أول خطوات الفشل هو التركيز على ملء «الخزائن»، وبما أن الجامعات وجدت في نظام «التعليم المفتوح» طائرا يبيض لها بيضًا من الذهب عامًا بعد الآخر و«قد كان»، هناك من يبحث عن ذبح هذا الطائر الذي ضرره صار أكثر من نفعه، لا سيما مع «طوابير الحاصلين على الشهادات الجامعية». «التعليم المفتوح بحاجة إلى دراسة عاجلة، وتم تشكيل لجنة منذ أيام لإعادة تقييمه بشكل أكثر إيجابية لصالح خدمة المجتمع»، هذه الكلمات جاءت على لسان «رب الجامعات» وزير التعليم العالى الدكتور السيد عبدالخالق، لافتًا إلى أن كل جامعة رصدت في إحصائية عدد الطلاب المتواجدين بها، قبل اتخاذ خطوات بتطوير المناهج نفسها. أما «الدكتور أشرف حاتم - أمين المجلس الأعلى للجامعات» فرأى أن التعليم المفتوح يستهدف تحسين وتنمية قدرات الملتحقين به ويسمح لخريجى الدبلومات بالحصول على شهادة جامعية بعد 5 سنوات إلا أنه حذر من خروج هذا النظام التعليمى عن مساره ويُجرى حاليًا تقييم التجربة برمتها. ولا يخفى على أحد أن «التعليم المفتوح» نظام مصدق به في عدة دول، ويتميز بعدم إلزام الطالب بالحضور، ولذلك يصفه الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى بأنه «تعليم ممتاز»، وإن كان هذا لا يحدث على أرض الواقع بمصر لأن ما يحدث في مصر «اسم بدون تطبيق بشكل صحيح»، فأصبح خارج نطاق الخدمة لأن الطلاب يتحصلون على المعلومات خلال ساعتين كل يوم جمعة، وفقًا ل«مغيث». واعتبر الخبير التربوى أن التعليم المفتوح تحول إلى «سبوبة» لأعضاء هيئة التدريس والجامعات لأن الطلاب يدفعون مصروفات مقابل خدمات غير موجودة، مضيفًا أن أكثر الفئات المستفيدة من التعليم المفتوح تلك التي تبحث عن تعديل الهيكل الوظيفى وموقعهم في الوظيفة، خصوصًا من الحاصلين على الدبلوم ليحصلوا على شهادة للانتقال لمستوى تعليمى ووظيفى أفضل. تطوير التعليم المفتوح، بحسب د. مغيث، يكمن في إلغائه من الأساس وإعادة هيكلته، وبنائه على أسس علمية تحقق أهداف العملية التعليمية، ولا بد من إعادة النظر في الوقت الذي يستغرقه طالب التعليم المفتوح في دراسته، وتأهيل أعضاء هيئة التدريس للتعامل مع طالب التعليم المفتوح، وتشجيع البحث العلمى للوصول إلى أهداف التعليم الحقيقى وليس طالبا يتعلم ساعتين فقط خلال الأسبوع وينهى دراسته بالترم خلال شهرين. «الدكتور طارق منصور - وكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب بجامعة عين شمس» رأى أن التعليم المفتوح يعد أحد طرق «التعليم عن بعد» المتاحة في العالم بأكمله، والتي تعمل على مساعدة من فاته استكمال تعليمه الجامعي، مشيرًا إلى أن هذا التعليم موجه لشريحة معينة ممن لم يحصلوا على الثانوية العامة أو طلاب الثانوية العامة «النظام القديم»، الذين لم يكملوا تعليمهم بعد مرحلة الثانوية العامة والتحقوا بالدبلوم الفنى أو الصناعي. وأكد أن دراسة طالب التعليم المفتوح لا تؤهله إلى استكمال مرحلة الدراسات العليا، مطالبًا بتأهيله بعد تخرجه وإعادة دعمه بجرعة تعليمية إضافية لتأهيله لاستكمال مرحلة الدراسات العليا، مشيرًا إلى أن التعليم المفتوح تقف أمامه إحدى المعوقات التي تتمثل في أن العديد من الدول العربية لا تعترف بشهادة التعليم المفتوح، إضافة إلى عدم اعتراف العديد من النقابات بخريجى التعليم المفتوح مثل «المحامين والإرشاد السياحي». بلغة الأرقام، تحدث وكيل كلية الآداب بجامعة عين شمس عن أن طالب التعليم المفتوح يدفع 150 جنيهًا للمادة الواحدة في الترم، وكان يسجل خمس مواد دراسية، ولا يدفع أكثر من 750 جنيهًا، وهو ما لا يذكر عند حساب التكلفة الحقيقية للتعليم المفتوح للطالب الواحد، والتي تكلف الجامعة أضعاف ذلك. وكشف عن تبنى الدكتور محمد الطوخى نائب رئيس جامعة عين شمس، خطة تطوير التعليم المفتوح للجامعة، والتي تكلف الجامعة ملايين الجنيهات في سبيل مواكبة التعليم المفتوح العالمى عبر دعم «الكتاب الإلكتروني، وخدمة الفيديو كونفرانس، ورفع المحاضرات بالفيديو على المواقع الإلكترونية». رفض الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، وصف خدمة "التعليم المفتوح" التي تقدمها الجامعة ب"السبوبة"، وأكمل "نصار" بقوله: "التعليم المفتوح بالجامعة ليس سبوبة بل تحول في الفترة الأخيرة إلى تجويد سوق العمل، والسبب في تفاقم المشكلة أن الحكومة في فترة من الفترات أكدت أن التعليم المفتوح يؤهل لسوق العمل وتحديدًا أثناء الفترة التي تولى فيها الدكتور هانى هلال، وزارة التعليم العالي، وأنهى، رئيس جامعة القاهرة، حديثه بتأكيد أن "التعليم المفتوح ليس تعليمًا مهنيًا، لكنه بمثابة شهادة لتعليم الكبار تؤدى إلى نتيجة متمثلة تجويد سوق العمل لأنه يحتاج إضافة معلومات وليس تدريبًا". في السياق ذاته قال الدكتور عبدالله سرور، وكيل مؤسسى نقابة علماء مصر _تحت التأسيس: هذا النوع من التعليم يستهدف به التخريب للنظام التعليمى المصرى ويسىء لسمعة الجامعات والشهادات التي يمنحها، لأنه في كل دول العالم يطبق من أجل منح الفرصة لاستكمال التعليم في نظام فنى تخصصى ويمنح شهادة بالتدريب والدراسة، لكن في مصر يمنح خريج التعليم المفتوح نفس الشهادة التي يحصل عليها الطالب النظامى الذي يخضع للتدريب العملى ويتعامل مع الأساتذة ويمارس كل الأنشطة ويسمح له بالوجود في المكتبات، وجميعها حقوق لا يحصل عليها طالب التعليم المفتوح لأنه يدرس المواد في فترات الراحة بالجامعات.