الإهمال بماسبيرو هو الحلقة الأولى في مسلسل طويل، تنتهى آخر مشاهده غالبا بكارثة تطيح بمسئولين وقيادات ظلت طوال الوقت ترفض يدها أن تمتد بالإصلاح إلى الأخطاء الناجمة عن التراخى والتسيب في القطاعات والقنوات التي يتولون إدارتها. نادية مبروك رئيس الإذاعة، ومجدى لاشين رئيس التليفزيون، باتا في مرمى نيران المساءلة القانونية، بل قد يصل الأمر إلى إحالتهما إلى المحاكمة بعد صدور تقرير من جهة رقابية حصلت فيتو على نسخة منه يكشف في طياته كارثة ربما تكون سببا في تدمير تراث الإذاعة والتليفزيون. ويحتوى التقرير على معلومات مثيرة، تشير إلى سوء حالة المكتبة التاريخية بقطاع الإذاعة رغم ما بها من تراث نادر، موضحا أن أبرز مظاهر ذلك الإهمال يتمثل في تعطل أجهزة التكييف ومرور مواسير المياه والصرف الصحى بالمكتبة، ما يعرض محتوياتها لمخاطر جسيمة. الكوارث التي كشفها التقرير لم تتوقف عند ذلك الحد، بل تناولت أيضا تقادم أجهزة التشغيل بمكتبة الميكروفيلم والأشرطة بأنواعها المختلفة؛ حيث إن الأجهزة الخاصة بتشغيل أنظمة الميكروفيلم لا تعمل نظرا لعدم وجود قطع غيار وأحبار لأزمة لعملية التشغيل على الرغم مما تحويه المكتبة من وثائق تثبت ملكية الإذاعة لأصولها من أعمال التراث، إلى جانب عقود تنازل مؤلفين وفنانين عن أعمالهم في وقت تفشل فيه الإذاعة في إثبات حق ملكيتها للملحمة الوطنية مصر الصامدة، إلى جانب تسجيلات الكاتب عباس العقاد والكاتبة مى زيادة، رغم أن العقود الخاصة بذلك كانت تتواجد بمكتبة الميكروفيلم. وأثبت التقرير سوء حالة التخزين وتعطل أجهزة التكييف، ما يعرض شرائح الميكروفيلم للتلف التام، خاصة أنه لا يتم اتباع شروط تخزينية مناسبة للحفظ، ونوه التقرير إلى أن المكتبة الإذاعية تمثل ثروة قومية يجب الحفاظ عليها بكل الوسائل، مستشهدين بطلب وزارة الخارجية السعودية لتسجيلات خاصة بالرياض منذ عام 1945، ما يعنى ضخامة وأثرية أرشيف الإذاعة. ووضع معدو التقرير توصيات عديدة للحفاظ على تراث ماسبيرو، أبرزها ضرورة تدارك كل المشكلات والعمل على انتشال المكتبة من الغرق بمياه الصرف الصحي، وكذا اتخاذ الخطوات اللازمة وإعطاء الأولوية المطلقة لتحديث أنظمة العرض والنسخ والتخزين بما يسمح بحفظ التراث. ولم يختلف حال أفلام النيجاتيف التي أنتجها قطاع التليفزيون منذ إنشائه في ستينيات القرن الماضى كثيرا عن وضع مكتبة التراث بالإذاعة، عقب كشف التقرير وجود أزمة كبيرة في مجموعة أفلام وصفها المسئولون بالجهة الرقابية، بأنها تراثية ولا تقدر بثمن، مشيرين إلى أنها تعانى سوء التخزين رغم أهميتها التاريخية، وتعانى من اعتلاء الصدأ لعلب الأشرطة، وتعطل أجهزة التكييف بالمكان المحفوظة فيه. وأشار التقرير، إلى أن عمليات الجرد التي تتم على الأفلام تسير بشكل عددى فقط دون التأكد من سلامة المواد داخل العلب أو وجودها من الأساس؛ حيث لا توجد الأجهزة الخاصة بتشغيلها منذ سنوات، ما استدعى مطالبة الجهة الرقابية بضرورة تحديد مسئولية ذلك واتخاذ قرارات حاسمة، والاستعلام عن خطوات مجدى لاشين رئيس قطاع التليفزيون في ذلك الشأن.