أعلن إمام المركز الثقافي الإسلامي في بروكسيل محمد نديايه، عن تضامنه مع المجتمع البلجيكي، بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس، قائلًا: "نعبرعن حزننا العميق إزاء الهجمات الإرهابية في باريس. عواطفنا مع الفرنسيين وأسر الضحايا". يقع المركز الإسلامي بالقرب من حديقة Cinquantenaire في حي الاتحاد الأوربي في بروكسيل، وقرب مبنى المفوضية الأوربية. وقد دعا القائمون على المركز والمسجد لمؤتمر صحفي لمواجهة اتهامات بالانتماء إلى السلفية وتحريض الشباب المسلم على التطرف. يرعى المسجد نحو 700 طفل من أجل حفظ القرآن، كما يقدم دروس اللغة العربية ويقوم بتدريب الأئمة وبعقد لقاءات مع مسئولين ومواطنين من بلجيكا. ويبدو المسجد كمركز مندمج في الحياة البلجيكية. ويقول كبير الأئمة في المسجد الشيخ عبد الهادي سويف من مصر: إن الإسلام هو دين السلام وفعل الخير، ولا علاقة له بأعمال إرهابية كتلك التي شهدتها باريس. كما ينفي أيضًا مدير المركز السعودي جمال مومناح Momenah وجود أية علاقة بين المركز والمتطرفين في مولينبيك. ويتحاشى مومناح الإجابة عن سؤال بخصوص عدم القيام بشيء ما للتأثير على الأئمة المروجين للكراهية في مولينبيك، وفي مساجد أخرى في بلجيكا. ويقول إن كل مسجد مسئول عن نفسه وهم يعملون بشكل منفصل عن الأئمة الآخرين. وعندما سئل عن موقفه من خطبة الجمعة باللغة الفرنسية بدلا من اللغة العربية، أجاب مدير المركز أن الخطبة تترجم إلى الفرنسية، مضيفا أن الخطبة باللغة العربية لا تساهم في خلق مجتمع مواز للمجتمع البلجيكي. اتفاق بلجيكا مع ملك السعودية مقابل ذلك تقدم الصحف صورة مغايرة عن هذا المسجد، فقد كتبت صحيفة ليبراسيون الفرنسية قبل وقوع هجمات باريس بأيام قليلة: "يعتبر المسجد الكبير في Cinquantenaire وكرا للسلفية منذ ثلاثين عاما، ويشكل أرضية خصبة لشبكتها". ونقلت الصحيفة عن الباحث في الدراسات الإسلامية ميشائيل بريفو قوله:"الفكر السلفي متجذر بين المسلمين في العاصمة البلجيكية". وهذا يعود إلى الدعوة التي تمارسها السعودية، ملاحظا أن "السلطات البلجيكية تلعب بالنار منذ 30 عاما". يحصل المسجد على تمويله من رابطة العالم الإسلامي، والتي يتم تمويلها من السعودية بالدرجة الأولى. وتعود قصة المسجد إلى عام 1967، عندما كانت خزائن الدولة البلجيكية فارغة، فسعت الحكومة إلى البحث عن إمكانيات لشراء النفط بسعر زهيد. وقد عقد الملك بادوين صفقة مع الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز آل سعود قضت بالإبقاء على الجناح السعودي للمعرض العالمي بحديقة Cinquantenaire وتحويله إلى مركز إسلامي ولمسجد على مدى 99 سنة، كمقابل للنفط الرخيص. في نفس الوقت سمح الملك البلجيكي بأن تتولى السعودية تدريب الأئمة، بسبب تنامي أعداد المسلمين في بلجيكا من أفريقيا ودول المغرب. وكان ذلك تفويضا مطلقا للعائلة المالكة السعودية لنشر رسالة السلفية. فضيحة بخصوص المدير في الصيف الماضي نشرت ويكيليكس وثائق تفند المقولة الرسمية بأن المسجد يعمل على نشر السلام والتفاهم بين الشعوب، وتضمنت وثيقة أن السلطات البلجيكية أبلغت السفارة السعودية في أبريل 2012 بوجود مشاكل مع مدير المركز آنذاك، خالد العبري "خطبه كانت سلفية وضد إسرائيل وضد الغرب"، كما جاء على لسان شاهد عيان في لقاء إذاعي. وبعد تلك الشكوى تمت إقالة العبري من منصبه بدون ضجة. حاليا ترغب منظمة المساجد البلجيكية في إعادة النظر بشأن دور مسجد Cinquantenaire ومواجهة هيمنة السعودية عليه. ويقول الأئمة المنحدرون في غالبيتهم من المغرب: إن الحكومة المغربية ترى أن تأثير السلفيين بات قويًا جدًا. من جهته عبر الخبير في شئون الإرهاب والصحفي البلجيكي كلود مونيه عن اعتقاده أن الحكومة البلجيكية تعاملت بتسامح كبير مع انتشار أفكار متطرفة في السنوات الماضية، بسبب اتساع فضاء الحريات الليبرالية في بلجيكا. كما سعت الحكومات البلجيكية المتتالية إلى دعم السلام الاجتماعي بدل الدخول في صراع مع المهاجرين. وسيكون من الصعب الآن تغيير الأمور بالنظر إلى السنوات الضائعة في عدم مكافحة الميولات والمواقف الإسلاموية المتطرفة.