يكتب الأدباء لتسجيل اللحظات العابرة، لتأريخ وقائع بعينها، يلتقطون خيوط أعمالهم من «حدوتة» يلقيها أحدهم على المقهى أو في وسيلة مواصلات، أو معايشة لحادث يلفت انتباههم، تولد النواة تنضج تكتمل على صفحات أعمالهم. السيرة الذاتية من الفنون الصعبة، فالكاتب المعتاد البحث في نفوس الآخرين، ورصد كل ما يدور حوله من أحداث، يصعب عليه البحث في ذاته، وكشف المسكوت عنه، وطرح أسراره الخاصة على جمهوره، الذي يرتفع به لدرجة «التقديس»، وما هي إلا إطلاعة على أسراره الخاصة وتجده حديث جلسات النميمة. السيرة الذاتية الروائية – كما عرفها البعض- هي محاولة لاستعادة الذات، واستعادة وقائع حدثت بالفعل أو متخيلة، ويلجأ فيها الكاتب أحيانا للخيال وليس المطلوب منه نسخ الواقع. «بيضة النعامة» كتابة السيرة الذاتية أضافت للعديد من الروائيين، فعندما صدرت رواية رؤوف مسعد «بيضة النعامة» سنة 94، بهذا الشكل الذي عري وفضحت وكشفت جوانب مسكوت عنها في حياته، فرض مسعد نفسه على الواقع كروائي ليس فقط كصحفي. ويقول في مقدمة روايته (بيضة النعام)، التي صنفت من أدب الاعتراف، «أن صنع الله إبراهيم هو من شجعه أو (أجبره) على الجلوس لكتابة هذه القطعة الفنية»، وتناولت الرواية جوانب عديدة ومخفيه في حياة مسعد. «رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر» هي سيرة الدكتور عبد الوهاب المسيري الفكرية وليست الذاتية، وقد قدم لها المسيري على غلاف كتابة «هي سيرة غير ذاتية وغير موضوعية»، ويعرض الكتاب وقائع وأحداث حياته، وتجاربه الشخصية، ومواجهاته الفكرية التي خاضها، وتتناول القصة رحلته من دمنهور ودراسته خارج مصر وبحثه لفترة 25 عامًا في اليهودية والصهيونية وكتابه الشامل الموسوعي في ذلك الموضوع. «كناسة الدكان» يعرض رائد القصة القصيرة يحيى حقي، في سيرتة أيام الطفولة، وعلاقته في الصغر وأيام الدراسة، حتى تخرجه من الجامعة، وفترة عمله في بلاد الحجاز. «سجن العمر» كتبها العبقري توفيق الحكيم، وهي الجزء الأول من سيرته الذاتيه التي يحمل الجزء الثاني منها عنوان «زهرة العمر»، واتخذ الحكيم بعدا آخر عند كتابة سيرته حيث تناول الفترة التي سبقت ولادته، كيف تعارفا والديه وكيف تزوجا، ويحكي عن طفولته، ونشأته وعن طباع أمه وأبيه، وانتقاله إلى بلدة أخرى للدراسة ثم سفره للخارج، ويكشف أيضا لماذا اختار الحياة وحيدا. «وقفة قبل المنحدر: من أوراق مثقف مصري» تناول الكاتب المعاصر علاء الديب، في سيرته الذاتيه، أحداث الفترة من 52 إلى 82، وما عاشه المجتمع المصري من أحداث وأزمات، ومصر الوطن في نظر مثقفيها. كان هذا الكتاب بالنسبة للديب بديلا ل«الانتحار» - حسبما كتب في مقدمة كتابه- وهو ما يظهر حجم المعاناة التي عاشها اليسار في هذه الفترة.