المتأمل فيما تسمى جبهة الإنقاذ، والتي تضم حمدين صباحي الناصري، والبرادعي ذا العقيدة الأوروبية؛ والسيد البدوي ذا المدنية بكل ألوانها، ثم عمرو موسى التابع للنظام البائد سيجد شيئًا ما في قمة الغرابة، وهو كيف لهؤلاء أن يجتمعوا على مائدة واحدة وأهداف واحدة لإسقاط نظام فاشي "من وجهة نظرهم"! فأي أيديولوجية هذه وأي عزيمة هذه تجعل من هؤلاء الذين أعتبرهم أنا شخصيًا بمثابة عرائس الماريونيت التي تحركها المادة والمصالح الشخصية كيفما تشاء! على النقيض تمامًا الإخوان المسلمين المتحكمون الآن في حكم مصر ثم السلفيون حديثو السياسة ومن بعدهم من انشقوا عنهم كالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وحزب الوطن الجديد!. منذ عدة أيام وأنا أتصفح التلفاز فإذا بي أفاجأ بنادر بكار المتحدث باسم حزب النور في حوار مع محمود سعد، وكان في الطرف الآخر أحمد سعيد - أحد الداعين بمعرفة وضع الرقص في الشريعة!- بدأ الحوار بعتاب لنادر بكار بل اتهام على تستره على مواقف الإخوان بداية من تمرير الدستور وصولًا للأخونة التي يتحدث عنها الآن؛ وبين هذا وذاك نظرات كان بها كثيرًا من الشماتة وجدتها في عيني الإعلامي محمود سعد وإيماءات بالرأس من أحمد سعيد توحي بالرضا الكامل عما يقوله نادر بكار وكأن الاثنين يقولان له (كنت فين من زمان !).. لست هنا بصدد أحقية أي شخص بنقد أي حزب أو حاكم بل الحق كل الحق لأي أحد في ذلك.. فحزب النور المعروف عنه عدم المراوغة والاهتمام بالعلم الشرعي والبت في كل الأمور بسيف من حديد بدا وكأنه جبهة الإنقاذ في ثوب سلفي!!.. بداية بمقابلة شفيق قبل إعلان النتيجة! ثم مقابلة جبهة الخراب! برغم أنه لا أحد ينكر ما كان يتعرض السلفيون من مضايقات في العهد البائد. لم أكن أتخيل كم القنوات التي تصارعت على استضافه خالد علم الدين - مستشار الرئيس المقال - لدرجة وصلت إلى التشاجر عليه! وكلنا يعرف ما السبب في ذلك!. أيما كان اتفقنا أو اختلفنا مع ما قامت به الرئاسة من إقالة خالد علم الدين فحسبهم أنهم لم يشردوا بالرجل ولم يتفوهوا بأي شيء عن إقالته سوى تصريحات طفيفة. أخطأت الإخوان عندما تلاشت وتجاهلت حزب النور في العديد من الخطابات السياسية بدعوى أنه ليس من حق حزب النور أن يشارك في العملية السياسية بكثافة وأنهم يجب عليهم أولًا أن يشاهدوا ثم يطبقوا وقد يكون هناك سببًا آخر متمثلًا في أنهم لم يجاهدوا من أجلها يومًا!. ونتيجة لهذا اعترض يونس مخيون على تجاهل ترتيبه في إلقاء كلمة حزبه في المؤتمر الوطني مع الرئيس رغم أنه كان من الأحرى أن يكون هو الخادم للقوى الأخرى باعتبارهم ضيوفًا على الحركة الإسلامية عمومًا، وفي منزلهم! ثم زعم نادر بكار بأنه يملك ملفات بأسماء ثلاثة عشر ألف موظف إخواني في الدولة، وهذا الرقم، بهذه المعلومات، لا تملكه إلا جهات أمنية، فالتهمة عند حزب النور لها معنى إضافي جديد، لكنه أكثر عجبًا هذه المرة، فقد طالب ياسر برهامي، في حوار مع صحيفة المصري اليوم، منشور بتاريخ 1/3/2013، بمنع تعيين أعضاء الإخوان في مناصب مستشاري ومساعدي الوزراء! ثم بعد ذلك الهجوم توّجه بالهجوم على المشايخ السلفيين في "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" حينما جعلهم مجرد تبع للمهندس خيرت الشاطر، وإعلانه انتفاء أي أرضية مشتركة تجمع حزب النور بالإخوان لا حاضرًا ولا مستقبلًا وكأن الاثنين لا يرفعان أي راية لتطبيق الشريعة! طالب حزب النور بتغيير الحكومة لضمان نزاهة عملية التصويت، رغم أنه لم يطالب بها لأجل نزاهة التصويت على الدستور؟! يخشى من تزوير الإخوان لانتخابات البرلمان ولم يكن يخشى من تزويرهم للاستفتاء على الدستور؟! أولًا يضيره تزوير الدستور أصلًا؟! حزب النور لم يؤيد الإخوان، إبان حكم المجلس العسكري، في مطالبتهم بتغيير حكومة الجنزوري !! . نتذكر جميعًا، كيف أن عددًا من مستشاري ومساعدي الرئيس الذين كنا نحسبهم أهل ثقة ومواقف استقالوا، ولم يثبتوا في محنة الإعلان الدستوري، وسارعوا للقفز من المركب، أو البكاء على شاشات التلفاز!، وهم قادمون من مواقع ثورية وسياسية وأكاديمية محترمة! حتى وصل الأمر ختامًا بالإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح الذي طالب بانتخابات رئاسية مبكرة وبذلك وصلت الحركات الإسلامية كلها لحالة من التشرذم والانفصام الشخصي المتعمد والجهل بفن التعامل مع الآخر وأولهم الإخوان المسلمين الذين تجاهلوا العديد من تلك الجماعات الإسلامية وفشلوا في احتوائها باعتبارهم الأقدم وولاة الأمر حتى وصل إحساس لدي العديد أن الإسلاميين هم أنفسهم أعداء الوطن متمثلًا في جبهة إنقاذ إسلامية! أرى نعمة الله في طريقها إلى الزوال إن استمر الوضع هكذا لنتوج مرحلة أخرى من الانتكاسة بعد نكسة إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924حينها سيكتب التاريخ بحروف من طين كلمات ستوضع بجوار مصطفى كمال أتاتورك أن الإسلاميين بمصر وصلوا للحكم ثم لم يفعلوا شيئًا للدين أو الوطن وقتها لن ينفعنا أي مسميات فالكل في مركب واحد وهنيئًا مريئًا للمتربصين لتلك اللحظة... توحدوا يرحمكم الله.. [email protected]