المواطنين الشرفاء * الصحفيون تعاملوا مع الداخلية بمنطق تصفية حسابات قديمة * أزمة الصحفيين أديرت بمنطق "إشمعنى"؟ * إدارة الأزمة من الطرفين لم تكن موفقة وتعكس غياب السياسة * حياد الرئاسة سلبي لأن الرئيس "رُمانة الميزان" بين المؤسسات * مؤتمر الأهرام لم يسهم في حل الأزمة وأظهر انقسام الصحفيين * أفضل أداء للسيسي على الإطلاق ظهر في الملف القبطي * لا أستبعد أن تكون داعش صناعة إسرائيلية أمريكية * أؤيد استكمال مجلس نقابة الصحفيين مدته والخروج بصورة مشرفة * البرلمان ليس على مستوى التحديات أدارت الحوار: إيمان مأمون أعدته للنشر: منى محمود عدسة: ريمون وجيه عندما لاحت أزمة الصحفيين مع الداخلية في الأفق رأينا أننا نحتاج إلى صوت هادئ للوقوف على حقيقة الأمر وتحليله بهدوء، يؤمن أن السياسة وآلياتها هي جل ما تحتاجه مصر لتخطى الكثير من المشكلات، ولا يري في الخطوات التصعيدية والمواجهات الصدامية حلًا لكثير من الأزمات التي تشهدها مصر في الآونة الأخيرة وعلى رأسها أزمة نقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية، الدكتور بشير عبد الفتاح الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ورئيس تحرير جريدة الديمقراطية حل ضيفًا على صالون "فيتو" ليضع رؤيته في قضية الصحفيين والداخلية ونناقش معه عددا من القضايا. *بداية كصحفى، كيف تابعت أزمة الجماعة الصحفية مع وزارة الداخلية؟ في الحقيقة لم أتوقع نشوب أزمة من هذا القبيل بين كلا الطرفين، فما حدث من انتهاك أو ما يُسمى باقتحام وزارة الداخلية لمبني النقابة، والأمر كان سيصبح سهلًا في حالة إقدام الوزارة على الاتصال بالنقيب أو بالنقابة وإخطارهم بتواجد صحفى ومتدرب مطلوب القبض عليهما بمقر النقابة، حينها كان من المفترض أن يتعاون النقيب إما بالتسليم أو بمطالبة الصحفى والمتدرب بالخروج من مبني النقابة، ولكن هذا لم يحدث وتطورت الأوضاع، واللافت أن إدارة الأزمة من قبل الطرفين سواء الدولة ممثلة في الداخلية والحكومة أو نقابة الصحفيين لم تكن موفقة على الإطلاق، وتعكس ضعف وغياب الإرادة السياسية لدى الأطراف كافة، فالنقابة رفعت سقف المطالب منذ الوهلة الأولى وتعاملت مع الداخلية كما لو كانت خصمًا وندًا لها، أو أنها تنتظر فرصة للصدام معها أو تصفية حسابات قديمة، فالتصعيد كان مفاجأة، وبدأ كل طرف يستخدم أي سلاح كما لو أنها حرب، ومن جانبها عمدت الداخلية إلى "شيطنة" النقابة واستعانت ب "المواطنين الشرفاء"، وكان المشهد سيئا للغاية واستعدنا بفعلها أجواء مبارك، لنجد أنه يتم على الجانب الآخر شيطنة الداخلية بالتركيز على عودتها للأساليب البائدة واستعانتها بالخارجين عن القانون والبلطجية وأنها لم تتغير أو تتطور، وأنها تضغط وتستخدم قوتها داخل الدولة لإقناع الرأى العام أنها على حق ولم تخطىء فخرج الجميع خاسرا من هذه الأزمة، وبدا الجميع أمام الرأى العام يبحثون عن مكاسب فئوية وانتصار شخصي زائل على حساب العلاقة بين المؤسسات والثقة بينها واستقرارها، وعلى حساب نظرة المجتمع الدولى للمؤسستين. *هل ترى أن رفع سقف المطالب البداية كان سببًا فيما وصلت إليه الأزمة؟ كان من المفترض أن يكون هناك وسائل تواصل وتنسيق مستمر بين النقابة والداخلية قبل أن تنشب الأزمة ويتم الدعوة لجمعية عمومية لكن ما بدا أن هناك حالة تربص بين الطرفين وأن كل منهما كان لديه نية للتصعيد في ظل غياب أي استعداد للتهدئة، فمجلس النقابة كان يتربص بالداخلية والعكس صحيح، بدليل تشدد الداخلية في تعاملها مع مجلس النقابة وتجاهلها المطالب والإستنجاد بالنيابة التي دعمت موقفها، وبإتهام النقيب بالتستر على مطلوبين للعدالة، والنقابة بدورها ردت بتصعيد أكبر ومطالبة رئيس الدولة بالاعتذار وإقحامه كطرف في الأمر رغم أنه لم يكن طرفًا منذ البداية، وبسؤالى بعض أعضاء مجلس النقابة عن الأمر، كان الرد "نحن لسنا أقل من المحامين أو الأطباء حينما اعتذر لهم الرئيس لمنع حدوث أزمة"، وهنا يظهر أن القضية تُدار بمنطق "إشمعنى؟"، وهذا يعكس غياب الوعى وذلك بمقارنة الأزمة بأزمات أخرى وتجاهل الفوارق والسياق التاريخي بينهم. *وبم تفسر غياب الرئاسة عن المشهد؟ في اعتقادى أن الرئيس حرص على أن يكون خارج دائرة أي صراعات أو مزايدات بينية تحدث بين مؤسسات الدولة، ومن الطبيعي ألا يتدخل الرئيس لأن مؤسسات الدولة من المفترض أنها محترفة وتستطيع إدارة الأزمات بآليات سياسية ودستورية وقانونية لتسوية الخلافات والإحتكام لدولة القانون، كما أنه لم يكن طرفًا في الأزمة منذ البداية لذا فقد كان لديه تطلع بأن يتم تسويتها سواء من قبل الداخلية أو وساطات من مجلس النواب أو الحكومة أو العقلاء من الطرفين، كما أنه آثر ألا يتدخل لأنه غالبًا قد ينتصر لطرف على حساب الآخر، ففى حالة انحيازها للداخلية، على سبيل المثال، سيُقال أن الدولة أصبحت بوليسية وأن الصوت الأعلى هو صوت الأمن، وهو ما دفعها إلى الإلتزام بالحياد، بالرغم من أن البعض يرى أنه حياد سلبي لأن الرئيس "رُمانة الميزان" بين المؤسسات. *شق الصف الصحفى عن طريق جبهة " تصحيح المسار " البعض اعتبره اختراقا للجماعة الصحفية ووحدتها فهل تتفق مع هذا الطرح ؟ لم أحضر المؤتمر لاعتراضى عليه فشعار"تصحيح المسار" الذي تم استخدامه كعنوان لهذه الدعوة في حد ذاته مثير للقلق وبالفعل يؤدى إلى شق صف جماعة الصحفيين، ومن ناحية أخرى ما دار في المؤتمر من دعوى لسحب الثقة من مجلس النقابة وتحميله الخطأ كله بشكل مبالغ فيه يزيد من الأزمة ولا يعالجها، فنحن قد نعترف بسوء إدارة الأزمة من قبل مجلس النقابة، ولكن سوء الإدارة اشتركت فيها الدولة أيضا، ولقد استشعرت أن المؤتمر يجنح إلى تحميل مجلس النقابة كامل المسئولية، وبالتالي على المستوي الشخصي فقد شعرت أن المؤتمر لم يكن إضافة حقيقية ولم يسهم في حل الأزمة، بل أظهر وجود انقسام كبير داخل نقابة الصحفيين. *هل تتوقع أن يتمكن البرلمان من احتواء الأزمة؟ لا نريد للبرلمان أن يتحمل أكثر من طاقتة، والرهان عليه بأن يكون على مستوى المسئولية سيكون متواضعًا وينطوى على ظلم له، فهؤلاء النواب، بالرغم من انتخابنا لهم، إلا أنهم ليسوا على مستوى التحديات الكبيرة التي تشهدها البلاد، وبالتالي فأنا شخصيًا لا أعول على قدرة هذا البرلمان في التصدي للأزمات الكبيرة وعلي رأسها أزمة الصحفيين، والرهان سيكون على جهود فردية لبعض النواب داخل البرلمان مثل وساطة النائب أسامة هيكل الذي يمتلك قدرة على الحوار والتواصل باعتباره صحفيا في الأساس. *هل أزمة الصحفيين والداخلية أثبتت أن مؤسسات الدولة ليست لديها نضج سياسي؟ مؤسسات الدولة بالكامل ليست على مستوى المسئولية، وتطورات الأزمة عكست نقص في الخبرة السياسية في كافة المؤسسات، وهذا نتج عن "التجريف السياسي بفعل نظام مبارك والأنظمة السابقة له، لذا فإننا بحاجة إلى إعادة بناء المؤسسات والتنقيب عن الكوادر السياسية التي تمتلك وعيًا بأهمية السياسة وبآليات التفاوض لإدارة الأزمات. *البعض يرى أن التصعيد من جانب النقابة يكمن وراءه مصالح انتخابية؟ لا يوجد شك أنه سيطر على إدارة الأزمة من جانب الصحفيين الحسابات الانتخابية وحسابات البطولة والبحث عن دور، فالنقيب اعتبر أن هذه معركته بعدما فُرض عليه الموقف وسلطت عليه الأضواء والجميع يلاحظ كيف يتصرف، وكان مضطرا للإنقياد وراء التيار الجارف، لأنه إن نادي بإعادة ترتيب الأوراق سيظهر في صورة المتخاذل ويُتهم بأنه له حسابات مع الأمن في ظل نغمة التخوين السائدة، كما أنه أراد أن يكون على نبض الصحفيين لكي يعاد انتخابه مرة أخرى، وهذه حسابات إنسانية واردة، وأنا شخصيا تحدثت مع النقيب وقلت له أنه لم يكن يجب البدء بإقالة وزير الداخلية فقال لي "الجماعة عايزة كده"، وسألته وماذا عن إقحام الرئيس قال "الجمعية العمومية قالت هذا"، هذه العوامل قد تؤدى إلى أن يكون الإنسان مسيرا في اتجاه معين. *ما رأيك في المطالَب التي تنادي بإقالة مجلس النقابة؟ أعتقد أن هذا هو التصعيد المضاد، ومن وجهة نظرى لابد أن يخرج مجلس النقابة خروجا مشرفا بعد استكمال مدته، فأنا ضد تكسير العظام أو التمثيل بالجثة بعد قتلها،والناخبون هم من سيقررون مصير هذا المجلس في ضوء إدارته للأزمة الحالية. *من يجب أن يأخذ بزمام المبادرة لإذابة الجليد بين أطراف الأزمة الحالية؟ العقلاء والحكماء حتى إن تطلب الأمر تدخل الرئيس شخصيا من منطلق حرصه على أداء وصورة وزارة الداخلية، وحرصه على الجماعة الصحفية، ومن وجهة نظرى لابد من جلسة يتم عقدها بين نقيب الصحفيين مع وزير الداخلية بحضور طرف ثالث من البرلمان والحكومة، يتم وضع كل طرف أمام مسئولياته، فتعترف الداخلية بأن دخول النقابة دون الرجوع إلى النقيب كان خطأ وتعترف النقابة أن التصعيد المفاجئ دون الرجوع إلى الداخلية أيضًا كان خطأ، وفى الأخير يتم إصدار بيان رصين ووطني يحمل اعترافا واعتذارا متبادلا وإعلان بدء صفحة جديدة على الرأي العام، ولكن للأسف كل طرف في هذه الأزمة يريد الخروج من الأزمة منتصرا لأننا في مصر لم نعتد على الخروج جميعًا منتصرين، لذا أرى ضرورة إعلاء المصلحة الوطنية والحفاظ على صورة مصر في عيون العالم الخارجي بعدم افتعال أزمات تعطلنا عن مسار الانتقال من الثورة إلى الدولة. *كيف يمكن للدولة أن توازن في تعاملها مع الإرهاب وبين الأصوات المعارضة لها في الداخل؟ هذه القضية تعكس الجدل التاريخي المعروف في مثل هذه الظروف بعد الثورات، حيث تُثار التساؤلات حول الأولويات، هل الأولوية هي مواصلة طريق التحول الديمقراطي ودعم الحريات وترسيخها، أم الأولوية لاستعادة دولة مفككة وبنائها والتصدي للمؤامرات الخارجية، وفي المجتمعات التي خرجت من حالة تفكك مثل المجتمع المصري بعد ثورة يناير والموجة الثورية في 30 يونيو وفي ظل وجود فصيل من المجتمع يصر على الخروج عن الإجماع الوطني واللجوء لأساليب مرفوضة للتعبير عن نفسه، يحتدم صراع الأولويات، فالرئيس لأنه مسئول عن كل مواطن يعتبر التأمين بمفهومه الشامل هو الشاغل الأول له، وهو يري أن هذه أولوية، بعدها تأتي الحريات خاصة أنه يري أن هناك حدا أدنى من الحرية يمكننا أن نعيش في ظله حتى تستقر الدولة، وهذه هي وجهة نظر النظام، والحل هو خلق جسر بين أصحاب الرؤية الأمنية وأصحاب الرؤية السياسية ووجود حوار وخلق نقاط توافق. *ما تقييمك لأداء الرئيس وتعاملة مع ملفات عدة؟ أعتقد أنه مع مرور الوقت يتطور أداء الرئيس ويتمدين بصورة أكبر، وهو رجل استخباراتي على علم بحقيقة التهديدات التي تواجه البلاد ولا يريد كلاما مرسلا بل برامج وسياسات وأرى أن أفضل أداء للسيسي على الإطلاق يظهر في الملف القبطي الذي لا يتم تسليط الضوء عليه كثيرا، كما أعجبني أداءه في الإرتقاء بأداء القوات المسلحة تسليحًا وتدريبًا، وفيما يتعلق بالديمقراطية فإن الرئيس لم يأت في سياق ديمقراطي، لكى يمكن القول بأن الثورات تهدم كى تبنى فثورتا يناير و30 يونيو أعادتنا للوراء، ورؤية الرئيس للديمقراطية واضحة، حينما قال أن الموضوع يحتاج إلى المزيد من الوقت، وأنها ليست قضية ملحة في الوقت الراهن، وأعتقد أن الرئيس يحتاج إلى التواصل مع فئات المجتمع مع ضرورة وجود تنوع في الشخصيات التي يتحاور معها، وأري أن مؤسسة الرئاسة لم تكتمل بعد وأن الرئيس يحتاج إلى مستشارين من مختلف المجالات. *هل يشير حاث حلوان الأخير إلى اختراق داعش لمصر؟ داعش موجودة في سيناء من خلال إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس ولاءه للتنظيم، وأصبح لدينا فرع منها وهي ليست موجودة في سيناء فقط فداعش تبني الخلايا في الوادي والدلتا وتجند أفرادها إليكترونيًا، ويتم توجيه هؤلاء الأعضاء للقيام بأعمال إرهابية وإعلان اسم داعش عند تنفيذها، وفيما يخص حادث حلون الأخير هناك أكثر من رواية ستكشف حقيقتها التحقيقات ولكنه من الواضح أن العملية مخطط لها بشكل جيد وتكشف ضعف التأمين في الداخلية، وأتوقع أن تشهد مصر أحداثا مقبلة تزامنًا مع قدوم 30 يونيو وصدور الأحكام التي تنتظر مرسي وقيادات الإخوان. *هل القوى المصرية قادرة على تقديم كوادر يمكنها منافسة الرئيس في الانتخابات المقبلة؟ من المفترض أن يكون لدينا أكثر من عشرة أشخاص صالحين لأن يصبحوا رؤساء، والانتخابات الماضية كانت بداية بعد الثورات والارتباك، ونأمل في المستقبل أن يكون لدينا كوادر قادرة على خوض الانتخابات.