عندما ارتفع صوت المؤذن داعيا الناس فى عزبة « المحارقة» فى محافظة الفيوم لصلاة العشاء والتراويح.. انطلق العامل الشاب جابر رمضان إلى المسجد، وقبل أن يصل سمع دوى طلقات الرصاص فى كل مكان وصرخات نساء وأطفال تنطلق من منزل جاره عامل البناء عبد الله محمد.. هرع مع عدد كبير من شباب القرية إلى منزل جارهم فوجدوا مجموعة من المسلحين يعتدون على النساء ويحاولون اغتصابهن انتقاما من عامل البناء لمشاركته فى بناء بئر صرف صحى على غير رغبة المعتدين.. دارت بين الطرفين معركة ساخنة سقط خلالها جابر قتيلا.. محقق « فيتو» انتقل إلى القرية ورصد أدق تفاصيل الحادث كما جاءت على لسان أسرة القتيل وشهود العيان. كانت البداية من منزل القتيل.. حيت تحدث والده بحسرة وألم مع المحقق قائلا: «ابنى لا علاقة له بالواقعة ولم تكن له خلافات مع اى شخص.. كان فى طريقه إلى المسجد لأداء صلاتى العشاء والتراويح، فوجد أمامه مجموعة من الأشخاص يحمل كل منهم سلاحا ناريا بعضهم يتجه مسرعا نحو المسجد ويطلق النار بشكل عشوائى على كل من يحاول دخوله للصلاة.. والبعض الآخر هاجم منزل جارنا « محمد عبد الله»، واعتدوا على من فيه بالضرب ثم حاولوا اغتصاب النساء.. وبشهامة أبناء البلد تدخل ابنى جابر مع مجموعة من شباب القرية لمنع هذا الاعتداء الوحشى، فأطلق عليهم المجرمون النار بشكل عشوائى وأصابوا جابر برصاصة قاتلة فى ظهره».. صمت الأب قليلا واستطرد وهو يغالب دموعه: « قتلوا ابنى ظلما وغدرا وتجبرا وتركوا لى الحسرة والألم.. ولأمه حزنا لن تمحوه الأيام».. أما والدة القتيل فقد اتشحت السواد وجلست متكورة زائغة البصر بجوار زوجها ولم تنطق سوى بكلمات قليلة منها: «جابر ضاع.. فقدت الظهر والسند فى هذه الحياة.. هو الذى كان يرعانى ويسهر على راحتى بعد أن تزوج أشقاؤه وخرجوا من المنزل.. ليتنى مت قبل أن أرى هذا اليوم المشئوم وبقى هو يستمتع بشبابه وحياته» ثم بكت الأم بكاء مريرا ولم تنطق بكلمة أخرى. ترك المحقق منزل أسرة القتيل مع أحزانها والتقى كل من آمال شعبان وحنان شحاتة من عائلة عبدالله محمد عبدالله وسألهما عما حدث فأجابتا: «يوم الحادث عصرا وقعت مشادة كلامية حادة بين عبدالله وبين شخصين من عائلة الخولى بسبب مشاركته فى بناء خزان صرف صحى لأحد الجيران، وهو ما اعترضت عليه عائلة الخولى وتدخل الناس وفضوا المشكلة.. وقت صلاة العشاء وبينما نستعد لصلاة التراويح فوجئنا بهجوم عشرات المسلحين من عائلة الخولى يقتحمون القرية ويحاصرون المسجد ويغلقون مداخلها ومخارجها وراحوا يطلقون النار بشكل عشوائى على المصلين المتجهين للمسجد.. ثم فوجئنا بمجموعة منهم تقتحم منزلنا بحثا عن عبد الله وعندما لم يجدوه اعتدوا علينا بالضرب وحاولوا اغتصابنا.. تدخل شباب القرية وتصدوا لهم وكان جزاؤهم مقتل جابر رمضان وإصابة أكثر من عشرة آخرين». أما الشاهدان بكر السيد وطارق محمود فقالا للمحقق: " نحن فى عزبة « المحارقة» نتجنب الصدام مع عائلة الخولى التى تنتمى إلى قرية النصارية ولكن بعض أفرادها يقيم فى عزبتنا، لأنها عائلة ذات سطوة ونفوذ وتمتلك المال والسلاح وتعد من فلول النظام السابق لان كل أفرادها ينتمون إلى الحزب الوطنى المنحل ومازالوا يتمتعون بسطوتهم ونفوذهم.. وبعد المشكلة التى حدثت بينها وبين عامل البناء عبد الله محمد فوجئنا بأفراد تلك العائلة يقتحمون المنازل والمسجد ويمنعون الناس من الصلاة، فاشتبكنا معهم وكانت النتيجة مقتل جابر رمضان برصاصة دخلت من ظهره وخرجت من بطنه».. الشاهدان ومعهما الدكتور عادل سيد أكدوا على أنهم أبلغوا مركز شرطة إبشواى باعتداءات وتحرشات العائلة التى تنتمى للحزب الوطنى المنحل، ولكن لم يستجب لهم احد.. وبعد المعركة بدلا من توفير الحماية للمعتدى عليهم، تم توفيرها للجناة من خلال نشر قوات الأمن حول منازلهم لمنع أى اعتداء عليهم، ما يؤكد أن هذه العائلة تمارس تجبرها فى حماية الشرطة.