سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لماذا يعجز العالم عن معالجة مشكلة المشردين رغم غناه وحكمته وتقدمه التكنولوجي؟.. مليون و350 ألف طفل بلا مأوى في أمريكا وبعض الولايات تحظر تقديم المساعدات لهم.. سكان الأرصفة يحتاجون كافة المساعدات
أزمة الفئات المهمشة ليست مشكلة تعانى منها مصر وحدها، بل تعانى منها جميع دول العالم حتى المتقدمة منها، وهم يعرفون في الغرب باسم " المشردون" بحسب كتاب "إستراتيجية مكافحة التشرد"، الصادر عن مركز الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية، الذي أوضح أن التشرّد يعنى«عدم امتلاك مسكن مناسب"، كما يشمل كل الحالات والظروف التي تُعتبر دون المستوى الملائم. في المجتمع حيث يعيش المشرّد. ينوه الكتاب إلى أن « مجرد تصنيف المرء مشردا يظهر ضرورة اتخاذ إجراءات لمساعدته وتقديم يد العون له ليحيا حياة كريمة. هذا المرء الذي وقع ضحية هذه الظروف»، ولكن الكتاب يحتد على هؤلاء المشردين فيصفهم بأنهم "أصحاب عقول بليدة". ترى دراسة بولندية أن الوحدة هي من المشاعر الأكثر ايلاما التي قد يعانيها المشرد، فنتيجة المشاكل المالية والمركز الاجتماعى الوضيع، قد يعتبر المشرد نفسه عديم القيمة، فيلجأ بعضهم إلى الكحول، فضلا عن مظهره السيئ الذي يظهر فيه أمام الناس. يقول فرانسيس جِيدى المتخصص في الشئون السكنية: «سواء تحدثنا عن سكان الارصفة في بومباى وكَلْكُتا، أو مفترشى الطرقات الحادّى الطبع المتسخين في شوارع لندن، أو أولاد الشوارع في البرازيل، فإن مجرد تصوّر وضع هؤلاء المشردين يجعلنا ندرك كم هو خطر ومحزن، فكم بالأحرى إذا عشناه». ويضيف: «مهما كان سبب أو أسباب هذه الظاهرة، فإن السؤال الذي يخطر دوما بالبال هو لماذا يبدو العالم عاجزا عن معالجة مشكلة المشردين، رغم كل غناه وحكمته وتقدمه التكنولوجي؟» من الواضح أن كل المشردين يحتاجون إلى المساعدة، ليس فقط المساعدة الجسدية بل أيضا المساعدة التي تطيِّب القلوب وترفع المعنويات. فمثل هذه المساعدة تمكِّن الناس من مواجهة الكثير من المشاكل التي تؤدى إلى حياة التشرد والتغلب عليها. ولكن أين يستطيع المشرد أن يجد هذه المساعدة؟ وهل من أمل في أن تنتهى مأساة المشردين يوما؟ وفى السياق ذاته كشف تقرير حكومى أمريكي، أن الولاياتالمتحدة تضم أعلى نسبة مشردين بين النساء والأطفال بين نظيراتها من الدول الصناعية. التقرير الذي أعدته وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية، بالتعاون مع جامعة فاندربيلت، مؤخرًا، يقول إن عدد العائلات المشردة في الولاياتالمتحدة شهد ارتفاعًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، دون أن تبيّن عدد تلك العائلات أو نسبة الأطفال والنساء بينها. وبحسب مركز القانون الوطنى لمكافحة التشرد والفقر، فإن نحو 3 ملايين شخص يعيشون تجربة التشرد سنويًا في أمريكا، بينهم مليون و350 ألفا من الأطفال، كما أن مليونًا من العاملين بدوام كامل أو جزئى في الولاياتالمتحدة، لا يستطيعون تلبية تكلفة السكن. ووفقًا للمركز، فإن معظم المخيمات التي تضم مشردين تتعرض لضغوط من أجهزة الأمن، لعدم حصولها على الموافقات اللازمة. جوليات باراداث، إحدى المشرفات على مؤسسة "باورى ميشن"، وهى غير حكومية تفتح أبوابها لإيواء المشردين في نيويورك، تقول إن المشردين الذين تأويهم المؤسسة بينهم أساتذة جامعات، وخريجو جامعات أمريكية مرموقة مثل: هارفارد! ويوجد في الولاياتالمتحدة 100 مخيم للمشردين، على من يقيمون فيها الالتزام بقواعد معينة، كما أن الإقامة في بعضها يتطلب دفع مبلغ بسيط من المال، وفقًا لما أورده مركز القانون الوطنى لمكافحة التشرد والفقر. وبلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت عتبة الفقر في الولاياتالمتحدة في عام 2013 نحو 45.3 مليونًا، بحسب ما جاء في تقرير هيئة الإحصاء الأميركية في سبتمبر 2014. يعد توزيع الطعام على المشردين في الحدائق العامة، "جريمة" في بعض الولاياتالأمريكية، وتم توقيف شخص في التسعين من عمره في ولاية فلوريداالأمريكية مؤخرًا، بتهمة "منح طعام للمشردين"، بحسب تقارير صحفية. وذكرت التقارير أنه في مدينة رالاي، توعدت الشرطة الخيرين التابعين للكنيسة بالحبس حال تقديمهم الطعام أو الشاى أو القهوة للجائعين في الحدائق العامة، بدعوى أن قوانين المدينة تنص على ضرورة الحصول على تصريح رسمى بكلفة 800 دولار للقيام بهذا العمل. وفى ولاية تامبيا مثلًا، تقوم الشرطة باعتقال وحبس كل من ينام في الطرقات. أما في ألمانيا فيعيش ما يقرب من عشرين ألف شاب بشكل مؤقت أو دائم هائمين على وجوههم في الشوارع وفق تقديرات لمنظمة حماية الطفولة "أرض البشر"، ألفان منهم يعيشون في العاصمة برلين وحدها. وخصصت الحكومة الألمانية ملاجئ يحصل المشردون فيها على وجبات طعام ومساعدات أخرى، وهناك من يساعدهم على ملء الاستمارات الرسمية والطلبات لأن العديد من الشباب لا يعرفون القراءة والكتابة أو يتخوفون من التعامل مع الإدارات الرسمية. اما ففى فرنسا فيبلغ عدد المشردين 200 ألف، ينامون في مداخل البيوت وسط أمتعتهم القليلة بحثا عن بعض الدفء، أو يقضون الليل داخل مراكز تجارية مغطاة في صحبة كلابهم، أما القليلون منهم فيقصدون مأوى حكوميا ولكن على مضض، وتسميهم الحكومة والقانون "فرنسيون دون مكان إقامة ثابت". وفجأة وعلى عكس العادة ورغم طول تجاهل الحكومة والمواطنين لهم، قفز وضعهم إلى عناوين الصحف بسبب موجات الصقيع التي غطت البلاد بالثلوج. كريستوف لويس، مدير المجموعة التي تضم 40 رابطة تعمل في خدمة المشردين، يقول: "من غير المقبول أن يترك الناس ليموتوا في الشوارع. على الحكومة أن توفر لهم مأوى ثابتا دائما، فالحلول المؤقتة غير عملية وغير مجدية". أما بسنواس أبارو، سكرتير الدولة لشئون السكن والعمران بوزارة البيئة الفرنسية، فوجه المسئولين البلديين بقبول جميع طلبات المأوي، ذلك لأن مقدم "فترة من البرد القاسى في بلادنا تتطلب تعبئة الجميع، من خدمات الدولة إلى البلديات إلى المواطنين الفرنسيين". وقالت الوزارة أن ثمة 108،000 مكان متوفر للمأوى على مدى السنة، وأن 8،000 مكان جديد ستضاف هذا الشتاء، فيما نوه فرانك ثييبو مستشار الوزارة لوكالة في تصريحات صحفية إلى أن الحكومة، للمرة الأولى هذا العام، تقوم على تنسيق الأنشطة المختلفة الهادفة لمساعدة المشردين دون المأوي. وأفاد أنها رصدت 80 مليون يورو لتوفير "الطابع الإنساني" لأماكن المأوي. والحقيقة أن السبب الرئيسى في أزمة المشردين والمهمشين هو عجز الحكومات عن تخصيص موارد تكفى لتأمين المسكن المناسب الذي يحق لكل المواطنين، بالإضافة إلى وجود قوانين غير مناسبة وتخطيط غير فعال يمكن أن يسبب فوضى عارمة في نظام تأمين المساكن للغالبية الفقيرة. كما أن التشرد هو دليل التوزيع غير العادل للمساعدات المالية التي تخصصها الحكومة لحل مشاكل السكن. وتعد أزمة المشردين حصيلة تغاضى أو استخفاف السياسات بالتأثير السلبى للتقلبات الاقتصادية، النقص في المساكن ذات الأسعار المتهاودة، تفاقم مشكلة الادمان على المخدِّرات، وغيرها من المشاكل الصحية العقلية والجسدية التي يعانيها من هم أكثر عرضة للوقوع ضحية التشرد في المجتمع.