سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر موطن اللاجئين.. "النميرى" من قصر الرئاسة بالخرطوم إلى مصر الجديدة .."الكيخيا" لاجئ مختفٍ .. "صدام" عاد رئيسًا .. وشاه إيران مات فيها .. و"قذاف الدم" باعه الإخوان مقابل صفقة رخيصة
فى الوقت الذى تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تطورات على الساحة السياسية والأنظمة الحاكمة فى دول الربيع العربى، تزايدت نسبة اللاجئين من تلك البلدان إلى مصر نظرًا لكونها أول البلاد التى شهدت ثورة ضد نظام الحكم بعد تونس، بالإضافة إلى هدوء الأوضاع بها نسبيًّا مقارنة بالدول الأخرى التى تعانى من مواجهات مسلحة بين القوات النظامية والثوار. وتعود أول حالة لجوء سياسى إلى مصر وفق الروايات التاريخية إلى عائلة قيصر روسيا فى عهد السلطان حسين كامل فى عام 1917، وذلك بعد قيام الثورة الشيوعية فى روسيا، ثم احتضنت مصر أيضا عام 1928 م ملك ألبانيا أحمد زوغو، والذى تولى الحكم فى بلاده العام 1922 بعد مقاومته الاستعمار الفرنسى والنمساوى والإيطالى، وظل يحكم حتى عام 1928م عندما دخل موسولينى، وقواته ألبانيا فهرب إلى إنجلترا ثم لجأ إلى مصر فى حماية الملك هو ومؤيدوه حتى وصل الحزب الشيوعى إلى السلطة العام 1944م، ومنع من العودة إلى بلاده نهائيًّا، وظل بالقاهرة حتى قيام ثورة يوليو عام 1952م، وتوفى فى عام1961م عن عمر يناهز الحادى والستين عامًا. وفى السياق ذاته يعد قسطنطين الثانى أصغر لاجئ أجنبى إلى مصر حيث كان عمره لا يتجاوز العام عندما غزت القوات الألمانية اليونان عام 1940م فغادر هو وعائلته من اليونان متوجهين إلى مصر، وظل بها أربعة أعوام، ثم غادرها إلى جنوب أفريقيا، وعاد مرة أخرى إلى اليونان عام 1945م، حتى تولى والده الحكم عام 1947م، وبعدها خلف والده على العرش عام 1964م، وكان عمره وقتها لم يتجاوز ال 24 عامًا، وكان أصغر ملوك العالم الحديث إلى أن قام العسكريون بانقلاب ضده، وهرب عام 1973م، ولجأ إلى إنجلترا، وهو ما زال يعيش بها حتى الآن. وتضم أيضا قائمة اللاجئين إلى مصر الثائر الجزائرى أحمد بن بيلا، الذى حضر إلى مصر فى سبتمبر عام 1953م، وكون مع بعض أصدقائه "جبهة تحرير الجزائر" ضد الاستعمار الفرنسى" ووصل إلى القاهرة باسم مستعار، وهو "مزياتى مسعود" حتى يتمكن من التخفى وعاش فى حى مصر الجديدة، حيث كان يعيش العديد من الملوك والرؤساء اللاجئين، وساعدت مصر الثورة فى الجزائر، وتم التحرير، وعاد بن بيلا ليكون أول رئيس للجزائر عام 1963م، لكنه لم يستمر طويلا، وأطاح به وزير دفاعه هوارى بومدين، بعد عامين فقط، وتم اعتقاله حتى عام 1980م. وأيضا حصل الرئيس السودانى السابق جعفر النميرى، على حق اللجوء السياسى إلى مصر عام 1985 م فى عهد الرئيس السابق مبارك بعد فترة حكم بدأت فى عام 1969م، وعاش بالقاهرة ما يقرب من 15 عامًا، حيث يُروى عنه بأنه عاش سنوات لجوئه السياسى فى قصر النصر، والذى يقع فى 26 شارع الثورة بمصر الجديدة. ويستمر مسلسل اللجوء السياسى إلى مصر مع بداية العصر الحديث، ومن أشهر الاجئيين الذين ارتبط اسمهم بالكثير من الجدل إلى الآن "شاه إيران" محمد رضا بهلوى، الذى ارتبط بمصر فى مراحل عمره المختلفة، حيث تزوج الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق عام 1939م، قبل أن يتولى حكم إيران، حيث كانت قوات التحالف أطاحت بوالده رضا بهلوى، خوفا من جنوحه ناحية "هتلر" فى الحرب العالمية الثانية، وقامت باحتلال إيران ونصبت ابنه محمد رضا بهلوى بدلًا منه، واستمر حكم محمد بهلوى، حتى يناير عام 1979م، وبعد قيام الثورة الإيرانية، أُجبر على مغادرة البلاد إلى بنما. وظل بها فترة حتى ساءت حالته الصحية, حيث كان مريضا بالسرطان، وغادرها إلى الولاياتالمتحدة الأميركية للعلاج فى عهد كارتر، ومع تزايد الضغوط من قبل إيران، والتى كانت تطالب برأس الشاه طالبته الولاياتالمتحدة بالمغادرة، وساءت نفسيته، ورحب به الرئيس السادات، واستضافه فى مصر، ورفض تسليمه إلى الثورة الإيرانية، وظل الشاه لاجئًا سياسيًّا فى مصر منذ بداية العام 1979م إلى وفاته فى يوليو العام 1980م، وكان يقيم فى مقر القبة. ولجأ أيضا إدريس السنوسى ملك ليبيا، إلى مصر بعد أن أطاح به العقيد معمر القذافى عام 1969م، عندما كان خارج البلاد وقت وقوع الانقلاب، وفكر السنوسى آنذاك فى اللجوء إلى بعض الدول العربية منها السعودية والمغرب، وقدم طلب لجوء إليهما، وتأخر الرد عليه، لكن الرئيس جمال عبدالناصر، وافق على طلبه باللجوء لمصر, وأيضا هناك عبد الحميد البكوش، رئيس وزراء ليبيا الأسبق، الذى تعرض لمحاولة اغتيال عام 1979م، ومن الواضح أن الإثارة تلازم اللاجئين الليبيين لمصر فما زال الغموض يسيطر على وزير الخارجية الليبى السابق منصور الكيخيا، لينتهى بذلك عهد اللجوء السياسى إلى مصر بدون مناقصات. كماعاش الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، بالقاهرة 3 سنوات عقب اتهامه ومجموعة من زملائه بالاشتراك فى محاولة اغتيال فاشلة ل "عبد الكريم قاسم" الذى كان يشغل منصب رئيس وزراء العراق فى ذلك الوقت، وكان معه مجموعة من أصدقائه، و منحهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حق اللجوء السياسى. وجاءت ثورات الربيع العربى لتطيح بالرئيس التونسى زين العابدين بن على، حيث قام بتقديم طلب إلى مصر بحق اللجوء السياسى لكن مصر رفضت الاستجابة للطلب فى البداية وسمحت له بالبقاء لبضع ساعات فقط بمنتجع شرم الشيخ لحين إجراء الاتصالات اللازمة بشأن مكان لجوئه، وفى حال قبول الطلب فإنه بذلك سيكون ثانى رئيس دولة يلجأ إلى مصر بعد استضافة الرئيس الراحل أنور السادات لصديقه شاه إيران رضا بهلوى، فى ظروف مماثلة بعد أن رفضت أكثر من دولة استقباله بعد الإطاحة بنظام حكمهم. وبعد سقوط نظام "القذافى" لجأ العديد من أقاربه إلى حق اللجوء السياسى إلى مصر، وكان من بينهم أحمد قذاف الدم، الذى تقدم بخطاب اللجوء السياسى إلى المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع السابق، و لم يتم الرد عليه لا بالرفض ولا بالقبول، ومع تولى جماعة الإخوان المسلمين للحكم بدأ عهد جديد من اللجوء السياسى يتسم بنظام المقايضات؛ أى تسليم الفرد إلى بلده بمقابل مادى، وتعود بهذا الجماعة إلى تجارة بيع الرقيق، و تَمَثَّل ذلك بعد إلقاء القبض على "قذاف الدم" وتسليمه للسلطات الليبية بعد عقد صفقة مع جماعة الإخوان مقابل التسليم.