انبهروا ببرنامج النهضة فانتخبوا الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية ظنا منهم أنهم بنجاحه سيودعون كل المشاكل ومع قرب انتهاء ال 100 يوم أصبح كل رب أسرة فى قنا يسأل زوجته مع كل طلعة شمس:"هل لدينا حطب يكفى لطهى الطعام", فتجيبه, والدخان المتصاعد من الكانون يكاد يخنقها: "نعم ولكن المتبقى لا يكفى لتسخين المياه لزوم الشاور"! تلك المقدمة الساخرة تعكس حال أهالى قنا, فقد عادوا 60 عاما للوراء بسبب أزمة أسطوانات الغاز الخانقة والتى يعجز عن مواجهتها مرسى وحكومته برغم أنهم ك "إخوان" كانوا يقيمون الدنيا على النظام السابق مع كل أزمة مماثلة ويقولون إن ما يحدث خير دليل على فقدانه الشرعية. فمحافظة قنا عادت بالفعل إلى ما يشبه العصر الحجرى فالكانون أصبح لا غنى عنه والأفران البلدى عادت من جديد وأصبح الآباء يحكون للأبناء كيف عاشوا بهذه الطريقة وأنهكتهم الحياة وكيف كان لبناة الكانون شهرة واسعة أشبه بشهرة الفراعنة بناة الأهرام بالإضافة لحكايات أخرى عن الفارق الشاسع بين مواصفات كانون الأغنياء وكانون الفقراء فى ذلك الزمان. أهالى قنا لم يعودوا للكانون حبا فيه, إنما اضطرارا بعد اختفاء أنابيب البوتاجاز فى ظل حكم الرئيس مرسى فهم بحثوا عنها طوال الأشهر الماضية ولم يجدوها ولو وجدها أحدهم تكون مشقة الحصول عليها أكثر بكثير من مشقة الحياة على الكانون ولسان حال الأهالى فى قنا يجتمع على شىء واحد وهو أن هناك أياد خفية هدفها تعذيب الأهالى بالأنابيب مؤكدين أنهم اشتكوا كثيرا من تلاعب مصنع البوتاجاز فى أوزان الأسطوانات ومن تهريب كميات من الأنابيب المدعومة إلى السوق السوداء وعدم إنتاج الكميات المطلوبة ولكنها كلها كانت شكاوى بلا جدوى فضلا عن أن الإجراءات التى اتخذها عادل لبيب محافظ قنا كانت هى الأخرى بلا جدوى. المواطنون فى قنا فاض بهم الكيل فتجمعوا أمام مبنى المحافظة وتظاهروا بالأنابيب واخذوا يطرقون عليها على أمل أن يستمع عادل لبيب لصرختهم المدوية "بيب بيب انابيب". اللواء عادل لبيب تعامل مع الأمر بمنطق أن شرف المحاولة يكفى لإزالة آثار الفشل فالرجل عقد عدة اجتماعات مؤخراً مع عدد كبير من التيارات السياسية بقنا ووعد بحل الأزمة ولو تطلب الأمر زيادة الرقابة والتفتيش وتوقيع غرامات مالية كبيرة على محطة متورطة فى التهريب للسوق السوداء أو حتى غلق المحطات والمستودعات التى يثبت تورطها فى مخالفات وكلها وعود طموحة للغاية ينتظرها أهالى قنا بفارغ الصبر لإنقاذهم من مرارة الحياة بالكانون. والكانون لمن لا يعرفه, والكلام لسعد علام, مواطن قناوى كان والده أشهر بنائى الكانون والأفران, عبارة عن حائطين متجاورين بينهما مسافة بعرض الحلة المستخدمة فى الطهى ومرتفع عن الأرض نحو نصف متر ومبنى من الطوب اللبن أو الطين المخلوط بروث المواشى ويقاد الحطب فى ممر الحائطين لتسخين الحلة وطهى الطعام. الكانون أصبح أيضا فرضا لابد منه على أهالى محافظة سوهاج بعد أن وصل سعر أسطوانة البوتاجاز الواحدة إلى 90 جنيها فى مراكز البلينا والعسيرات والمنشأة ووصول السعر بحسب تأكيدات الأهالى فى الاحايوه التابعة لمركز أخميم إلى 100 جنيه برغم وجود مصنع لتعبئة الأسطوانات هناك. أهالى سوهاج حائرون يتساءلون "على من يلقون بمسئولية اختفاء الأنابيب الآن" بعد أن كانوا يلقونها على أصحاب مزارع الدواجن كلما تكررت أزمتها مع كل شتاء. ويجمع الأهالى هناك على أن إهمال وتراخى المسئولين عن التموين وانعدام ضمائر أصحاب المستودعات وبيع حصص المستودعات لتجار السوق السوداء هى الأسباب الرئيسية للأزمة الآن . إبراهيم جورج, من الأهالى, بدت عليه الدهشة من أزمة الأنابيب بعد مجىء رئيس منتخب وتشكيله لحكومة يسيطر عليها الإخوان وتعيينه لمحافظ جديد بالمحافظة خاصة أنها لم تحدث أيام الثورة ولم تحدث بهذه الحدة فى أيام مبارك. ما يحدث, وصفه كامل أحمد «موظف», بانه تهريج من المسئولين وعبث بحياة المواطنين وبلقمة عيشهم خاصة أن الرواتب والدخول لا تكفى لشراء أسطوانة مقابل 90 جنيها بالتزامن مع أعباء بداية العام الدراسى.