تعلمت كثيرًا من معلمتى الموسيقى والتدبير المنزلى تعلمت في المدرسة الابتدائية الانضباط واحترام العلم والنشيد الوطنى أول مدرسة ترددت عليها كانت مدرسة قصر الدوبارة الابتدائية المشتركة، وكان موقعها على شارع قصر العينى مباشرة بحى جاردن سيتى، وكانت فيما مضى أحد القصور للطبقة الحاكمة في العهد الملكى فيما اعتقد، وعندما التحقنا بها في منتصف الستينيات كانت في بدايات التدهور، حيث فكروا في بناء مبنى إدارى قبيح اقتطع من مساحة الحوش الذي كنا نلعب به ونستمتع فيه ونمارس الأنشطة الرياضية عليه. ما زلت أذكر وقوفنا صفوفا منتظمة صامتين جميعا أثناء عزف السلام الوطنى وتحية العلم، رغم أن عددنا كان كبيرا فهناك على الأقل تلاميذ لثلاثة فصول في سنوات التعليم الابتدائى الست من الطلاب والبنات، لكن حزم مديرة المدرسة وطاقم التدريس كان يلزمنا الصمت وعدم الحركة. كنا نخاف جميعا من مدرس الألعاب الرياضية مفتول العضلات الذي كان يعاقبنا بالضرب لأقل هفوة في حصصه، وحصص المدرسات اللواتى كن يستعن به عندما نحدث شغب، وكنت أحب معلمة الموسيقى التي رغم أنها كانت تولينا ظهرها وهى تعزف على البيانو في حصة الموسيقى لم يكن أي من التلاميذ يتحرك من فرط موهبتها الفائقة، وكذلك معلمة التدبير المنزلى التي كانت مكلفة بتعليم التلميذات التدبير المنزلى من طهى وعمل مربات وحياكة، بينما كان التلاميذ يتعلمون في ذات الحصة المسماة بالأشغال عمل الخزف والنجارة وخلاف ذلك، وكنا نحبها لأنها كانت تعلم الفتيات كل حصة عمل أطباق حلوة مختلفة ثم تدور علينا لنتذوق إنتاجهم وكان في أغلبه لذيذًا وشهيا. موقف «بايخ» لا زلت أذكره حيث كان مطلوبا منا مبلغ خمسة قروش ورقية قيمة شارة المدرسة التي تحمل شعار وعنوان المدرسة والتي سنعلقها على المريلة، وكان هذا مبلغا فاحشا أيامها حصلت عليه بصعوبة من والدى بعد الإنذار الأخير الذي أنذرتنا به الناظرة، وذهبت سعيدًا بالمبلغ أتصور فرحة العائلة بالشارة، وكعادتنا في الذهاب مبكرًا إلى المدرسة للعب قليلا بالحوش قبل بدء الدراسة، لعبت وضاعت الورقة المالية واكتشفت ذلك وأنا أمام الناظرة التي لم تصدقنى وأمرت مدرس الألعاب الرياضية بضربي، ورغم الألم كنت منشغلا بمتاعب أكبر عند وصولى إلى البيت، ولحسن حظى وجد فراش المدرسة المبلغ في الحوش ولأمانته سلمه إلى الناظرة التي ربتت على ظهرى وعلقت لى الشارة وكانت هذه اللحظة من أسعد أيام طفولتى. c.v ولد الروائى مكاوى عام 1955 تخرج في كلية التجارة جامعة القاهرة من أشهر أعماله: «مقتنيات وسط البلد» و«تغريدة البجعة»