اجتمعنا نحن خريجي مدرسة آمون الخاصة بالزمالك دفعة69 نهار الأول من مايو الماضي بمنزل احدنا بسقارة بناء علي دعوة كريمة منه, فذكرنا اياما جميلة قد خلت وذقنا من جديد طيب التداني بعد طول تناء, وكم سعدنا بحضور مدرستنا للغة الانجليزية في الثانوي وناظرة المدرسة فيما بعد د. سعاد فطيم أو ميس سعاد كما كنا نناديها, ولاتسل عن سعادتها بنا وفرحتها بلقائنا. كنا في المدرسة نلتزم بزيها الموحد والذي لم يتغير من الابتدائي حتي الثانوي, وكان المدرسون والمدرسات في غاية الاحترام في مظهرهم وحديثهم وملبسهم, وكانت ناظرة المدرسة منذ التحاقي بحضانتها وحتي تخرجي منها هي السيدة إنعام الجمال رحمها الله وكانت مثالا في الهيبة والجلال والوقار, وكان حضور التلاميذ يراجع صباح كل يوم بكل فصل, وفي جميع مراحل التعليم كانت هناك حصص للرسم والموسيقي والخط العربي والتدبير المنزلي للبنات, وكانت حصص الالعاب الرياضية من احب الحصص إلينا, وكان بالمدرسة ملعب ومعامل مجهزة ومكتبة وصالة للموسيقي ومصلي فكانت بحق منهلا للعلم منبعا للفن, و روضة للجسم و معبدا للدين كما قالت كلمات نشيدها. كان في فصلنا تسعة مسيحيين اخوة لنا لانفترق إلا في حصة الدين حيث يؤم كل فريق درسه, وكان مجلس إدارة المدرسة من المسيحيين برئاسة السيدة بهية كرم رحمها الله وكنا جميعا طلابا ومدرسين بحق نسيجا واحدا فلم نسمع يوما كلمة الوحدة الوطنية تتردد بيننا اذ كانت حقيقة نعيشها لاحاجة باحد لتأكيدها, وكانت المدرسة مختلطة تضم في فصولها الذكور والاناث معا واحيانا جنبا إلي جنب في تختة واحدة, فتعلمنا اولادا وبنات منذ نعومة اظافرنا احترام الجنس الآخر والتعامل معه, وتعلمنا في المدرسة حب الوطن واحترام العلم الذي كنا نرفعه كل صباح والسلام الوطني يصدح ثم نهتف ثلاثا بحياة بلادنا, وكان معنا في الفصل تلميذان غير متمتعين بالجنسية المصرية احدهما سعودي والآخر أمريكي الجنسية, فكنا ننظر إليهما من عل ونراهما يفتقدان شيئا غاليا نملكه حرما منه, فانظر كيف تبدلت الاحوال اليوم واصبح المصري يسعي للحصول علي الجنسيات الاخري. وكنا نتطلع جميعا في الثانوية العامة للالتحاق بالجامعة المصرية واذكر ان ميس سعاد كانت تحفزنا علي الاستذكار بطريقتها الساخرة فتقول لنا ذاكروا جيدا حتي لاينتهي بكم المطاف في الجامعة الأمريكية, فاليوم اصبحت الجامعة الأمريكية مطمح الجميع فسبحان الله مغير الاحوال. د. يحيي نور الدين طراف أستاذ بطب القاهرة