شبكة فساد تسيطر على الأسواق لسحب السلع وإعادة بيعها بأضعاف ثمنها مرآة عاكسة لعشوائية السوق وفهلوية التجار, إنه مركز كوم أمبو بأسوان الذى يعج بتجار قادرين على توفير أى سلعة غير موجودة بالسوق المحلية, لكن بثمن مضاعف ولذا أصبحت شهرتهم تملأ الآفاق وصاروا قبلة لأهل محافظات الجنوب, ما دفع الناس لأن يطلقوا على المركز اسم «مول السوق السوداء». على عمار, تاجر, يقول إن كل السلع متوفرة فى أى وقت بمركز كوم أمبو حتى فى ذروة الأزمات وعدم توافرها فى السوق والسبب فى ذلك ليس الشطارة وإنما الجشع، فتجار السوق السوداء يشترون السلع ويخزنونها حتى تشح ويطرحونها بسعر أعلى فيتكالب عليها المستهلكون. وأهم السلع التى تحظى بالنصيب الأكبر فى هذا السوق, بحسب تأكيدات عمار, هى السلع البترولية ولها مكان مخصص فى شارع الرمد الشرقى بجوار مكتب التأمينات ومكتب الشهر العقارى وفيه يباع البنزين والسولار على مرأى ومسمع من الجميع والكل يعرف أنها سلع مدعومة ومهربة ويقوم ببيعها شباب ينتشرون بالشارع ويقفون أمام منازلهم ببراميل كبيرة وجراكن, ويبيعون البنزين والسولار بسعر 3 جنيهات للتر بعد حصولهم عليهما من محطات الوقود المدعم بطرقهم الملتوية بسعر 90 قرشا للتر الواحد. معلومات خطيرة قالها عمار تكشف أبعاد اللعبة القذرة وملخصها أن عملية الشراء للبنزين والسولار المدعم تتم فى أوقات متأخرة من الليل من باب «شيلنى واشيلك» بين تجار السوق السوداء وأصحاب محطات الوقود وهو ما يكشف سر غلق المحطات بالنهار وادعاء أصحابها بأن حصتهم المقررة من الدولة لم تأت إليهم, وتكتمل المؤامرة على المواطنين بقيام أصحاب الجرارت الزراعية بشراء السولار المدعم وبيعه فى سوق كوم أمبو بأسعار مضاعفة. الجشع لا يقتصر على التهريب والبيع بسعر مضاعف فقط وإنما يأخذ أشكالاً أخرى منها قيام التجار بإضافة نسبة من الماء على البنزين والسولار وهو ما ظهر بعد تعدد حالات تعطل السيارات ولأن الإقبال على بنزين 80 شديد يقوم التجار باستئجار مخازن بمنطقة الإصلاح فى مركز كوم أمبو لتخزين أكبر كمية والمدهش هو أن البيع يتم بدون أى خوف من رجال الشرطة أو مباحث التموين فضلا عن قيام بعضهم باستغلال بيع الوقود لإخفاء اتجارهم فى المخدرات والتى تحقق لهم مكاسب هائلة. أنابيب البوتاجاز تحتل المركز الثانى فى قائمة السلع التى يبحث المواطنون عنها فى السوق السوداء بمركز كوم أمبو ويتم تسريبها للسوق من خلال رفض أصحاب المستودعات لبيعها للمواطنين بسعرها الرسمى وبادعاء أنها غير موجودة وذلك لبيعها بسعر أعلى للباعة الجائلين الذين يبيعونها للمواطن ب 30 جنيها بعد شرائها من المستودعات ب 10 جنيهات . عمليات حصول تجار السوق السوداء على الأنابيب أشبه ب «لعبة الاستغماية» وفيها يتم تعمية الشعب والمسئولين فالسيارات تقف فى وقت متأخر من الليل لتحميل الأنابيب بعيداً عن أعين الناس وبعض التجار يلجأون لطريقة أخرى وهى انتظار التجار وفق اتفاق مسبق لسيارات مصانع الأنابيب وتنزيلها وتحميلها بعد منتصف الليل قبل وصولها للمستودعات ويتم ذلك على الطريق الصحراوى والطريق الزراعى فى الخفاء, وضمانا لعدم كشف المستور تقوم سيارات المصانع بتنزيل ثلاثة أرباع الكمية والذهاب إلى المستودعات بالربع المتبقى. الزيت والأرز المدعومان من الدولة أصبحا أيضا فى متناول شبكة التهريب للسوق السوداء بمركز كوم أمبو, ويبيع التجار الزيت المدعوم ب 8 جنيهات بعد حصولهم عليه ب 3 جنيهات وهكذا الحال بالنسبة للأرز وتتفاقم الأزمة ببيع أصحاب محلات السلع التموينية الزيت والأرز نصف حصصهم للمطاعم. وتبلغ الإثارة ذروتها فى تهريب تذاكر القطارات بالاتفاق مع موظف شباك التذاكر وبيعها فى شارع المحطة بأضعاف أثمانها والمثير للتساؤلات هو عملية إلقاء القبض على هؤلاء وإفراج النيابة عنهم فى نفس اليوم.