صحفى المستقبل قد لا يكون إنسانا! تواجه الصحافة الورقية حاليًا عدة تحديات تتحكم في تحديد شكل مستقبلها، والحديث عن ذلك المستقبل يجب أن يأخذ في اعتباره عدة أمور، تحدث عنها عدد من الباحثين من خلال دراسات علمية قامت على أساليب بحثية دقيقة وموضوعية. وفى ظل التحديات والمخاطر التي تواجه الصحافة يرى بعض الأكاديميين أن الصحافة المطبوعة على وشك الانقراض وبعضهم وضع بعض المؤشرات التي تؤكد ذلك، وحددوا أيضًا في دراسات علمية زمنا محددا ستختفى فيه الصحافة الورقية المطبوعة في العالم، في حين رأى آخرون أن الصحافة لن تختفى وستستمر وتطور من نفسها في منافسة الوسائل الأخرى. في هذا التقرير نرصد بعض الأبحاث والدراسات التي تحدثت عن مستقبل الصحافة الورقية والمؤشرات التي يجب أخذها في الاعتبار عن الحديث عن ذلك المستقبل. من أهم الاعتبارات عند الحديث عن المستقبل، أن الصحافة المطبوعة أو الورقية تواجه عدة تحديات خطيرة من أهمها ارتفاع أسعار الورق والتجهيزات التكنولوجية مقارنة بتكاليف إصدار الصحف الإلكترونية على شبكة الانترنيت والتحدى البيئى المتمثل في دعاة الحفاظ على البيئة سواء من خلال الحفاظ على الغابات وأشجارها، أو التخلص من التأثيرات البيئية السلبية لطباعة الصحف الورقية، وتحدى المنافسة الإعلامية والاتصالية من باقى الوسائل الأخرى المنافسة، وتحدى المصداقية. ويؤخذ في الاعتبار أن الإنسان عادةً ما يميل لاستخدام الوسيلة الاتصالية التي تعطيه الخدمة االأشمل والأكثر جاذبية بأقل جهد مبذول منه، وبأرخص تكلفة وهنا نجد أن الصحافة المنشورة على شاشات الكمبيوتر تتفوق بمراحل على الصحافة المطبوعة. في مجال الحديث عن مستقبل الصحافة تنبأ كتاب نيكولاس نيجروبونتى "الحياة الرقمية" (Being Digital) الصادر عام 1995 بأن التطور التكنولوجى سيؤدى إلى اختفاء الإعلام الجماهيرى وظهور وسائل الإعلام الشخصى كبديل له. وخلال حوار مع شباب الصحفيين في 6-5-2007 أكد الكاتب الصحفى الكبير الراحل محمد حسنين هيكل أن الصحافة الإلكترونية قادمة، وستتسع للغاية في السنوات المقبلة مع قوة ونفوذ أكبر للصحافة الورقية «المكتوبة»، وقال: "أتصور أن الصحافة الورقية ستظل باقية وموجودة فلها قيمة تاريخية في مجتمعنا، والعديد من المجتمعات الأخري، حتى لو نافستها الوسائل الأخرى مثل الإنترنت أو التليفزيون، وقديما قالوا إن الراديو سيقضى على الصحافة ولم يحدث ذلك، ثم قالوا «لا» التليفزيون ولم يحدث، والآن يقولون الإنترنت أو الصحافة الإلكترونية، وأتصور أن الصحافة الورقية ستبقى هي الأساس أو الجبهة «القلب»، وستكون الوسائل الأخرى كالأجناب، التي قد تتقدم إلى الجبهة وتزاحم، لكنها ستعمل على تقوية الصحافة المكتوبة في النهاية". في 24 أغسطس 2010 أعلن الخبير والاستشارى الرقمى الاستراليروس داوسون أن الصحافة المطبوعة سوف تبدأ في الانقراض عام 2017 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومع نهاية عام 2022 في باقى دول العالم حتى تنقرض نهائيا عام 2040. وأوضح أن أهم أسباب التراجع، هو بزوغ طرق بديلة لاستهلاك الأخبار، وأشار إلى أن جهاز الiPAD لشركة ابل هو بداية لثورة تكنولوجية قد تستطيع أن تجعل الأخبار على الورق موضوعا قد عفا عليه الزمن، ووضع جدولًا زمنيًا لانقراض الصحافة المطبعة في دول العالم تضمن هذه الأرقام: انتهاء الصحافة الورقية في الولاياتالمتحدةالأمريكية العام 2017، وفى بريطانيا العام 2019، وفى كندا العام 2020، وفى والنرويجو فنلندا وسنغافوره العام 2021. كما تنبأ التقرير بانتهاء عصر الصحافة المطبوعة في كل من: استراليا وهونج كونج خلال العام 2022، فيما يشهد العام 2023 اختفاءها في الدنمارك، كما يشهد العام 2024 إسدال الستار عليها في كل من: نيوزيلندا وإسبانيا وتشيكوسلوفاكيا وتايوان. وبحسب التقرير.. يشهد العام 2025 اختفاء الصحافة الورقية في كل من: بولندا والسويد، فيما يشهد العام 2026 انتهاء زمن الصحيفة المطبوعة في كل من: كوريا الجنوبيةوروسيا وبلجيكا، أمام العام 2027 فيشهد انتهاء زمنها في كل من: هولندا وايرلندا والبرازيل وايطاليا، كما يشهد العام 2028 اختفاءها في كل من: النمسا وسلوفاكيا واليونان والبرتغال والإمارات العربية المتحدة. ويتوقع التقرير أن يكون العام 2029 شاهدا على اختفاء الصحافة الورقية في كل من: فرنسا وإسرائيل وماليزيا وكرواتيا، وفى العام 2030 تختفى في كل من: ألمانيا وأستونيا. ويعتقد التقرير أن العام 2031 سوف ينهى زمن الأفلام المطبوع في كل من: اليابان والصين، أما العام 2032 فيشهد انقراض الصحافة الورقية في كل من: المجر وليتوانيا، وفى العام 2033 تتلاشى من كل من: لاتفيا والمكسيك، وفى العام 2034 تندثر من كل من: لاتفيا والسعودية، أما العام 2035 فيشهد انتهاءها في كل من: بلغاريا وشيلى وارجوا،فيما يشهد العام 2036 إسدال الستار عليها في كل من: روسيا وتركيا، كما يكون العام 2037 شاهدا على انتهائها في كل من: جنوب أفريقيا وتايلاند، أمام العام 2038 فيشهد اختفاءها في منغوليا، كما يشهد العام 2039 انتهاء زمنها في الأرجنتين، وبحسب التقرير فإن العام 2040 سوف يطلق رصاصة الرحمة على الصحافة الورقية إلى غير رجعة. في 14مارس العام 2012 قررت دائرة المعارف البريطانية إلغاء الطبعة الورقية والاكتفاء بالنسخة إلكترونية، بعد 244 عاما من النشر المطبوع، و7 ملايين مجلد، وطبع من آخر إصدار 12 ألف نسخة ورقية فقط. توجد عدة سيناريوهات مستقبلية متوقعة للصحفى وللصحافة المطبوعة، فبالنسبة لصحفى المستقبل يتوقع ظهور ثلاثة أنماط، وهى: الصحفى البشرى الذي يبحث وينقب ويكتب الأخبار، أما النمط الثانى فهو الصحفى غير البشري، وهو إما على هيئة إنسان آلى أو حاسب إلكتروني، وسوف يقوم بدور يحل محل الصحفى البشرى، مثلما يقوم به الآن محرك البحث جوجل الذي يقدم خدمة إخبارية، وبالنسبة للنمط الثالث فقد بدأت بشائره في الظهور وهو القارئ نفسه الذي سوف يقوم باستخدام التكنولوجيا الاتصالية والمعلوماتية المتطورة ليصبح هو الصحفى نفسه، وينشىء جريدته الخاصة بنفسه ويطلقها على الإنترنت كما يصنع إعلامه بنفسه مثلما يحدث الآن على مواقع التواصل الاجتماعى. وبالنسبة لصحيفة المستقبل، فيتوقع لها ثلاثة سيناريوهات، الأول: أن تسير فيه الصحافة المطبوعة الورقية مع الصحافة الإلكترونية المنشورة على شبكة الإنترنت وغيرها من شبكات وقواعد المعلومات، وكذلك أيضا على شبكات الهاتف المحمول بشكل متواز مع تزايد في الاتجاه لاستفادة الصحافة المطبوعة الورقية من شبكة الإنترنت وهذا السيناريو متوقع انتشاره في الدول الآخذة في النمو والتي يتزايد فيها استخدام الحاسبات الإلكترونية وسط قطاعات الصفوة وفى مجالات متخصصة. والسيناريو الثاني: أن يقل بشكل تدريجى الاعتماد على الصحافة الورقية ويزداد الاعتماد على الهاتف المحمول وشبكة الإنترنت في الاستفادة من الخدمات الإعلامية والإخبارية والمعلوماتية التي تقدم من خلال شبكات المعلومات وقواعد البيانات، والسيناريو الثالث يتوقع فيه أن تختفى الصحف الورقية ويكون الاعتماد الأساسى على المواقع والصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى في الحصول على الأخبار والمعلومات.