فجأة تحولت منطقة «كوم الناضورة» الأثرية الواقعة فى نطاق حى الجمرك بالإسكندرية إلى عدد من ورش النجارة وتقطيع الأخشاب فى غياب كل الجهات، سواء حى الجمرك الذى أغمض عينيه عن المخالفات أو منطقة أثار غرب الدلتا التى غضت الطرف عما يحدث فى المنطقة التى كانت تضم أهم مرصد لمتابعة حركة السفن فى ميناء الإسكندرية، وقبل دخولها مياه المدينة، كما تحتوى على طابية كافاريللى قائد الجيش الفرنسى الذى مكث عدة شهور فى المنطقة غير أن هناك تعمداً واضحاً لنسيان المنطقة ووقوعها من على الخريطة السياحية لعروس البحر الأبيض المتوسط، ولا ننسى أن كوم الناضورة بها عدد من الأثار الإسلامية، بها ما يسمى بالباب الأخضر وعدد من الصهاريج الموجودة فى باطن الأرض والتى تعود إلى العصر الإسلامي. والغريب فى الأمر أنه بالرغم من وجود تعديات صارخة وواضحة فى المنطقة إلا أن أحدا لم يتحرك لانقاذ الموقف وتحولت المنطقة التاريخية التى شهدت أيام الحملة الفرنسية إلى منطقة يتوافد عليها أصحاب العربات الكارو والباحثون عن منشار لتقطيع الأخشاب وتضم منطقة كوم الناضورة ربوة مرتفعة عن سطح الأرض يعلوها البرج الذى بناه كافاريللي. المثير للعجب والدهشة أن أعضاء مجلس الشعب عن الحزب الوطنى المنحل كانوا لا يعرفون أى شيء عن المنطقة على الرغم أنها واضحة وضوح الشمس نفس الأمر بالنسبة لأعضاء مجلس الشعب بعد الثورة عن حزب «الحرية والعدالة» فقد طالب أحدهم من شباب الحزب إقامة دورات كرة القدم فى شهر رمضان فى الساحة الداخلية لكوم الناضورة، أما أبناء الجالية الفرنسية بالإسكندرية فقد علمنا أن هناك أحد الباحثين فى التاريخ ويدعى «جاك» يتجول فى المنطقة التاريخية ويلتقط عدداً من الصور الفوتوغرافية لما وصل به الحال فى كوم الناضورة وينوى إقامة معرض كبير للصور يحكى فيها كيف تحولت المنطقة المهمة للقادة الفرنسيين إلى منطقة مهمشة يحيطها التلوث والإهمال وروث الخيول وبقايا الأخشاب من كل اتجاه كما التقطت عدسة «فيتو» عدداً من الصور التى توضح مدى التردى الذى أصاب المنطقة التاريخية. أحد الغفراء فى منطقة «كوم الناضورة» ويدعى عم خليل مؤكداً أن هناك أحد المقاولين المعروفين بمنطقة اللبان كان ينوى الاستيلاء على جزء من الأرض الأثرية، ولكن تصدى له أهل المنطقة، لأننا نتذكر الهدوء الذى كان يسيطر على المكان منذ خمسين عاماً، أما الآن فقد ضاعت كوم الناضورة ومات «كافاريللي» الذى بناها ولم يلتفت أى مسئول مصرى للمكان وكأنه من التراث الفرنسى لا يجب أن يحترمه المصريون!