تحل اليوم الذكري ال 92 لميلاد نجم سطع في سماء الفن قدم أجمل وأعذب الألحان، إنه الموسيقار الكبير محمد الموجي. ولد محمد أمين محمد الموجي في 4 مارس 1923 في بيلا بمحافظة كفر الشيخ. ونشأ الموجي منذ نعومة أظافره محباً وعاشقاً للموسيقي فقد تربي في جو فني حيث كان والده يعمل كاتباً في مصلحة الأملاك الأميرية وكان يهوي الموسيقى ويمتلك آلة عود يعزف عليها من آن لآخر، كما كان عمه من محبي الغناء ويمتلك مكتبة موسيقية لكبار المطربين مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب. وفي عام 1929 انتقل الموجي وأسرته إلى بلدة مرو حيث التحق بالمدرسة الأولية وكان يستهويه آنذاك إنشاد المداحين. وفي عام 1936 التحق بمدرسة المحلة الكبرى الثانوية لمدة أربع سنوات كان يشارك حينها في عدة أنشطة فنية بالمدرسة وكان يقوم عادة بالأدوار الغنائية. وأثناء تلك المرحلة انجذب الموجي لعالم الغناء والموسيقى ونالت جزءاً كبيراً من تفكيره ووقته وكانت أول آلة موسيقية عزفها هي آلة السلامية ثم اتجه لعزف آلة العود وغناء ألحان عبد الوهاب وأم كلثوم. إلا أن أحلام وأفكار الموجي تعارضت مع رغبة والده حيث كان والده يحلم بأن يتخرج ابنه ويعمل ناظراً للزراعة ليفخر به لذا ألحقه في عام 1940 بمدرسة الزراعة بمدينة شبين الكون، وكعادته لعشقه للفن اشترك في النشاط الموسيقي وبدأت مواهبه الفطرية تتضح وتتفتح وتظهر. وفي الحادية والعشرين من عمره حصل الموجي علي دبلوم الزراعة وفي عام 1946 عيّن ناظراً للزراعة في بلدة بيلا ثم في إيتاي البارود. وبعد تعيينه تزوج الموجي من ابنة عمه التي وقفت الى جانبه طوال مشواره الفني وحتى آخر لحظة في حياته. وبعد ثلاث سنوات من الإطلاع والمعرفة والغوص في عالم الموسيقى ساعده أحد أصدقائه للتقدم كمطرب وملحن ولكنه لم ينجح. ومع بداية عام 1949 أقدم محمد الموجي على طريق آخر من حياته المستقبلية حيث استقال من عمله وحضر للقاهرة وبدأ يعمل في الملاهي. وفي عام 1951 تقدم الموجي للإذاعة مرة أخرى لاعتماده مطرباً لكن اللجنة رفضت ذلك واعتمدته ملحناً وبدأ يلحن لكل من: كارم محمود، ومحمد قنديل وإبراهيم حمودة. وفي نفس العام عندما بدأ اسمه يلمع التقي بعبد الحليم حافظ وأثمر هذا اللقاء عن أول اغنية وقدم له الموجي أغنية النيل "يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا أسمر" ولأنها كانت شكلاً جديداً فى الغناء فقد رفضتها لجنة الاعتماد في الإذاعة، وعندما تغيّر أعضاء اللجنة تمت الموافقة على اللحن. وقدم القطبان "حليم والموجي" بعدها أغنية حققت نجاحاً كبيراً وهي أغنية "صافيني مرة" ليرتبط الموجي والعندليب من بعدها في رحلة غناء ناجحة غني خلالها العندليب نحو 88 أغنية من ألحان محمد الموجي ما بين عاطفية ووطنية ودينية خلال نحو 25 عاماً من التعاون الفني ومن أشهرها: اسبقني يا قلبي، يا حلو يا أسمر، رسالة من تحت الماء، قارئة الفنجان، أحضان الحبايب وكامل الأوصاف. وكان الموجي يحلم بلقاء كوكب الشرق، وأن تغني من ألحانه ولم يصدق نفسه عندما اتصلت به تطلب مقابلته وفي فيلتها التقي بعملاقين آخرين هما الشاعر أحمد رامي والموسيقار "محمد القصبجي" وأثمر هذا اللقاء عن تلحين أول أغنية لأم كلثوم من ألحان الموجي وهي اغنية "نشيد الجهاد" التي غنتها في حفل نادي الجلاء للقوات المسلحة. وكان هذا الحفل بمثابة النقلة الكبيرة في المشوار الفني للملحن "محمد الموجي" لينطلق بعد ذلك في سماء الموسيقى العربية حيث لحن لام كلثوم بعد ذلك أغنيتي "رابعة العدوية" و"الرضا والنور". واستمرت مسيرة الأغنيات بين الموجي وأم كلثوم وغنت من ألحانه "محلاك يا مصري"، "بالسلام إحنا بدينا،" "يا سلام على الأمة"، و"صوت بلدنا"، وكلها أغنيات وطنية حماسية، ثم لحن لها رائعة "للصبر حدود" عام 1963، ورائعة "اسأل روحك" عام 1970، وكلتاهما من تأليف الشاعر عبد الوهاب محمد. إبداعات الموسيقار محمد الموجي لم تقتصر على كوكب الشرق والعندليب الأسمر فقط بل امتدت الى كبار المطربين حينذاك مثل فايزة احمد التي قدم لها العديد من الأغنيات الشهيرة أبرزها: أغاني فيلم "أنا وبناتي": "بيت العز"، "حيران"، "تعالالي يابا، "ليه يا قلبي ليه"، وأغاني فيلم "تمر حنة". كما لحن للفنانة وردة الجزائرية: "عايزة أحب"، و"لازم نفترق"، و"مستحيل"، و"أكدب عليك"، و"أهلاً يا حب"، ومجموعة من التسابيح الدينية منها: "سبحان الله"، و"يارب"، و"سبحانه رب الوجود"، و"ترنيمة الكروان". وذلك بالإضافة إلى ألحانه لمجموعة أخرى من المطربين أمثال "عزيزة جلال، وميادة الحناوي، ونجاة الصغيرة، وطلال مداح، وماهر العطار، وعلي الحجار، وسميرة سعيد، وصباح، وهاني شاكر. كما ساهم في اكتشاف بعض الأصوات الغنائية الكبيرة منهم: الفنان هاني شاكر والفنانة أميرة سالم. حاول الموجي الاتجاه الي عالم التمثيل لكنه لم يستمر فيه واشترك في ثلاثة أفلام فقط هي: "رحلة غرامية" و"أنا وقلبي" عام 1957 وآخر فيلم هو "العزاب الثلاثة" عام 1964. قدم الموجي الألحان والموسيقى التصويرية لأكثر من 50 عملاً لاقت رواجاً كبيراً في عالم الفن مثل: مسلسل الف وليلة وليلة، فيلم الراقصة والطبال، فيلم أميرة حبي أنا، الشيماء، أبي فوق الشجرة، معبودة الجماهير، رابعة العدوية .. وغيرها. حصل الموسيقار الكبير "محمد الموجي" على العديد من الجوائز والأوسمة خلال مشواره الفني منها: - الميدالية البرونزية من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965 -وسام العلم ووسام الاستحقاق من الرئيس السادات عام 1976 -شهادات تقدير من الرئيس مبارك عام 1985 - أوسمة ونياشين من أغلب ملوك ورؤساء الدول العربية. وفي 1 يوليو 1995 رحل الموسيقار الكبير محمد الموجي عن دنيانا بعد صراع قصير مع المرض عن عمر يناهز ال 72 عاماً تاركاً خلفه تراثاً عظيماً من الألحان العربية الأصيلة التي ما زالت تمتعنا الي يومنا هذا.