في مثل هذا اليوم، الأول من يوليو 1995، فقدت مصر قامة فنية كبيرة، بوفاة الموسيقار محمد الموجي، الذي بدأ حكايته مع الفن عندما قرر والده محمد أمين في أن يجعله ناظرًا للزراعة، ولكن بإرادته تحول إلى ناظر للموسيقى، ليصبح من أهم فناني الوطن العربي في التلحين. ولد في الرابع من مارس 1923 بقرية بيلا بمحافظة كفر الشيخ، لم يقتنع «الموجي» بأن يكون رجل يهتم بالزراعة والفلاحة، ولكنه اهتم بأن يغني ويقدم للفن العربي والمصري إبداعه الذي جعله واحدًا من عباقرة التلحين، ورغم ذلك فإنه بدأ حياته في الزراعة أيضًا لإشباع رغبة والده، فقد عمل فيها لعامين بعد تخرجه من دبلوم الزراعة، وهو في الحادية والعشرين من عمره. وأصر الموجي على أن يصبح موسيقارًا فتهافت عليه كبار المطربين بسبب الموهبة التي رسخها فيه عمه الذي كان يمتلك لعدد من الأسطوانات وكان يسمعها مستخدما جهاز الجراموفون، وامتلاك والده لآلة عود كان يعزف عليها من حين لآخر، أهلته لأن يكون موسيقارًا كبيرًا، ربت فيه الموهبة التي امتلكها منذ صغره. وبدأت انطلاقة «الموجي» الحقيقية عندما استقال من عمله، وترك كل شيء في بلدته، وجاء إلى القاهرة واستقر في شقة شقيقته، وظل حتى نهاية الأربعينيات يُغني في الملاهي الليلية واضعًا أمامه هدفًا واحدًا، وهو أن يُصبح مثل عبد الوهاب. واستعان الموجي في بداية حياته بالملحن فؤاد حلمي، الذي كان وقتها طالبًا في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية، وكان يزوره للتزود بالمعلومات الفنية والموسيقية التي تُنمي موهبته، وظل على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات، إلى أن ساعده أصدقاءه في أن يتقدم إلى اختبارات الإذاعة كمطرب وملحن، وقام بغناء قصيدة لمحمود سامي البارودي ولكن لم يتم كتابة اسمه ضمن الناجحين. لم ييأس الموجي بعد تلك الواقعة، ولكنه عاود قدم في المسابقة مرة أخرى كملحن، ونجح وقتها، وبدأت حياته الفنية في الظهور بعدما قام بالتلحين للنجوم مثل كارم محمود ومحمد قنديل، إلى أن جاءت اللحظة الفارقة عندما كان يسير هو وصديقه سمير محجوب، وسمع أغنية لعبد الحليم حافظ فتوقف وظل يسمعها، وطلب من عبد الوهاب في اليوم التالي داخل الإذاعة أن يقابل عبد الحليم ومن هنا بدأت صداقتهما. طموح الموجي لم يتوقف عند التلحين للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، ولكنه راوده طموحه في أن يقابل كوكب الشرق أم كلثوم، إلى أن سمعت أم كلثوم ألحانه فطلبته على الفور. وبعدها، قدم الموجي ألحانه لمطربين آخرين منهم المطربة فايزة أحمد، بالإضافة إلى تلحين عدد كبير من الأغاني للراحلة وردة، وللمطرب محرم فؤاد، ومحمد قنديل، وهاني شاكر.