سيناء الجزء الغالى من أرض مصر، وعادات أهلها لها رونق آخر فهم يشكلون مجتمع له نظم وقوانين وعادات وتقاليد وصناعات خاصة، ويحرص زوار سيناء على معايشتة أهلها على الطبيعة لشهرتهم بكرم الضيافة ومراعاة الجار واحترام العرض والوفاء بالعهود والشجاعة وعزة النفس واحترام الحيوان. الطعام والسكن وفي هذا السياق قال الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى، إن حياة أهل سيناء ارتبطت بالبيئة التي يعيشونها فصنعوا الخيمة البدوية من الشعر حيث تحيكها النساء من وبر الإبل وصوف الغنم ويثبتونها بالأوتاد والحبال ويقيمون بها في الشتاء والربيع اتقاءًا للمطر والبرد وفى الصيف يبنون لأنفسهم أكواخًا من القش وأغصان الشجر لتقيهم الحر والرياح ويطلق عليها عرائس. وتابع «ويطحنون الحبوب بالرحى ثم يعجنون الدقيق في باطية وهى منسف صغير ويخبزونه رقاقًا على الصاج أو أقراصًا على الجمر حيث يوقدون الحطب على الأرض حتى يصير جمرًا فيزيلون الجمر عن الرماد ويطمرون قرص العجين في الرماد ثم يضعوا عليه الجمر إلى أن يجف وجهه الأول فيقلبونه على الوجه الآخر». وأضاف و«أشهر أطعمتهم الجريشة حيث يجرشون القمح بالرحى ويسلقونه ثم يضعون عليه اللبن أو السمن والعصيدة أو التلبانة حيث يغلون الماء أو اللبن ويصبوا عليه الدقيق ويحركوه والدفينة وهى فتة من الخبز أو مسلوق الأرز بمرقة اللحم وينثر اللحم قطعًا فوقها والمفروكة وهى نوع من الشعرية تؤكل بالسمن والسكر» وأكمل ريحان «أما الشواء فيأتون بالخروف بعد سلخه ولفه برقائق الألومنيوم ليوضع على شبكة تحته الجمر ويغطى بإحكام بنصف برميل يوضع عليه الكليم البدوى المصنوع من قصاصات الأقمشة ثم يدفن تمامًا ويهال عليه التراب ويحرص زوار شرم الشيخ على تناول هذا الشواء في خيمة بدوية حيث يخبرهم شيخ القبيلة عند قدومهم بأن طعامهم مدفون وسنحصل عليه بعد رفعه بالكوريك وهذا ما يتم بالفعل ترفع الأتربة بالكوريك ثم يظهر الكليم البدوى ثم تظهر ملامح الشواء لتفوح منه رائحة تبهر الزائرين الذين لا تنقطع كاميراتهم عن تصوير كل مرحلة وكأنهم أمام اكتشاف أثرى هام ولا يشرب أهل سيناء القهوة إلا مصنوعة في وقتها حيث يحمصون البن بالمحماصة ثم يدقونها بالهاون أمام الضيوف ويقدمون القهوة دورًا أو دورين أو أكثر«. الزواج والموسيقى وأضاف ريحان «أن المرأة البدوية تلبس رداءًا مصبوغ من جذور النبات ويتحزمن بحزام من شعر أسود أو أبيض يحكنه بأنفسهن ويلففنه ثلاثة لفات حول الخصر ويتبرقعن ببرقع مكون من نسيج قطنى أسود مطرز بخيوط حريرية مختلفة الألوان تغطى الرأس والأذنين وتعقد بشريطين تحت الذقن وفوق البرقع ترتدى وشاحًا أسود يدعى القنعة يغطى الرأس والظهر» وأضاف «أن في زواج البدو يكون مهر بنت العم خمسة جمال والأجنبية عشرين جمل ويأخذ والد العروس غصنًا أخضر يناوله لخطيبها قائلًا (هذه قصلة فلانة بسنة الله ورسوله إثمها وخطيتها في رقبتك من الجوع والعرى ومن أي شئ نفسها فيه وأنت تقدر عليه) فيتناول الخاطب القصلة ويقول قبلتها زوجة لى بسنة الله ورسوله» وتابع «ويزف العروسان في خيمة كبيرة تدعى البرزة ويذبح أهل العريس الذبائح عند باب البرزة ومن آلات الطرب الربابة والشبابة المعروفة في مصر بالصفارة والمقرون (الزمارة) وأشعارهم منها القصيد الذي ينشد على الربابة والموال وحداء الإبل ورقصاتهم هي الدحية حيث يقف المغنون صفًا واحدًا بينهم شاعر أو أكثر يعرف بالبدَاع يرتجل الشعر وأمامهم غادة ترقص بالسيف تدعى الحاشية ويبدأ المغنون بقولهم الدحية الدحية ويصفقون بأيديهم». عادات وتقاليد وأكد ريحان أن لأهل سيناء عادات منها زيارة البحر للتبرك حيث كانوا يزورون البحر بخيامهم وإبلهم وغنمهم فيغسلونها في البحر ثم يذبحون الذبائح ويرمون رءوسها وجلودها في البحر، قائلين «هذا عشاك يا بحر»، ويطبخون باقى اللحم ليأكلوا منه ويطعموا المارة وتابع «ولا تزال حتى الآن زيارة البحر من العادات التي يحرص عليها سكان العريش حيث يعتقدون أن النزول للبحر في يوم معين يحقق الشفاء من جميع الأمراض اقتداءًا بنبي الله أيوب عليه السلام ويطلق عليه أربعاء أيوب يحتفلون به كل عام قبل شم النسيم حيث ينزل الرجال للبحر من الصباح حتى العصر متقربين إلى الله بالدعاء» وأضاف «والمنازعات في سيناء يتكفل بها رجال يحكمون بالعرف والعادة ومنهم المنشد الذي يحكم في المسائل الشخصية الخطيرة كمس الشرف والإهانة الشخصية والقصاص وهو قاضى العقوبات والعقبى وهو قاضى الأحوال الشخصية والزيادى وهو قاضى الإبل يقضى في أمور سرقتها وكل ما يتعلق بها والمبشع وهو قاضى الجرائم المجهولة التي لا شهود لها وذلك باختبار المتهم بالنار أو الرؤيا واختبار النار بتسخين طاسة نحاسية بشدة ويطلب من المتهم أن يلعقها 3 مرات بلسانه فإذا أثرت النار في لسانه يعنى إدانته ويقال في ذلك إن كان مجرمًا جف ريقه فتؤثر النار على لسانه وأما الرؤيا فهى أن المبشع يفكر في المتهم ثم ينام فيظهر له الجانى في الحلم وعندما يصحو يحكم عليه».