قالوا «قلب الأم مدرسة الطفل»، «أم عمرو» كانت مدرسة من نوع خاص، تحملت الكثير برضا وعزيمة من صلب، لم تشكُ لأحد همها واحتياجها المادى لتربية أبنائها وسط ظروف المعيشة الصعبة، فقررت أن تكون إجابتها دائما «رضا الحمد لله»، أم لأربعة أبناء هم «محمد، وعلي، وعامر، ومحمود»، ظلت سندا لزوجها، الذي يعمل «قهوجي»، ورغم قلة الرزق لم تشعره للحظة بالتقصير، بل ظلت تشجعه بشيء من المودة والرحمة، وكم تناست هي وأبناؤها العشاء في ليالي الشتاء قارصة البرودة. شبح الفقر «أم عمرو» سيدة صعيدية، يمكنك أن تطلق عليها «صبارة الصعيد»، تزوجت من رجل فقير ماديا يعمل بمقهى، لكنها حاربت فقره بالحب والتفاهم، وتقول عنه: «جوزى أرزقي يوميته يوم ويوم، ولو قعد ما بنلقيش نأكل، لكن كله رضا» مضيفة: «450 جنيه فلوس الدروس الخصوصية، بياخدوا أكتر من نص المرتب، لكن ربنا يجيبه بفايدة»، لم تتخلَ يوما عن مساندة زوجها والحفاظ على أولادها بإرادة وعزيمة نقلت من نهر صبرها الكثير لأبنائها. بنموت علشان عيالنا وتواصل «أم عمرو» بنبرات يملؤها الأسي والفخر معا: «كنت تعبانة وعملت عملية جراحية عند أخواتي في البلد، لكن ما جليش قلب أسيب جوزى وعيالي لوحديهم، مين اللي هيمشلهم حالهم وأكلهم، أصريت وأنا لسه عاملة العملية وفاتحة بطني أسافر أرجع لعيالي، بنموت علشانهم ما لناش غيرهم لازم نصبر». جبولي ورد أدهش أبناء «أم عمرو» أمهم، أمس، بهدية عيد الأم بعد عودتهم من يومهم الدراسي، كل منهم يحمل وردة حمراء، تعبيرا عن حبهم لها، ولكن قلة إمكانياتهم المادية لم تساعدهم لشراء ما يمثل حب أمهم لهم التي قالت: «دخلوا عليا كل واحد بوردة فرحوني وقلتلهم ده عندي كأنكوا جبتولي الدنيا بحالها، كنت طالبة منهم شبشب لكن من قلة الفلوس ما قدروش يجبولي» مضيفة: «ابني الكبير كان بيحوش علشان يجبلي حاجة، قلتله لا أصرف مصروفك هاتلك حاجة ليك أنا مش عوزة حاجة كفاية أنتوا عليا». رسالة للأمهات وأرسلت «أم عمرو» رسالة لكل الأمهات بمناسبة عيد الأم قائلة: «كل سنة وأنتوا طيبين، واصبروا علشان عيالكم الصبر آخرته حلوة ما لناش غيرهم، وهنموت علشانهم».