مساحة لشخصيات من لحم ودم، فيهم الصالح والطالح، من يستحق التقدير والتعظيم ومن يستحق النقد والتقويم ، هنا نوزع السخرية باليمنى وباليسرى على السادة المحترمين وغيرهم. أوقعني الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، بموقفه أثناء مشاركته في الشيء الوهمي المسمّى ظلما وعدوانا ب «الحوار الوطني»، في حَيرةٍ شديدة، أصعبَ من تلكَ التي يوقعنا فيها السيد رئيس الجمهورية، شخصيّا، في تسعين بالمائة من قراراته ومواقفه ! قبل كلّ شيء، أقرّ وأعترفُ أنني أحترم «حزب النور» بمعظم رموزه ومتحدّثيه بأجهزة الإعلام المعروفة وغير المعروفة، وأشعر أنهم الأصدق على الإطلاق في جميع القوى المتناحرة على الساحة، فبالرغم من مواقفهم المتشددة في كثير من الأمور، إلا أنهم واضحون وصريحون، ولا يعيبهم سوى ملاعبتهم للإخوان لعبة «شيّلني وأشيّلك»، تلك اللعبة الاستراتيجية الموروثة منذ أيام أجدادنا الفراعين والتي لعبها الإخوان مع المجلس العسكري ، وبعد أن أخذ الإخوان كل شيءٍ لم «يشيّلوا» المجلس ولكن «شالوه ... وهبدوه في الأرض»، وقد كشفت لنا مشكلة إقالة الدكتور خالد علم الدين الذي كان مستشارا للرئيس لشئون البيئة والحاجات دي ما كان يتمّ في الخفاء، فقبل اشتعال الأزمة كان الإخوان والرئاسة في رأي أهل النور «أحسن ناس وأجمل ناس وأحلى من كده مفيش»، وبعد الحريق أصبح الإخوان «أفشل مَن على وجه الأرض، وأسوأ مَن يُناط بهم حمْل مسئولية دولة بحجم مصر .....» إلى آخر ما تابعناه على شاشات الفضائيات والبرمائيات والصحف السيّارة والصحف التوكتوكيّة، وإذا رجع أي مواطن يفك الخط بصعوبة إلى أرشيف يوتيوب، وشاهد عينة مما كان يُقال فيما قبل وما يُقال فيما بعد وليكن ما قاله وما يقوله المدعو نادر بكّار على سبيل الحصر لاكتشف هولَ ما نحن فيه وما تُساق إليه مصر العظيمة في أزهى عصور الفوضى والتخبّط والارتباك . ولا يفوتني أن أتساءل ومعي الملايين من الغلابة أمثالي عن منصب الأخ الدكتور خالد علم الدين الذي كان مستشارا للرئيس لشئون البيئة ! هل كان المنصب متعلّقا برش الطرق وري الزرع والورد بحدائق قصور الجمهورية التي بهدلها الغاضبون والثوّار وحملة الجبنة النستو المحظورة دوليًّا ؟ أم كان متعلقا بعيوب التدخين ومضار شرب المعسّل والسجائر المهرّبة ؟ أم كان يقوم على بناء خطط مواجهة أكوام القمامة وسوء التنظيم في توزيعها وما يسببه من مخاطر صحية على معظم المواطنين الغلابة .... إلخ؟ تلك الخطط التي أدت إلى زيادة الناتج القومي من القمامة وعدم حاجتنا إلى استيرادها من الخارج؟ نحن لم نشعر بأي دور لأي من السادة المستشارين الذين استقالوا والذين أُقيلوا والذين لم يُقالوا ولم يستقيلوا، وبالجملة .. لم نشعر بوجود الدولة إلى الآن ! كما لا يفوتني أن أؤكد أن ظهور السيّد نادر بكّار «بتاع تثبيت قوانين اللعبة «ومناقضته لنفسّه قبل الأكل وبعده سيكون أكبر منشار يسحب من رصيد حزب النور لدى المتعاطفين معه، وأنا أولهم، وقد قال الشاعر : ولكلِّ شيءٍ آفةٌ من جنسِهِ حتى الحديدُ سطا عليهِ المِبرَدُ والأخ نادر هو المِبرَدُ الذي ينخر حديد حزب النور في حالتنا هذه، كما أنه يرتكب أسوأ عادة عندما يقلّد إخوانه في الإخوان إذ يقوم بحشر مفردات أجنبية في وسط الكلام بلا أي مبرر، فهو من خلال الشاشة يخاطب العامة لا المتخصصين، وكلّ منا في مجال تخصصه يعرف ما ينوء بهِ كاهل الأخ نادر وأشباهه في الجماعة وفروعها وتوابعها في القصر الجمهوري والأقسام والمراكز والقرى والنجوع، لكننا نخاطب الناس بما يعرفون، وعندما نريد توصيل ما لا يعرفونه إليهم فإننا نستخدم اللغة التي يفهمونها، كلنا نفعل هذا منذ أن كان الأخ نادر في التعليم الأساسي، ولا نستخدم المصطلحات والكلام الكبير بالفرنساوي والإنجليزي إلا في الندوات واللقاءات الخاصة المغلقة على التخصص، وبالرغم من أنني لا أعتبرني الترمومتر العام الذي تُقاس بهِ تحوّلات الجمهور ومشاعر العامة، إلا أنني أعلنها صراحة أنني فقدت كلّ حماسي تجاه نادر بكار ولم أعد أقرأ الصحف التي يكتب فيها، ولا أتابع البرامج التي يسكنها بنظام المفروش مثل أصدقائه في الحريّة والعدالة تمامًا، غير أن ذلك لم يُفقدني تعاطفي مع حزب النور واحترامي لكثيرٍ من مواقفه الإيجابية، وفي الوقت نفسِه لا أضمنني فالغيبُ لا يعلمه إلا عالمُ الغيبِ والشهادة . أعود إلى الرجل المحترم المتزن الدكتور يونس مخيون، ابن محافظة البحيرة ( مركز أبو حمص )، وابن عائلة مخيون صاحبة التاريخ المعروف في الحياة السياسية، ودائما ما كنّا نجد مرشّحًا منها لمجلس الشعب ( أو البرلمان أو الأمة أو النوّاب ) في كلّ دورة، ( ومنها الفنان المحترم المثقف عبد العزيز مخيون )، والدور الدعوي الذي يؤديه الدكتور يونس لم يبدأ بالأمس مثل الكثيرين الذين طفوا كالغبار، أو كالجراد الذي يملأ فضاءنا، بعد الثورة العظيمة المسروقة، لكنه دخل الساحة وهو طالب بكلية طب الأسنان بجامعة الإسكندرية، وكان تخرجه متزامنا مع تخرجي في كلية الحقوق هناك، ولذلك أشعر بأنني رأيته كثيرا، كما يشعر كثيرون بقربه منهم لهدوئه ودماثة أخلاقه، حتى في غضبه وثورته، ودائما ما تتسلل الابتسامة في ملامحه في أحلك الظروف، بينما نرى القبح والغضب والنفور في ملامح الآخرين حتى عندما يصطنعون الابتسام . يمارس الدكتور يونس، مع أهله وعشيرته وكبار أهلنا في أبي حمص والبحيرة، دورا اجتماعيّا مهما قائما على الاحترام ومكارم الأخلاق ودعائم ديننا القويم، فيساهم في حل النزاعات والمشكلات الطارئة بين المواطنين، بالحسنى والموعظة الحسنة وليس بالرشاوى المُقَنّعة من الزيت والسكر والدقيق وأنابيب الغاز وكل هذه الأشياء المسروقة من تموين الغلابة ليتم بها إغراء أو إغواء غلابة آخرين من أجل تزييف إرادتهم والاستيلاء على أصواتهم في معركة يجب أن تكون شريفة !!! لكنهم حوّلوها إلى معركة حياة أو موت من أجل مطامع دنيوية فانية، لا من أجل مصر العظيمة ومستقبل أبنائها القادمين في رَحِمِ الغيب، والذين سيولدون ليجدوا مستقبلهم ملعوبًا في أساسه، وسنكون جميعا تحت الأرض وبين يديّ العادل المنتقم الجبّار، بينما الأبرياء الذين لم يمنحونا حقّ التصرف في مستقبلهم يدفعون ثمن خياناتنا وتكالبنا وتفريطنا في ديننا ودنيانا ! النقاء الروحي الذي يكتنزه المواطن يونس مخيون ينعكس على المتابع أو المتلقي ولو كان مختلفا معه، والعبد لله يختلف في الكثير مع إخواننا في جبهة الدعوة السلفية، وكما أسلفت هم صادقون وواضحون، لكن هذا يخرج بهم كثيرا إلى الناحية الأخرى عندما يتحول الصدق والوضوح إلى تصادم في حالة التشبث بالرأي، كما تحدث حالات من الغشومية المنفردة التي تدفع المواطنين إلى التردد في التعاطف مع الحزب وتوجهاته «وهو الأمل الوحيد في مواجهة جشع الإخوان بعد دعوات المقاطعة» كحالة الإصرار على تكوين فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأدعو الله ألا يضع أحدهم في طريقي فلن أقبل وسيطا بيني وبين ربي، ولن أسمح لأحد أن يأخذ من وقتي فيمتو ثانية، أو يكون وصيّا عليَّ وعلى زوجتي «الصواب: زوجي» وأولادي، وآمُل من أخينا الدكتور يونس وحكماء حزب النور أن يأخذوا خطوات إيجابية صادقة في هذا الاتجاه، وأن يقاتلوا من أجل إيقاف مثل هذه الدعوات، فالنيران المشتعلة تحت ملابسنا ليست بحاجة إلى الكثير من البنزين « ولو أنه شاحح، والحالة كرب» . الصفعات التي وجهها الدكتور يونس مخيون في موقفه المشرف في جلسة الحوار الوهمي إياه لا تُعد ولا تُحصَى، كما كان موقفه من قانون انتخابات مجلس النوّاب الذي سلقه حزب الشورى المشكوك في صحته مهمّا وكاشفًا وعاقلا، كذلك حديثه عن أخونة الدولة الذي جاء جيّدا جدًّا، فالتطرق لهذه البؤرة الملتهبة كان يثير الجميع ضد مَن ينطق بكلمة تشير إلى الأخونة من قريب أو من بعيد، لكنها جاءت من الدكتور يونس «الإسلامي، وكأننا أعني الآخرين كفرة وأولاد كذا كذا» كما أعلن أن معه ملفا بأسماء ثلاثة عشر ألف حالة أخونة !!«فقط لا غير .. ألا تكبّرون ؟» ، وكان مثل هذا الكلام من أي عضو في جبهة الإنقاذ النهري أو القنوات الفضائية الوحشة أو الصحف الليبرالية الكُخّة يوجبُ على المتفوّه به أن يصوم خمستاشر سنة «كفّارة إخوانية» وإلا سيوضع في كفنِهِ مظروفٌ به استمارة دخول المذكور جهنم الحمراء والعياذُ بالله . الدكتور يونس ومعظم المتحدّثين «الناضجين» من حزب النور، يحترمون الدين ويضعون القرآن والسنّة بما يليق بهما من التنزيه والتشريف، عكس أولئك الذين جعلوا منهما القرآن والسنة الشريفة ما يشبه السلع التايوانية المضروبة «وأستغفر الله العظيم فهذا التعبير لاستعارة التشبيه فقط»، وراحوا يتاجرون بهما في مزادات السياسة الرخيصة، وللأسف، لم يتعظوا مما جرى للنظام السابق والحزب الوطني بالرغم من أنهما لم يتاجرا بالدين ولم يجعلاه مطيّة، ونالهما ما نالهما مبارك وحزبه والشركاء والأقارب من ذلّ ومهانة ونهاية سوداء ما كانت في حسبانهم «ولا حسباننا»، وفي يقيني أن النهاية الأسوأ والأسود تنتظر أولئك الذين لا يحترمون ديننا، ويجتزئون من كتابنا الكريم ما يسوّغون به ما يفعلون بنا وبمستقبلنا . غيرَ أنني مثل ملايين المُحبطين والمتشككين لي أن أتمسّك بحقّي في الخوف والشكّ في أنْ تكون هناك لُعبة سريّة، أو أن يكون هناك سيناريوهات أخرى، أربأ بحزب النور وبرئيسه أن تتلوّث أيديهم في أي لُعبة قذرة قد تطيح ببعض الحاضر وتحرق كلّ المستقبل، وآه لو فعلها حزب النور وأعلن مقاطعة الانتخابات المقبلة المطعون في شرعيتها من الآن، عندها ... سنصفق للنور ونعلنها على الملأ: يعيش يعيش يعيش !!