هى مأساة حقيقية بكل المقاييس .. بطلتها امرأة مسنة شاءت الأقدار ان تصاب بالصرع منذ طفولتها.. وحرمت من الإنجاب فى شبابها، وتوفى زوجها وتركها تواجه مصاعب الحياة بمفردها.. وعندما تقدمت فى السن تكالبت عليها الأمراض، ورقدت فى المستشفى الإيطالى بالعباسية، فأخذ كل اموالها ثم منع عنها العلاج والطعام وتركها حتى امتلأ جسدها بالجروح والقروح ، لتتحول الى جثة مفتوحة العينين، لا تقوى على الحركة، ولا حتى على نطق كلمة «آه».. محقق «فيتو» فى السطور التالية يرصد فصول المأساة. الفصل الاول: صرع فى الطفولة بدأت أحداث الفصل الأول من مأساة «سيدة» منذ نعومة أظافرها.. حيث أصيبت بمرض «الصرع» وبين الحين والآخر كانت تصاب بنوبات هياج شديدة تسقط بعدها فاقدة الوعى.. تنقلت أسرتها بها بين الأطباء بحثا عن علاج ولكنها لم تجد علاجا شافيا، فرضت بنصيبها وتحملت ما لا يتحمله بشر من آلام نفسية وجسدية.. عندما وصلت الى مرحلة الشباب، رفعت يديها الى السماء وتضرعت الى الخالق عز وجل ان يكشف عنها البلاء وان يعينها على تحمل رحلتها الشاقة مع المرض.. تقدم لخطبتها شاب من منطقتها رضى بظروفها وتزوجها.. ابتسمت لها الدنيا وعاشت فى سعادة وهناء بعد ان قلت أعراض المرض لديها.. أدارت الدنيا ظهرها لسيدة مرة اخرى عندما تأخر الحمل.. ذهبت لأكثر من طبيب وجميعهم اكد أن مرضها القديم يمنعها من الإنجاب وانه لا امل فى ان تصبح أما.. مرة أخرى رضيت بنصيبها وكرست كل حياتها لخدمة زوجها والسهر على راحته، واتخذته ابنا وأبا لها خصوصا وانه لم يهمل ولم يقصر معها فى اى شيء وأنفق على علاجها أموالا طائلة.. ذات يوم عاد زوجها مرهقا محموما من عمله.. رقد على فراشه وسهرت ليالي طويلة بجواره تذرف الدموع خوفا عليه.. دعت الله ان يشفيه فهو سندها فى الحياة ومن دونه لن تجد من يرعاها، ولكن إرادت الله شاءت ان يموت ويتركها فى وسط الطريق وورثت عنه مبلغا ماليا يعينها على مصاعب الحياة.. ساءت حالتها النفسية وشعرت بالضياع، ولكنها تغلبت على آلامها ورضيت بالقدر والمكتوب، وصبرت على امل فى مستقبل أفضل. الفصل الثانى: عذاب فى المستشفى الإيطالى مرت سنوات على وفاة زوج سيدة تنقلت خلالها بين منازل أشقائها وأقاربها.. مع الوقت تدهورت حالتها الصحية بحكم تقدمها فى السن وقلة الحركة.. أشتد عليها المرض فأضعفها وأعجزها عن الحركة.. لم تحتمل الألم فذهبت الى المستشفى الإيطالى فى العباسية.. دفعت كل ما معها من أموال ورقدت فى حجرة «فرست كلاس».. اهتم الأطباء بها وقدموا لها أوجه الرعاية فتحسنت حالتها، ولكن الأطباء رفضوا خروجها بحجة انها ماذالت تحتاج للملاحظة الدقيقة.. ظلت فى المستشفى لأكثر من ثلاثة أشهر أنفقت معظم ما معها من أموال، وبسبب رقودها الدائم أصيبت بقرح الفراش.. أهمل الاطباء علاجها بعد ان نفدت اموالها.. تطورت القرح وانتشرت فى كامل جسدها ووصل طول بعضها الى 15 سنتيمترا، والبعض الآخر وصل عمقه الى العظام.. صرخت من الألم ولم يستجب لها أحد من الاطباء ولم يقدموا لها سوى غيارات بسيطة.. تمنت الموت من شدة الألم وهذه الأمنية لم تتحقق أيضا، وظلت لأيام وليال فى عذاب لا يطاق.. تم نقلها الى قسم الجراحة وبعد أيام من رقادها فيه، فوجئت بإدارة المستشفى تطالبها بسداد «77» ألف جنيه.. باعت كل ما تملك ودفعت 57 ألفا وتوسلت للاطباء ان يعالجوا جروحها ويرحموها من آلامها، ولكنهم لم يستجيبوا لها وامتنعوا عن علاجها قبل أن تدفع باقى المبلغ المستحق عليها.. ثم كانت الكارثة الكبرى عندما أصدر مدير المستشفى قرارا بمنع صرف الدواء ووقف إجراء التحاليل والأشعة لها.. وأعقب ذلك بتعليمات شفوية بحرمانها من الطعام تدريجيا. الفصل الثالث: جثة مفتوحة العينين لم تتوقف مأساة سيدة عند هذا الحد.. فقد قررت إدارة المستشفى نقلها من غرفتها «الفرست كلاس» الى قسم الصدر فى «بدروم المستشفى» ورقدت على سرير متهالك وسط المرضى الذين يعانون من امراض معدية الامر الذى يهدد بإصابتها بالمزيد من الامراض.. بكت بكاء حارا حتى جفت دموعها.. توسلت للجميع ان يرحموها من شدة الألم.. طلبت منهم ان يقتلوها حتى تستريح مما هى فيه، وأيضا لم تجد من يستجب لها بعد ان تحجرت مشاعرهم ومات فيهم الضمير.. بعد أيام قليلة عاودتها نوبات الصرع والتشنجات، ثم فقدت النطق، وتحولت الى جثة مفتوحة العينين.. ذات يوم زارها ابنا شقيقها فوجداها على تلك الحالة من الإهمال والعذاب، وعلما بكل ما حدث من تعنت الأطباء.. أسرعا الى قسم شرطة الوايلى وقدما بلاغا اتهما فيه المستشفى بالإهمال والتسبب فى تدهور حالة عمتهما وحررا محضر إثبات حالة بما فيها من جروح وقروح مختلفة. محقق «فيتو» التقى بابن شقيق سيدة ويدعى «رضا» وسأله عن المأساة فقال وهو يذرف دموعه: « عمتى بين الحياة والموت والسبب طمع وجشع وإهمال الاطباء فى المستشفى.. منعوا عنها العلاج والطعام لأنها تأخرت فى سداد تكاليف العلاج.. لم احتمل رؤية منظرها، وأسرعت الى قسم الوايلى، وحررت المحضر رقم 3611 إدارى الوايلى بالواقعة، ولن يهدأ لى بال حتي اقتص من ذلك المستشفى».. سأله المحقق: « ولماذا لم تزرها طوال الفترة الماضية وتركتها حتى وصلت الى ما وصلت إليه؟».. بكى بكاء حارا ولم يجب.