نشأت مدرسة "ليسيه الحرية" بباب اللوق في بداية القرن العشرين على أيدي مجموعة من أبناء الجالية الفرنسية، الذين أرادوا بناء نظام تعليمي مرضي لطموحاتهم ولثقافتهم التي يريدون زرعها داخل عقول أبنائهم، وهى واحدة من مجموعة مدارس "الليسيه الفرنسية". وبحسب ما ذكرته موسوعة البعثة العلمانية في مصر، فإن نشأة "ليسيه الحرية" راجعة إلى موقف القنصلية الفرنسية الداعم لفكرة عدد من الفرنسيين المقيمين بمصر -آنذاك - لإنشاء مدرسة ثانوية تكون بمثابة مؤسسة علمانية للتعليم الثانوي، وأسسوا إلى جانبها تنظيما يشبه الجمعية لإدارة هذا النوع من المدارس، خاصة بعد إنشاء مدرسة "الليسيه بالإسكندرية" عام 1909. وكانت تقدم الخدمات التعليمية داخل المدرسة باللغة الفرنسية فقط، ولذلك كانت الدراسة فيها مقتصرة على أبناء الجالية الفرنسية وعدد من أبناء الجالية الإنجيلية، لكن مع الوقت استمالت هذه المدارس أبناء العائلات التركية المقيمة في مصر، في ذلك الوقت. كانت الدراسة فيها وقت نشأتها مقتصرة على اللغة الفرنسية، التاريخ، الجغرافيا، الرياضيات، والمحاسبة، ولم يمض وقت طويل حتى ذاع صيت هذه المدارس وانتشرت فروعها، والتحق بها عدد من أبناء المصريين الأثرياء، إضافة إلى أبناء السوريين واليونانيين واليهود. وفى عام 1961 قامت حكومة الثورة بتأميم مدارس "الليسيه"، التي دخلت في إطار المعاهد القومية المصرية، وأصبحت منذ ذلك التاريخ تخضع لإشراف حكومي تحت إدارة مجلس إدارة المعاهد القومية. ولا تعتبر "ليسيه باب اللوق" صرحًا علميًا فقط وإنما تعد متحف أثريًا هامًا لاحتوائها على مجموعة غنية جدًا من الآثار النادرة، أغلبها يعود إلى الحملة الفرنسية، كما تضم مكتبتها نسخة كاملة من كتاب "وصف مصر"، الذي احترقت إحدى نسخه في حريق المجمع العلمي الأخير. إن هذا التاريخ الحافل لمدارس "الليسيه" يجعل دوي ناقوس الخطر الذي تتعرض له المدرسة حاليًا بمنطقة باب اللوق أكبر وأعنف. فالحريق الذي اندلع بها أمس الأربعاء لا يوصف بأقل من أنه فاجعة كبيرة، نظرًا لقيمة المدرسة التاريخية والأثرية. هذا الحريق دفع بحمدي عبدالحليم رئيس مجلس إدارة المعاهد القومية, إلى الاستغاثة بوزير التربية والتعليم الدكتور إبراهيم غنيم من أجل إنقاذ الموقف في المدرسة التاريخية. وقد أكد عبدالحليم أنه تقدم باستغاثة لوزير التربية والتعليم من أجل إنقاذ المدرسة وحماية تاريخها، وطالبه بتأمين مقتنياتها الأثرية. وأوضح أن مجلس إدارة المعاهد القومية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم استطاع إنقاذ ونقل المقتنيات الأثرية من المدرسة للحفاظ عليها، لحين إصلاح المدرسة وعودة الحياة إليها. وذكر المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم أن طلاب ليسيه باب اللوق سيتم نقلهم إلى إحدى المدارس القومية لحين إصلاح أوضاع المدرسة، مؤكدا أن الحكومة هى التى ستتحمل أعباء إصلاح المدرسة، رافضا تحديد جهة حكومية واحدة سواء الداخلية أو التربية والتعليم للإنفاق على إصلاح المدرسة. فيما رفض تحميل وزارة الداخلية المسئولية عن حريق المدرسة، وحمل المسئولية كاملة للمتظاهرين الموجودين بميدان التحرير، واصفا إياهم بغير الوطنيين، مؤكدا أن ما حدث " مصيبة وحطت على رأس الحكومة" – بحسب تعبيره - نافيا أن تكون وزارة التربية والتعليم تقدمت باحتجاج رسمى لوزارة الداخلية اعتراضا على صعود جنودها أعلى سطح المدرسة، مضيفا أن الجميع يعمل فى حكومة واحدة، وأنه لا يستطيع وزير أن يحتج على عمل وزير آخر، ولكن ما حدث أن هناك اتصالا مستمرا ومباشرا بين وزير التربية والتعليم الدكتور إبراهيم غنيم واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، لمتابعة تطورات الموقف.