جنينة: موعدنا نهاية مايو الجارى.. ولا فساد أو رشاوى بعد اليوم الجهاز يعتمد مخطط استبدال مراقبى الوزارات والأجهزة السيادية.. والرئاسة ومجلس الوزراء والداخلية في المقدمة معركة «النفس الطويل».. هكذا يمكن وصف الحرب الدائرة بين الجهاز المركزى للمحاسبات، ورئيسه المستشار هشام جنينة، من طرف، وعدد من الوزارات والأجهزة السيادية التي رفعت راية العصيان في مواجهة قرار «جهاز جنينة» جولة كسبتها الوزارات والأجهزة السيادية، وجولة ثانية انتهت بالتعادل بعد تدخل القيادة السياسية ومن المؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد الجولة الأكثر سخونة والأشد ضراوة، خاصة بعد أن أعلن المستشار هشام جنينة «ثورة إعادة الهيكلة» والتي يسعى المركزى للمحاسبات، من خلالها لإعادة هيكلة قطاعاته وإداراته المختلفة. وتعتمد «خطة جنينة» في المقام الأول على استبدال أعضاء الجهاز المكلفين بمراقبة أداء عدد الوزارات والأجهزة السيادية التي تقف ضد قرارات «جنينة» وبشكل دوري. الخطة الجديدة تهدف، وفقا لمعلومات مؤكدة حصلت عليها «فيتو»، إلى تفعيل الرقابة والقضاء على مواطن التجاوزات المحتملة من بعض أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات لضمان الشفافية والإنصاف في العمل الرقابى، في معاناة مصر من استشراء الفساد وتوطنه في بعض القطاعات المهمة. ولا تقتصر الخطوة التي اتخذها الجهاز على إعادة الهيكلة الداخلية عليه فقط، لكنها مجرد بداية لهيكلة كل قطاعات الدولة بأكملها، لإنقاذها من الترهل الذي أصابها، بسبب وجود 6.4 ملايين موظف في أجهزتها، يتركز 505 ملايين منهم في قطاع المحليات. وتعتمد خطة هيكلة جهاز المحاسبات على فكرة «تدوير العاملين»، بحيث يراقب عضو الجهاز الجهة الإدارية المنوط بها رقابتها، فترة زمنية لا تتجاوز 3 سنوات. عملية التدوير بدأت باستبدال مفتشى الجهاز على عدد من الجهات السيادية، وأولها رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية، إلى جانب وزارات البترول والتربية والتعليم والتعليم العالى والاتصالات، فضلا عن عدد آخر من الهيئات والأجهزة الإدارية. ووفقا لمصدر مسئول بالجهاز المركزى للمحاسبات، تأتى عملية الهيكلة لإزالة «العناصر الجامدة» في عملها، واستبدالها بأخرى تمتلك المقدرة على التعاطى مع كل القضايا بشكل حاسم وسريع، لتحقيق رقابة أكثر فاعلية وموضوعية على قضايا الفساد بالجهاز الإداري، فالهدف هو الحصول على تقارير جادة تحقق الإرادة السياسية في مكافحة الفساد بكل أشكاله في كل القطاعات. تجدر الإشارة هنا إلى أن إعادة الهيكلة هذه تحدث لأول مرة في الجهاز، فأعضاؤه المكلفون بمراقبة أداء بعض الجهات الإدارية لم يتم تغييرهم منذ فترة، ما أدى إلى نشوء علاقة وطيدة بين عدد منهم ومسئولين بهذه الجهات، وهو ما لا يصب في صالح العمل الرقابي. عملية الهيكلة تتضمن، على ذمة مصدر «فيتو»، إنشاء المركز الإعلامي بالجهاز، وتعيين عدد كبير وجديد من المتخصصين في العمل الإعلامي به، ثم التوسع به، بحيث يكون مركزا إعلاميا قويا وفعالا يعمل على خدمة أعضاء الجهاز والإعلاميين وتسهيل كل المعلومات لهم، في إطار تحقيق عنصر الشفافية وإتاحة المعلومات، التزاما بما نص عليه الدستور. وتشمل إعادة هيكلة الجهاز أيضا تطوير العمل تقنيًا بالتوسع في استخدام تكنولوجيا المعلومات بالعمل الرقابي، في سبيل النهوض به. باعتباره الجهاز الأعلى للرقابة في مصر، ووفق قانونه السارى رقم 144 لسنة 1981 وتعديلاته ينفرد بثلاثة أنواع من الرقابة، هي الرقابة المالية بشقيها المحاسبى والقانوني، والرقابة على تنفيذ الخطة وتقويم الأداء، والرقابة القانونية على القرارات التي تصدر في شأن المخالفات المالية، كما أنه يقدم تقارير عن الاقتصاد الكلى بما يتعلق بالموازنة العامة للدولة والتعامل مع العالم الخارجى من خلال ميزان المدفوعات، والدين الداخلى والخارجي، وتقييم الخطط الخمسية والسنوية للتنمية، فضلا عن تقارير تقويم الأداء. وتعقيبا على خطة «إعادة الهيكلة» قال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات: الجهاز يعمل على إعادة الهيكلة لتذليل العقبات أمام أعضائه والعمل بحرية دون قيود وتحقيق معايير النزاهة. «جنينة» أوضح أيضا أنه استهل عملية إعادة الهيكلة بنقل بعض من أعضاء الجهاز المكلفين بمراقبة عدد من الجهات الإدارية إلى جهات أخرى، لقطع الطريق أمام أي علاقة طويلة تربط بين مراقبى الجهاز وكبار المسئولين، مما قد يثير أي نوع من الشبهات. «نهاية الشهر الجاري» التاريخ الذي أشار إليه «جنينة» كموعد للانتهاء من إعادة هيكلة الجهاز بكل فروع الجهاز بالمحافظات لمنع انتشار الفساد والرشاوى، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الجهاز يعمل على تفعيل اللامركزية في اتخاذ القرارات.