افتتاح قناة السويس الجديدة ما هو إلا بداية جديدة للاقتصاد المصري، وإلا ما قال عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي «هي أول خطوة من ألف خطوة»، لذا كان لابد من وضع قانون المنطقة الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة وتعديلاته تحت منظار الخبراء، فالاستثمار في منطقة قناة السويس يخضع لهذا القانون، والذي يقر إنشاء هيئة عامة لتنمية محور قناة السويس. وهذه الهيئة لها كل صلاحيات بشأن الاستثمار هناك، فهى تتولى إصدار تراخيص المشروعات وتصاريح مزاولة الحرف داخل المنطقة، بجانب إصدار قرارات تقسيم الأراضى وتراخيص الهدم والبناء داخل المنطقة، وتراخيص البيئة والسلامة والصحة المهنية، وإنشاء وإدارة المرافق العامة والبنية الأساسية، ويختص المجلس أيضًا بوضع الشروط والمعايير الواجب توافرها لإصدار التراخيص الخاصة بإقامة المشروعات بالقطاعات المختلفة أو وقفها. ولمن لا يعلم، فقد تم رفع التعديلات على قانون المنطقة الاقتصادية الخاصة والصادر بالمرسوم رقم 83 لسنة 2002 إلى المجموعة الاقتصادية، للسماح بإدخال محور تنمية قناة السويس، وتم إقرارها من مجلس الوزراء، ثم أقرت من اللجنة العليا للتشريع، قبل رفعها للرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أصدر بها قرارًا جمهوريًا مؤخرًا. من خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال من رحب بمواد القانون، وإنشاء هيئة مستقلة تكون صاحبة الولاية على المشروعات بقناة السويس، ومنهم من كان له عدد من الملاحظات على القانون الذي ستخضع مشروعات القناة له. من جانبه، أثنى رجل الصناعة الدكتور عادل جزارين -رئيس اتحاد الصناعات الأسبق- على إدخال تعديلات على قانون المنطقة الاقتصادية الخاصة والصادر بالمرسوم رقم 83 لسنة 2002، حتى تسمح بإدخال محور تنمية قناة السويس، مرحبا بالاتجاه لإنشاء هيئة تنمية محور قناة السويس بقرار من مجلس الوزراء، والتي بدورها ستكون معنية بالتعامل مع المستثمرين واعطائهم التراخيص اللازمة خلال 48 ساعة، بالإضافة لتخصيص الأرضي، اذ سيكون للهيئة الولاية على أرض مشروعات محور القناة، كخطوة نحو التصدى للبيروقراطية والاسراع في تنفيذ المشروعات. تشجيع الاستثمارات في مشروع محور تنمية قناة السويس يحتاج، باعتقاد جزارين، إلى تشريعات تقدم الحوافز والمزايا للمستثمرين، مثل تسهيلات الحصول على الكهرباء والطاقة والنقل وغيرها. وعلى خلفية تصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان بشأن الاتجاه لتعديل القانون ليسمح بعمالة أجنبية 25% و75% مصرية، بدلا من النسبة الموجودة حاليًا 10% عمالة أجنبية، و90% عمالة مصرية، يرى الدكتور محمد نور الدين، الخبير الاقتصادى وعضو الهيئة الاستشارية العليا لمجلس علماء مصر، أن مشروع محور قناة السويس يوفر الملايين من فرص العمل، والتي بدورها ستواجه ظاهرة البطالة، لافتًا إلى ضرورة أن تشجع الدولة من خلال تشريعاتها الشركات الأجنبية على تشغيل نحو 75% من عمالتها من المصريين، على أن يكون ذلك من خلال حزمة من المزايا. فيما طالب الدكتور محمد المنوفي، رئيس مجلس إدارة شركة إلكتروستار للصناعات الهندسية، بضرورة توفير الأراضى المرفقة للمستثمرين، خاصة أن المشروعات سيتم تخصيصها للمستثمرين بنظام حق الانتفاع وليس البيع، وذلك وفقًا لقانون الاستثمار، مع ضرورة ضمان الاستقرار التشريعي، باعتباره «حجر الزاوية» في طمأنة المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار في المشروع، خاصة أن القانون يتضمن بالفعل مواد مطمئنة مثل منع تأميم الشركات والمنشآت والفروع العاملة بالمنطقة. المنوفى أشاد بالاتجاه لمواجهة البيروقراطية من خلال إعطاء هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كل الصلاحيات لإصدار التراخيص والتصاريح اللازمة لتنفيذ المشروعات، كذلك بما جاء في القانون من مواد لتبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية وأخرى لتنظيم الاستيراد والتصدير بالمنطقة، كخطوة لزيادة التنافسية العالمية للمنطقة، إلى جانب ما تضمنه من الإعفاءات والمزايا. وللدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، مآخذ على قانون المناطق الاقتصادية الخاصة، فهناك عدة نقاط تثير تساؤلات المستثمرين الراغبين في الاستثمار بالمنطقة ولابد من توضيحها، وفى مقدمتها إمكانية تملك الأراضي، خاصة أن القانون اكتفى بالإشارة إلى أن الحصول عليها سيكون من خلال حق الانتفاع فقط دون أي تفاصيل، كذلك لم يتطرق لسبل التمويل والتعامل مع البنوك، مستنكرًا أيضًا تجاهل القانون مواد من شأنها تنظيم العمل، أو سبل توفير الدولة «الطاقة».