مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.. هل طواه النسيان.. ولماذا غاب دوره وخفت نشاطه بعد ثورة يناير ؟! حتى في ذكرى انتصارات 6 أكتوبر المجيدة التي تحتفل بها مصر هذه الأيام.. لم نجد له وجودا يذكر ؟! مركز المعلومات لمن لا يدرى كان شعلة نشاط كوادر وخبرات متنوعة مكنته من الاشتباك العلمى مع الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية وما يستجد في شتى المجالات.. يحلل جوانبها ويستقصى أسبابها ويستشرف نتائجها وآفاقها ويقدم حلولًا ناجعة لمشكلاتها، وقد تفرد المركز باستطلاعات رأى عن أهم قضايا الوطن وبصرف النظر عن تسليمنا بكل ما جاء فيها أو بعضه أو تحفظنا عليه فقد كان المركز وسيلة استنارة يوقظ الوعى وينشر خلاصة ما توصل إليه على الرأى العام، ويضعه أمام صانع القرار والمجتمع بأسره لينتفع الجميع بعلمه ورؤاه الخلاقة. يحضرنى أن المركز إياه احتفل بيوبيله الفضى عام 2010، وقد تعاظم دوره التنويرى والتوعوى في الفترة السابقة على الثورة ورغم تبعيته للحكومة فقد أزاح الغموض عن كثير من القضايا والظواهر، وكان نموذجًا لتداول المعلومات ونشرها ما يعد شرطًا ضروريًا للحرية والتحول الديمقراطي، فالتعتيم صنو الاستبداد وتغييب المجتمع إهدار لقواه الحية وكما قال الإمام الغزالي: « إن لم تبحث لم تر وإن لم تر لم تدرك، وإن لم تدرك فستعيش في العمى والضلال». وللحق فقد حاول المركز بإصداره كتاب «الرؤية المستقبلية لمصر» تقديم حلول للمشاكل وقتها وإيقاظ الضمير والتخلص من الفساد.. وقد صار هذا المركز بما يقدمه من دراسات وبحوث ومعلومات تعد إضافة علمية رصينة أفاد منها كثير من أجهزة الدولة حيث ساعدتها في الوقوف على أهم ما يدور في الداخل والخارج.. والسؤال لماذا انطفأ فجأة بريق هذا الإشعاع الحضارى والعطاء العلمى لهذا المركز المتميز ؟! منطق الأشياء يفترض العكس، فمصر تغيرت كثيرًا بعد الثورة، وازداد الطموح الشعبى في التغيير، وارتفع سقف المطالب ووقع تفاعل اجتماعى وسياسي كبير في السنوات الأربع الماضية تستلزم الدراسة العميقة المتأنية والاستقصاء الموضوعى للإجابة عن سؤال محير: لماذا تجاوب الوجدان الشعبى مع الثورة.. وما الذي أوصل مصر لحافة الهاوية السياسية ؟! نحن في أمس الحاجة إلى «وصف مصر بالمعلومات» يقدم وصفًا رقميًا دقيقًا للحالة المصرية تمامًا كالذي أصدره المركز بهذا العنوان في عام 2008 وتوقف للأسف بعدها رغم أهمية مثل هذا الكتاب.. وتوقف معه ذكر هذا المركز فلم نعد نعرف حتى اسم رئيسه ولا أنشطته ولا إصداراته القيمة التي تقدم رؤية علمية تخدم صانع القرار، وتطرح أمامه الحلول والبدائل في عدد من القضايا الحيوية بقدر عالٍ من المهنية والمصداقية والكفاءة.