إلى جانب اهتمامات البابا شنودة المتعددة، كان الفن من أهم أولوياته، وهو ما جعل الكنيسة فى عهده تهتم بدعم إنتاج الأفلام السينمائية والمسرحيات، وعرضها داخل الكنائس، وهو ما نتوقف عنده فى هذا التقرير. تجمع كل المصادر أن إنتاج أول فيلم سينمائى تدعمه الكنيسة ماديا كان تحت عنوان «اثناسيوس الرسول» وتم إنتاجه فى سبعينيات القرن العشرين خلال الفترة التى كان الخلاف بين الرئيس السادات والبابا شنودة قد تصاعد، واعتكف البابا فى دير وادى النطرون، واختيار قصة حياة القديس اثناسيوس الرسول لا تخلو من دلالة، حيث عاش هذا القديس نفس الاضطهاد الذى عاشه البابا شنودة، ولكن من الرومان فى بداية العهد المسيحى، وعرض الفيلم لأول مرة فى كنيسة دمنهور، وتم تداوله على شرائط الفيديو في كل كنائس مصر، وتوالت بعد ذلك الأفلام التى يمكن تقسيمها لنوعين حسب موضعها، الأول أفلام تتناول قصص الأنبياء طبقا لما ورد فى الأناجيل المختلفة ومنها على سبيل المثال قصة نبى الله يوسف، وسيدنا إبراهيم، وهكذا، أما النوع الثانى فهو الخاص بتاريخ القديسين وشهداء الكنيسة المصرية ومنها «أول الشهداء إسطفانوس والقديس أبا اسخيرون القلينى، والقديس أبا قسطور، والأنبا إبراهم القيدونى، والبابا اثناسيوس السر، وصولا إلى البابا كيرلس السادس، وأغلب كتاب ومخرجى هذه الأعمال من غير المحترفين، من خريجى مدارس الأحد ولعل من أشهرهم ماجد توفيق الذى قدم 04 فيلما منها. وقد شارك كبار المخرجين فى إخراج بعض هذه الأعمال منهم المخرج الكبير سمير سيف والذى قدم 5 أفلام منها «القديس مار مرقص»، «القديسة دميانة»، والانبا شنودة رئيس المتوحدين»، كما شارك نجوم السينما والدراما فى هذه الأعمال منهم على سبيل المثال النجم هانى رمزى، وماجد الكدوانى، ويوسف داود، وسلوى خطاب، والعديد من النجوم المسيحيين والمسلمين على حد سواء. وقد قامت الكنيسة بتأسيس مقر للرقابة على الأفلام، والمصنفات الفنية لمراجعة هذه الأعمال، قبل تصويرها والسماح بعرضها خاصة من الوجه العقائدى الكنسى، ولا أحد يعلم على وجه التحديد عدد الأفلام التى أنتجت بدعم من الكنيسة أو بإنتاج مباشر منها، فالبعض يتحدث عما يقرب من 053 فيلما، والبعض الآخر يصل بها إلى الألف فيلم، ونعتقد أن الرقم الأول هو الأقرب إلى الصحة، فى ظل ظروف الإنتاج واعتماد الكنيسة على التبرعات والبيع المباشر للسيديهات داخل الكنائس، وتترواح تكلفة الفيلم بين 051 ألف جنيه و003 ألف جنيه حسب قدرة المحمول والموضوع، ويرجع أغلب النقاد هذه الأفلام لضعف المستوى خاصة أن من ينفذها ليس بدارس، أضف إلى ذلك أنها تصور بكاميرات بدائية، وأغلب هذه الأفلام كان يتم تداولها داخل الكنائس، وكان البعض يهاجم الكنيسة على هذه الأفلام ولم يكن قد شاهدها، وعندما انتشر الإنترنت والقنوات الفضائية وبدأ جمهور المسيحيين والمسلمين مشاهدة هذه الأفلام طالب الجميع بإتاحة عرضها فى التليفزيون المصرى خاصة أنها تتناول فترة تاريخية من حياة مصر لانعرف عنها شيئا للأسف. أما عن الأفلام التى تتناول حياة السيد المسيح فلم تقدم الكنيسة حتى الآن فيلما عنه، ولكن فى كل تصريحات البابا شنودة كان يشجع المنتجين على انتاج مثل هذا الفيلم خاصة أنه يجب أن يقدم بطريقة مبهرة تتناسب مع قدسية الموضوع، وهو فى رأيى ما جعل الكنيسة تحجم عن إنتاج مثل هذا الفيلم، أضف إلى ذلك عدم رغبة الكنيسة فى الصدام مع الأزهر الشريف الذى يمنع هذه الأفلام طبقا لرأى الشريعة الإسلامية، الغريب أن المسيحيين يتداولون على شبكة الإنترنت فيلما عن السيد المسيح بإعتبار أنه أول مصرى عبد السيد المسيح، والحقيقة أن هذا الفيلم ليس إنتاجا مصريا ولكن تم دبلجة فى مصر فقط، ويقولون أيضا إن انتاج الفيلم كان عام 8391، والحقيقة أن الفيلم الأصلى» هو انتاج عام8391، ولكن تم دبلجة الفيلم فى مصر عام5591، والدليل على ذلك أن المشاركين فى دبلجة الفيلم لم يكونوا على الساحة الفنية عام8391 ومنهم سميحة أيوب التى أدت صوت مريم المجدلية، وتوفيق الدقن الذى أدى صوت قيامة اليهودى، وادى الممثل أحمد علام صوت السيد المسيح وعزيزة حلمى أدت صوت السيدة مريم، كما شارك فى الفيلم استفان روستى وسعد أردش وعبد السلام محمد، وأخرج النسخة المدبلجة محمد عبدالجواد، وقامت الشركة العربية بتوزيع الفيلم وعرضه فى دور العرض عام5591 و6591، وكان يعاد عرضه فى الأعياد المسيحية طوال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى. وحتى الآن لم يتم إنتاج أى فيلم مصرى عن السيد المسيح رغم ترحيب الكنيسة ومباركتها للفكرة. وكما دعم البابا أفلام السينما دعم أيضا المسرحيات وكانت لا تزال تعرض على خشبة مسرح يتم إقامته داخل الكنائس، وأغلب هذه المسرحيات يتناول موضوعات دينية أيضا، ولكن لا يخلو الأمر من بعض المسرحيات الاجتماعية الكوميدية. ولم تكن علاقة البابا شنودة كلها دورية مع الفن، فقد مرت أيضا فترات اعتبرها البابا عصيبة، خاصة عندما تسمح الرقابة بعرض فيلم تعتبره الكنيسة يتناقص مع تعاليمها ولعل أشهر هذه الصدامات ما حدث مع فيلم «بحب السيما» للنجمة ليلى علوى ومحمود حميدة وإخراج أسامة فوزى، خاصة أن الفيلم تم تصويره داخل إحدى الكنائس، كذلك فيلم «واحد - صفر» لإلهام شاهين وإخراج كاملة أبو ذكرى، وفيه تعريض بفكرة منع الزواج الثانى الذى تحرمه الكنيسة، ومن الأفلام العالمية التى اعترضت عليها الكنيسة كان فيلم «شفرة دافنشىء والذى يتحدث عن إنجيل برنابا الذى لا تعترف به الكنائس العالمية والمصرية.