سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.. «رمضان في رحاب السيدة نفيسة.. رحمة وبركة ودعوة مستجابة».. دخلت مصر في شهر رمضان.. تضرعت إلى الله ألا تفارق أهلها حية أو ميتة.. وضريحها قبلة للمحبين
دخلت مصر في شهر رمضان.. تضرعت إلى الله ألا تفارق أهل المحروسة في حياتها، أو بعد مماتها.. رفعت كفيها إلى السماء، وقلبها معلق بإجابة كلمات تحرك بها لسانها: «إنى أحببت المصريين حبًا جمًا، وأتمنى أن تكون مقبرتى في مصر، فلا أفارق أهلها حية ولا ميتة».. استجاب الله دعاءها، فعاشت السيدة «نفيسة بنت الحسن»، 15 عامًا بين أهل مصر، ولما فارقت الحياة دفنت في أرضها، لتبقي محبتها في قلوب الملايين من أبناء المحروسة. دعوة مستجابة يحرص المصريون على زيارة مسجد وضريح السيدة نفيسة، على مدى العام، إلا أن الزيارة في شهر رمضان لها مذاق خاص، حيث اعتاد الكثيرون الإفطار هناك، والبقاء حتى صلاة التراويح، وقد تمتد الزيارة حتى وقت السحور، وذلك تبركًا بالمكان، الذي يعتقد البعض أن الدعاء فيه مستجاب، ومن الأقوال التي تؤيد هذا الاعتقاد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، في الجزء الثاني من كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"، حيث قال: «وفي الأرض أماكن مباركة يستجاب فيها الدعاء، ومن هذه الأماكن مدفن السيدة نفيسة بأرض مصر». ويقول العلامة الأجهورى: «إن السيدة نفيسة، رضى الله عنها، حفرت قبرها الشريف بيدها»، وقالت زينب بنت أخيها، والتي كانت تقوم على خدمتها: «تألمت عمتى في أول يوم من رجب، وكتبت إلى زوجها "إسحاق المؤتمن" كتابًا، وكان غائبًا بالمدينةالمنورة، تطلب منه المجئ إليها، لإحساسها بدنو أجلها، ومازلت متوعكة إلى أن كان يوم الجمعة ال 15 من شهر رمضان، فزاد عليها الألم وهى صائمة، ودخل عليها الأطباء فأشاروا عليها بالإفطار فقالت: واعجباه إن لى ثلاثين سنة وأنا أسأل الله عز وجل أن يتوفانى وأنا صائمة أفأفطر اليوم؟، معاذ الله». وتوفيت في 15 من رمضان سنة 208 هجرية، الموافق 809 ميلادية، وكان زوجها يريد أن يدفنها بالبقيع في المدينةالمنورة، فسأله أهل مصر تركها للتبرك بها، ويقال إن رسول الله صلي الله عليه وسلم، أتاه في المنام وقال له: «يا إسحاق لا تعارض أهل مصر في "نفيسة" لأن الرحمة تتنزل عليهم ببركاتها»، ودفنت السيدة نفيسة، بالمكان الذي حفرته بيدها، والذي كانت تنزل فيه لتقرأ القرآن، ويقال إنها قرأت فيه القرآن أكثر من ستة آلاف ختمة. نزولها مصر كان للسيدة نفيسة مكانة في قلوب المسلمين عامة، والمصريين خاصة، وكان أهل مصر يلتقونها في موسم الحج ويسألونها زيارتهم في بلدهم لكثرة ما سمعوا عن فضلها وعلمها، فكانت ترحب بدعوتهم وتقول لهم: سأزور بلادكم إن شاء الله، فإن الله قد أثنى على مصر وذكرها في كتابه الكريم، وقد أوصى جدي بأهلها خيرًا فقال: «إنكم ستفتحون مصرًا فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لكم فيها صهرًا ونسبًا». وفي العشر الأواخر من شهر رمضان سنة 193 هجرية، نزلت السيدة نفيسة، مصر مع زوجها، وأبيها، وابنها، وبنتها، لزيارة من كان بمصر من آل البيت، واستقبلها المصريون عند مدينة العريش أعظم استقبال، ولما وصلت القاهرة، أنزلها السيد «جمال الدين عبد الله الجصاص»، كبير تجار مصر في داره الفاخرة، ثم انتقلت إلى دار «أم هانئ» بجهة المراغة المشهورة الآن بمدافن السيدة نفيسة. وفي بداية إقامتها بمصر، لازم المئات من المصريين دارها ليلًا ونهارًا يلتمسون البركة، ويسألونها الدعاء، ما جعل زوجها يشفق عليها من هذا الأمر، ويقرر العودة بها إلى الحجاز، فتمسك أهل مصر بوجودها بينهم، وقيل إنها رأت في المنام جدها المصطفى صلى الله عليه وسلم، يأمرها بالبقاء في مصر، فوهبها «عبد الله بن السري بن الحكم» والي مصر آنذاك، داره الكبرى بدرب السباع، واستأذنها في السماح بأن يزورها العامة، يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع، التماسًا لبركتها. وظلت السيدة نفيسة تقيم في الدار التي وهبها لها «عبد الله بن السري»، إلى أن توفيت، ودفنت بها، سنة 208 هجرية الموافق 824 ميلادية. المسجد والضريح وقد أنشأ قبرها، والي مصر في ذلك الوقت، عبد الله بن السري بن الحكم، ثم جدده الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، ثم بنى قبته الخليفة الحافظ لدين الله الفاطمي، ثم جدد المشهد الملك الناصر محمد بن قلاون، وهو الذي أنشأ المسجد بجوار المشهد، وأسند نظارته إلى الخليفة المعتضد بالله بن المستكفي بالله العباسي. وبعدها جدد المسجد والضريح الأمير عبد الرحمن كتخدا، ووقف عليه 450 فدانًا، وعددًا كبيرًا من الحوانيت والعقارات المختلفة، ولما أتلف الحريق قسمًا كبيرًا من المسجد في سنة 1310 هجرية، الموافق 1892 ميلادية، أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بإعادة بنائه هو والضريح وتم ذلك في سنة 1314 هجرية، الموافق 1897 ميلادية.