طريقة العمدة «غلاب» الأفضل لحفظ الأرواح .. والفضل الدندراوي الأشهر دستوره هو الأعراف, ومواد القانون فيه هي العادات والتقاليد,لا يجرؤ أحد علي مخالفة حكمه النهائي وكلمة القاضي فيه كالسيف ..إنه المجلس العرفي أقدم أشكال القضاء علي وجه الأرض والمستمر حتي الآن في العديد من المحافظات وعلي رأسها محافظة قنا .... المجلس العرفي هو أول ما يلجأ إليه أي أطراف نزاع داخل المحافظة, وخاصة القري قبل أن يتم تصعيد الموقف للأمن, حيث يري فيه العديد من االمواطنين العدالة الناجزة, والبعد عن الاحتكاك بالشرطة والقضاء, علاوة علي الثقة في حكم المجلس العرفي , الذي يتكون من كبراء العائلات, ورجال الدين, والمشهود لهم بالثقة والعدالة والاحترام ...ويري كثير من أهالي قنا أن المجلس العرفي مكمل لدور الجهات الأمنية والقضائية, وهو الحائل دون تصاعد المشكلات الصغيرة خاصة إذا علمنا أن المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية تحض علي التصالح بين الأطراف المتنازعة مع تحقيق العدالة, وهذا هو ما يفعله المجلس العرفي....بينما يذهب آخرون إلي أن المجلس العرفي يهز هيبة الدولة والقانون كما أن حل النزاع عن طريق المجلس العرفي قد يشوبه المجاملة لأحد الأطراف خاصة إذا كان من عائلة لها ثقلها .. العمدة حافظ عبد الغني واحد ممن شاركوا في العديد من المجالس العرفية بمركز نجع حمادي .. يري أن المجلس العرفي جزأ لا يتجزأ من ثقافة محافظات الصعيد عموما, والمجلس العرفي أو (قعدة العرب) كما يحلو للبعض أن يسميها يتشكل علي حسب أطراف المشكلة, فمثلا إذا كان النزاع داخل العائلة الواحدة, فتقوم العائلة بعمل جلسة من داخلها تضم كبراء العائلة وطرفي النزاع , وإذا كان النزاع بين عائلتين تتسع دائرة المجلس لتشمل كبراء القرية وحكمائها وإذا كان الموضوع أكبر تتسع الدائرة لتشمل شخصيات علي مستوي المحافظة وهكذا ...ويتشكل المجلس العرفي من كبير المجلس والذي يكون شخصية محبوبة ومحترمة من الجميع وله كلمة مسموعة بين الناس وأيضا يضم رجال دين وأعضاء بمجلس الشعب ومأذون القرية ووجهاء وكبراء البلد من المشهود لهم بالعدالة والحزم...يبدأ المجلس بحضور كل هذه الشخصيات وحضور طرفي النزاع الذي يشمل العديد من القضايا من نزاع علي أرض أو خصومات ثأرية أو اعتداء بين عائلتين إلخ...يبدأ كبير الجلسة بسماع أقوال المدعي ورد الجاني علي حد سواء وفي الغالب تكون الجلسة محفوفة بروح الود وتوقير الكبير وإن كان الأمر لا يخلو من بعض الشد والجذب ولكن لا يستطيع أحد أن يرفع حتي صوته في هذه الجلسة وإن كانت هذه الأفعال تحدث الآن من بعض الشباب المندفع علي عكس الماضي حين كان الشباب يعملون ألف حساب لهذه الجلسة ...وليس معني هذا هو التساهل مع أي تصرف مندفع قد يكلف صاحبه العديد من الجزاءات ...وبعد الاستماع لقول المدعي والمدعي عليه يتم مناقشة الموضوع بين كبراء المجلس وتحليله وقد يطلب كبير المجلس من شخصين ذوي ثقة الذهاب إلي محل النزاع للتثبت من الأقوال خاصة إذا كان الخلاف علي قطعة أرض فقد يذهب المجلس برمته لمعاينة الأرض وقياسها وإرجاع الحق للمظلوم .. ويضيف قائلا: بعد ذلك يقرر المجلس الذي ارتضاه الجميع حكما في هذا النزاع وغالبا ما يكون هو الحكم المناسب والجزاءات والعقوبات التي تتنوع علي حسب القضية بين غرامات مالية أو دفع الدية أو تقديم الكفن وقد تصل العقوبة إلي حد التهجير من القرية ..والتهجير من البلد يختلف علي حسب القضية ..فالتهجير يمكن أن يكون عقوبة (طرد) ويمكن أن يكون حكما صادرا من المجلس العرفي حقنا للدماء وهو غالبا ما يتم في الخلافات الثأرية إذ يتم تهجير أسرة من مكانها مع التعهد بعدم التعرض لها وهذا النوع من التهجير يتوقف علي رأي ولي الدم .. والمجلس العرفي كما يوضح العمدة افظ عبد الغني قد يضع عقوبات يرتضيها الجميع قبل بداية الجلسة علي من يخالف الحكم الصادر منها مثلا غرامة مالية كبيرة وإن كان هذا الأمر غير متداول بكثرة في قنا فحكم المجلس يسري علي الجميع بدون مخالفة ...كذلك قد يقوم المجلس بكتابة محضر وتعهدات بما تم في الجلس ويوقع عليها طرفا النزاع بلا مناقشة.. ويشير الي ان تقديم الكفن والتهجير هما أقسي عقوبتين في قنا ...أما عن تقديم الكفن فالكل ينظر إليه علي أنه نوع من الذلة والعار, لما يصاحبه من مراسم تحز في نفس القاتل وعائلته ...وتقديم الكفن في قنا وفي الصعيد عموما له أربع طرق أو أربع مدارس رئيسية أول هذه الطرق هي طريقة العبابدة نسبة إلي قبائل العبابدة وكانت هذه الطريقة شائعة في الصعيد في الأربعينيات, وكانت