في مفاجأة من العيار الثقيل أعلن السويسري جوزيف بلاتر (79 عاما) مساء الثلاثاء (الثاني من يونيو/ حزيران 2015) استقالته من رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (ال«فيفا») بعد أربعة أيام فقط من إعادة انتخابه لولاية خامسة. ورغم إصابة معظم المتابعين بالدهشة من تلك الاستقالة، إلا أنها لم تكن مفاجأة للبعض. فعلى سبيل المثال توقع رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم "غريغ دايك"، السبت الماضي، بعد يوم واحد فقط من إعادة انتخابه، أن بلاتر لن يكمل ولايته الجديدة وسيجبر على الاستقالة من رئاسة (ال«فيفا»). وبعد استقالة بلاتر من منصبه اعتبر دايك أنها "أمر عظيم لكرة القدم"، وقال إنه "فقد الثقة ببلاتر منذ العام الماضي". ومن السابق لأوانه حاليا القطع في شأن السبب المباشر الذي دفع بلاتر إلى الاستقالة، وهل جاءت بناء على قناعة منه أم أنه أجبر عليها؟ لكن الصحفي الألماني فلوريان ماير، الذي يقوم بإجراء بحوث حول ال«فيفا» منذ سنوات ويعرف عنها أكثر من غيره قال في لقاء مع القناة الأولى الألمانية (ARD) عقب استقالة بلاتر، إن من بين تلك الأسباب الغليان الذي حدث بسبب الكشف عن تحويل لجنة مونديال 2010 بجنوب أفريقيا لعشرة ملايين دولار إلى حساب الاتحاد الدولي لكرة القدم، صبتفي حساب الترينيدادي جاك وارنر المسئول السابق بالفيفا، المعروف بفساده الشديد. وأفاد الصحفي الألماني أن جريدة "نيوتايمز" كشفت أن الفرنسي جيروم فالك الأمين العام للفيفا والرجل الثاني فيه ومن أقرب المقربين من بلاتر منذ سنوات عديدة، هو من تكفل بتحويل العشرة ملايين دولار لحساب جاك وارنر، لكن ال«فيفا» نفى في بيان تورط فالك في هذه العملية، وأن عملية التحويل تمت بإشراف رئيس اللجنة المالية بالفيفا آنذاك. ويؤكد ماير أن هناك وثيقة ظهرت لدى الاتحاد الجنوب أفريقي لكرة القدم موجهه لفالك. وبحسب صحيفة "صنداي انديبندنت" فان ال 10 ملايين دولار المذكورة، والتي خصصت لصناديق دعم اتحاد الكونكاكاف، تم اقتطاعها من مبلغ 100 مليون دولار دفعها ال«فيفا» إلى جنوب أفريقيا لتنظيم مونديال 2010. واعترف داني جوردان الذي كان رئيسا للجنة المنظمة لمونديال 2010، بأن المبلغ تم دفعه عام 2008 وذلك بعد 4 أعوام على اختيار بلده لاستضافة المونديال. وأضاف قائلا: "لم أدفع أو أتسلم أبدا أي رشوة من أي شخص في حياتي". وربما تكون لدى بلاتر عموما مخاوف من التحقيقات التي تديرها السلطات الأميركية والسويسرية؛ لكن ماير يعتبر "بلاتر شخصا في منتهى الذكاء ومرتبا بشكل دقيق ويعرف كل ما يمكن مما يدور حول ال«فيفا» وأنه ربما لن يستطيع أحد أن يثبت أنه تلقى أموالا أو حصل على رشاوى." ويعتقد الصحفي الألماني أن بلاتر صمم على عقد الجمعية العمومية للفيفا "كونغرس" ليظهر للعالم أنه هو من يحدد مسار الأمور في الاتحاد الدولي وأنه يحظى بتأييد الجانب الأكبر من الاتحادات الوطنية لكرة القدم، ثم يقرر بنفسه متى يستقيل"، وتابع ماير: "لقد نجح بلاتر فعلا لكن المفاجأة كانت أن قراره (بالاستقالة) لم يستغرق شهورا وأسابيع وإنما أربعة أيام فقط." ووصف ماير يوم استقالة بلاتر بأنه "يوم أسطوري في تاريخ كرة القدم". فهل كان بلاتر يعرف يوم الجمعة أنه سيستقيل من منصبه وأراد أن يودع 40 عاما في ال«فيفا» باحتفال كبير يتمثل في إعادة انتخابه؟ يعتقد فلوريان ماير أن هذه المسألة غير مستبعدة وأن بلاتر ربما يكون قد فكر يوم الجمعة بعد انتخابه بأنه نجح في إعطاء درس كبير لعالم الإعلام في الكرة الأرضية ثم يعلن بعد ذلك بأيام قليلة استقالته. أما معسكر الأمير الأردني على بن الحسين الذي خسر الانتخابات الأخيرة أمام بلاتر فذكر أنه سيدخل مرشحا في الانتخابات الجديدة لرئاسة ال«فيفا»، وقال صلاح صبرا أحد مساعدي الأمير على "في حال إجراء انتخابات جديدة، فإن الأمير على جاهز... الأمير على جاهز لتولي الرئاسة فورا في حال طلب منه ذلك". والأمير على بن الحسين (39 عاما) درس في إنجلترا والولايات المتحدة وشخص مريح جدا لكن لديه مشكلتان، حسب ما يرى فلوريان ماير، "المشكلة الأولى التي ربما يجادل فيها هي أنه يبدو شخصا متحفظا، بطيء الحركة وأنه لا يمكن أن يجذب أشخاصا إليه". وهذه الصفات هي على العكس من بلاتر "الذي كان مغناطيسا للبشر وكانت له أحاديث مع أكبر السياسيين وأصحاب السلطة في العالم، وكانوا يحملونه على محمل الجد كما نظروا إليه على قدم المساواة"، وهي صفات لا يتمتع بها الأمير على، حسب رأي ماير. أما النقطة الثانية فهي "أنه ليس لديه عملية ترابط وتواصل جيدة مع مجتمع الكرة في العالم وهذه هي أكبر مشكلة بالنسبة له وببساطة فهو لا يملك دعما من الاتحادات الكبرى في العالم " يقول ماير. إضافة إلى ذلك فإن بلاتر أعلن عن عقد "كونغرس" غير عادي في غضون شهور لانتخاب رئيس جديد. ويعتقد فلوريان ماير ميشيل بلاتيني هو أنسب الأشخاص حاليا لرئاسة ال«فيفا».