لا يمكن أن نقف مكتوفى الأيدى أمام المفاوضات الفنية التي تلعب فيها إثيوبيا دور المحرك الرئيسى وتحدد هي متى تبدأ الخطوة التالية، وضع لم يعجب الرئيس فدفع بوزارة الخارجية لتكون طرفًا أساسيا في المفاوضات، وعلى إثره تم عقد أول اتفاق سداسى بين وزراء الخارجية والرى للدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا. ترحيب الدكتور حسام مغازى وزير الرى بدأ منذ اللحظة الأولى التي شاركه فيها السفير سامح شكرى المفاوضات، من جهة أصبحت وزارة الخارجية - التي تشرف على المفاوضات منذ البداية – طرفا أصيلًا في المفاوضات، ومن ناحية أخرى لن يتحمل «مغازي» وحده النتائج التي ستصل إليها المفاوضات. ثلاثة أشهر كانت كافية ليشتعل الخلاف بين وزيرى الخارجية والري، بعد أن أكد مصدر داخل اللجنة الفنية لمفاوضات سد النهضة أن هناك خلافا بين وزارتى الخارجية والرى بسبب رغبة «مغازي» في عودة القاهرة إلى مبادرة حوض النيل التي قاطعتها منذ خمس سنوات اعتراضا على توقيع 5 دول من دول المبادرة على اتفاقية عنتيبى التي تنص على عودة توزيع المياه بين دول حوض النيل بغض النظر عن أي حقوق تاريخية. المصدر ذاته أوضح أن وزير الرى لم يبد أي اعتراض على عودة مصر لمبادرة حوض النيل بعد تجميد موقفها منذ خمس سنوات هي والسودان على العودة، دون أي ذكر لاتفاقية عنتيبى أو حصص المياه التاريخية، وهو ما يعد تراجعًا في رأى القاهرة التي ظلت خلال خمس سنوات، تؤكد أنه لا عودة لمبادرة حوض النيل دون إلغاء عنتيبي. «لا تحرقوا آخر ورقة للضغط على أفريقيا حتى تحصل مصر على حصتها من نهر النيل كاملة» الجملة السابقة لا تتعدى كونها ملخص الرد الذي أرسلته وزارة الخارجية إلى الدكتور حسام مغازي، والذي حذرته فيه من استكمال خطوات العودة ل»الاتفاقية» تفقد مصر كل أوراقها التفاوضية التي تستخدمها. التقرير ذاته لفت انتباه «مغازى» إلى أن العودة في هذا التوقيت لن تفيد مصر على الجانب الأفريقي، لكنها تفقدها عنصرًا مهما يمكن التفاوض حوله، بالإضافة إلى أن العودة لا تحمل أي أنباء عن أي تغيير في اتفاقية «عنتيبي». المثير في الأمر هنا أن وزير الرى لم يرد على تقرير «الخارجية»، وهو ما اعتبره البعض أن «مغازى» يفضل العودة إلى الحضن الأفريقى من خلال فك تجميد القاهرة لعضويتها، وهو ما بدأ بعد ذلك في تصريحات صحفية بعد عودته من احتفالية مبادرة حوض النيل «أن القارة الأفريقية مصيرها مشترك وأن مصر جزء من محيطها الأفريقي»، مشيرًا إلى أن مصر تعيد تقييم الموقف في ظل الأحداث الحالية، وتدرس مدى تجاوب دول الحوض مع التحديات المائية! الدكتور مغاورى شحاته مستشار وزير الرى من جانبه كشف جانبًا آخر من هذا الخلاف الذي يتخذ فيه موقفا ضد وزير الري، حيث أكد أن القاهرة كانت أكبر ممول لمبادرة حوض النيل التي تعانى من الإفلاس الآن، والعودة الآن تعنى أن المبادرة تريد أموال القاهرة دون أي مقابل، لافتًا إلى أن وزير الرى تراجع كثيرًا عن تصريحاته بخصوص عنتيبى واستبدل الحديث بالعودة إلى الحضن الأفريقي.